مدیرة جمعية إحياء التراث المقاوم في لبنان للوفاق:
الأدب المقاوم.. الكلمات رصاصة تُطلَق في وجه العدو
الوفاق/ خاص
موناسادات خواسته
الأدب المقاوم له تاريخ طويل وهو من أهم الأدوات التي يتم إستخدامها في مواجهة العدو في كل موطن وعند كل إنسان حر، وهذا ما نشهده بصورة أكثر توسعاً خلال السنين الأخيرة وكتب المقاومة التي يتم نشرها وتأليفها في مختلف أنحاء العالم وخاصة في دول محور المقاومة، وغالبية المواضيع التي يركّز عليها هذا النوع من الأدب هو المقاومة والشهداء،
وفلسطين.
نشهد في معارض الكتب الدولية أو المحلية التي تقام هناك أجنحة وكتب تختص بهذا النوع من الأدب، واستخدم الأدباء والمؤلفون إحساسهم وقلمهم كسلاح لمواجهة العدو، والكلمات كالرصاصات التي تُطلق في وجه العدو واحدة تلو الأخرى، كما أن هذه الكتب هي كالنور الذي يضيء الطريق للشباب عن طريق سرد حياة وأخلاق الشهداء الذين مضو في هذا الطريق حتى نالوا الشهادة.
أما النساء عندما يقمن بتأليف الكتب وإنشاد الأشعار في هذا المجال، سيضفن نكهة أخرى للكتب، وهي نابعة من إحساسهم المرهف وما يلمسنه من لطافة في هذا المجال.
ومن ضمن هؤلاء الأديبات التي لها أشعار جميلة كثيرة وهي السيدة "نجوى رعد" التي تم أخيراً إزاحة الستار عن كتابها تحت عنوان "ملامح داكنة" في جناح دار المودة بمعرض بيروت الدولي للكتاب، والكتاب يتحدث عن المقاومة ويتخلله قراءة لمقتطفات وحكايا من سير الشهداء. وهي تكتب في صحيفة الأخبار عن الحاجة فوزية حمزة (أمّ موسى) والدة الاستشهادي أحمد قصير والشهيدَين موسى وربيع قصير، التي توفيت في 11 آب 2022 في بلدة دير قانون النهر، حيث تقول: "حيَّرَتني أمّ موسى.. حيَّرني شعاعُ ضوءٍ خافتٍ استقرّ في عينيها الغائرتَين.. قالوا "إنها على هذه الحال منذ خمسٍ سنوات خلت."
جرفتني عواطفي إلى بكاءٍ كنت نذرته صوماً. فمهمَّتي تقتضي التماسك والموضوعيَّة، واستقال سكوتي من منصبه فأطلقت وعداً: "سأقرأ على مسمعَيك ما سأكتبه عن أحمد، وستتعافى ذاكرتك من ألم الفراق".
ثقةٌ لم أكُن أعرف مصدرها، كل ما أردته أن أكسر صمتاً لا يليق بما سمعته عنها. أمّ موسى أمّ الشهداء التي هزّت عرش الاحتلال بصناعتها".
كما أن السيدة "نجوى رعد" مديرة جمعية إحياء التراث المقاوم في لبنان وقد أجرينا حواراً معها في السابق حيث تحدثت لنا عن المقاومة وما تقوم به المرأة المجاهدة في هذه المؤسسة لإحياء التراث وتأليف سير الشهداء، أما في ظل ما يجري هذه الأيام في غزة وتأثير الأدب المقاوم في مواجهة العدو، طلبنا من السيدة لكي تكتب لنا عن رأيها وإحساسها المرهف بالنسبة لهذا النوع من الأدب، وخاصة عن كتابها الذي تم إزاحة الستار عنه في بيروت أخيراً، وفيما يلي ما كتبته الأديبة اللبنانية نجوى رعد.
المقاومة رشحة من جمال الله
المقاومة هي رشحة من جمال الله، أعطت اللغة معانٍ جميلة مقاومة تعكس روح الجهاد والإنسانية.
هكذا جاء الأدب المقاوم كأحد أشكال التعبير الإنساني عن مجمل عواطف موهوبي المجتمعات المقاومة، وأفكارهم، وخواطرهم، بأرقى الأساليب الكتابية التي تتنوع ما بين نثرٍ وشعر...
ولأن لفظة الأدب تتضمن اللغة، الصرف، الاشتقاق، والنحو ثم تحذو نحو التاريخ والجغرافيا واللسان والفلسفة، جاء الأدب المقاوم ليعطي مجالات واسعة على ما يُكتب من الأعمال الشعرية والنثرية لغاية ايصال معانٍ معينة تنساب من ريشة الجمال الإلهي.
ولأن المقاومة فعل الشرفاء في مواجهة الاستكبار ولأنها من اسمى معاني الإنسانية أخذ الأدب فيها منحىً خاصاً يتماهى مع ما أوجبه الولي الفقيه الامام الخامنئي"حفظه الله" من مفهوم جهاد التبيين ليصيّر النصوص النثرية والقصائد الشعرية إلى سلاح فعال في مواجهة الأعداء الذين يتحينون الفرص لتزوير التاريخ وتضليل الأجيال. وقد برز في هذا المجال عدد من الأدباء والشعراء المناهضين للاستعمار في كل أشكاله.
«ملامح داكنة»
كتاب "ملامح داكنة" عن سير الشهداء وجاء في قسم من الكتاب: "صهيوني" و "داعشي"، إنه العدو عينه، لم تتغير فيه سوى بعض التفاصيل، مع لحى أطلقت على وجوه ذات ملامح داكنة. شعر أبومهدي بالتكدّر والضيق، ونظر إلى أبي علي وقال: "ينقضي الزمن مسرعاً ومازلنا هنا، أيعقل أن تتجاوزنا الشهادة كل هذه السنين يا صديقي؟!" استفهام تبعته فاصلة منقوطة، سنوات ثلاث، تلوّنت بعدها رمال البادية بالأحمر القاني.
ونقرأ في جزء أخر من الكتاب: "كان الربيع قد حلّ في ليل حالك مطير، قالوا: "إنه ربيع عربي"، لكن، سرعان ما عُرفت الحقيقة وأتبع القول بعبارة: "سقطت النقطة سهواً، إنه ربيع غربيّ"، وتوالت الأحداث وتسارعت، من دون أن تعير هذه المعرفة شيئاً. تُرى، أيمكن للحقيقة أن تصبح عابرة سبيل تقف على عتبة موت أسود؟!".
وتواصل السيدة "نجوى رعد" في حديثها للوفاق: لعل كتاب "ملامح داكنة"، كان وسيلة من الوسائل التي شاركت المجاهدين في جهادهم ضد العدو التكفيري إذ نشرت فيه سردية للملحمة البطولية التي سطرها المقاومون ضد العدو الداعشي ذي الملامح الداكنة.
كتاب " ملامح داكنة" يبين الأبعاد السياسية والعسكرية للعدو التكفيري وهدفه السيطرة على أحد المواقع المهمة للمقاومة الإسلامية، والذي بسقوطه كان بإمكانهم استعادة مدينة القصير.
بدءا كانت فكرة الكتاب قائمة على مبدأ التوثيق لهذه الملحمة من خلال مقابلة كل من شارك فيها من مجاهدين وقادة ومسعفين، ثم ما لبث أن تم تدوين هذه الروايات الشفهية في قالبٍ أدبي يبيّن للجمهور والأجيال القادمة حقيقة مجريات الأحداث.
وكذلك بإمكان الأديب أو الشاعر أن يدام وينصر القضايا الوطنية بقلمه وأوراقه أو من خلال حكايةٍ تسرد.
ومسكُ الختام مضمون كلام سماحة القائد للكتّاب والمؤرخين حينما قال: "أنتم الدشمة الأمامية في مواجهة الحرب الناعمة".
جيرة مُرّة وقهوة
ومن أشعارها، هناك شعر جميل لفلسطين تحت عنوان: "جيرة مُرّة وقهوة"، جاء فيها:
وقعت الفكرة في حضن اللحظة.. وفي عناق حميميّ.. شهدت القضية مقاربات التضاد.. نهافت الفلاسفة.. كلّ على شاكلته.. والحب في القضية مشاكلة.. والمشاكلة عشق وفناء.. تزوج الأمير وفرحت الملكة.. استشهد التميميّ وزغردت الأمومة.. شبعت البطون من عرس وعرش.. وانتصرت أمعاء عدنان على الموت.. سخرية القدر كانت الشاهد الوحيد.. الأردن وفلسطين والجيرة المُرّة.. غرسان في يوم واحد.. سقوط وارتفاع.. صعود وهبوط.. مُرّة قهوة التشابه.. تلتبس فيها تماهيات الأشياء.. ووقوع الساسة في شرك التمظهر.. الشريك شائك أيها الملوك.. يشبه زوايا نجمة تصدرت جباهكم.. وجرح الجغرافيا بليغ.. ينزف أوطاناً بعمر التفاح.. مذ أرادوا للتفاحة أن تكون سبب.. السقوط.. ويكون الإبليس المسالم البريء.. انتهت مراسم الزفاف.. نام الملك يحلم بعرشه.. واصطفّ حواريّو الملكة يناشدون لطفها.. فيما غفا حسن وهوى يغطي قبر .. والده الشهيد.. يحدثه عن يوم وليلة.. ونجمة بذلتها السماءذات فجر.. وضعتها المعلمة على جبينه ثم أخبرته عن عدل الله في الإختيار.