الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وستة وثمانون - ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وستة وثمانون - ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٤

في ظل العلاقات الجيدة بين الطرفين

كيف استغلت الصين الفراغ الأمر‌يكي في أفغانستان؟

الوفاق/ بسبب الموقع الجغرافي والجيوبوليتيكي لأفغانستان وكذلك وقوعها على الطريق الرئيسي لمرور القوافل التجارية لطريق الحرير، كانت دائمًا محل اهتمام خاص من الصين. بعد أحداث 11 سبتمبر ولأسباب متعددة مثل الوجود البارز للولايات المتحدة الأمريكية في هذا البلد، وزيادة قوة الصين وكذلك المنافسة القديمة بين أمريكا وروسيا، أصبحت هذه الدولة ساحة للمنافسة بين دول المنطقة وخارجها. تشترك الصين في 92 كيلومتراً من الحدود مع أفغانستان، ولهذا السبب ولأسباب متعددة أخرى، تحتل أفغانستان مكانة مهمة في الدبلوماسية العامة لهذا البلد. من أجل تطوير برامجها الاقتصادية والسياسية الواسعة، اتخذت الصين خطوات كبيرة لتحسين علاقاتها مع دول مجاورة مثل أفغانستان وتحاول أن تصور للدول المجاورة أن الارتباط مع الصين ينطوي على العديد من الفرص الاقتصادية والسياسية بالنسبة لها. وبهذا المعنى، تسعى الصين إلى القضاء على الخلافات وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع هذا البلد.

لماذا أفغانستان تهم الصين؟
في القرن التاسع عشر، كانت أفغانستان ساحة للمنافسات الاستراتيجية بين الإمبراطورية البريطانية وروسيا القيصرية. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تقدمت العلاقات بين القوى الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة والصين للنفوذ في المنطقة بطريقة أطلق عليها اسم "اللعبة الكبرى الجديدة".
في هذه الأثناء، نظرًا لوجود حدود مشتركة مع الصين، تحتل أفغانستان مكانة مهمة في الدبلوماسية العامة لهذا البلد. في 13 سبتمبر 2023، قام جاو شيانغ، السفير الصيني الجديد، خلال لقائه مع رئيس وزراء طالبان، بتسليم أوراق اعتماده. من خلال هذا الإجراء، أصبحت الصين أول دولة ترسل سفيرًا إلى أفغانستان بعد تولي طالبان السلطة.
يمكن تحليل إجراء الصين من زوايا مختلفة. على أي حال، أفغانستان هي جارة الصين ومرت سنتان منذ تولي طالبان السلطة في أفغانستان وتمكنوا من تثبيت وضعهم في هذا البلد. في هذه الظروف، من الطبيعي أن ترغب الدول المجاورة لأفغانستان مثل الصين في إقامة علاقات مع هذا البلد.
 الواقع أنه من وجهة نظر الصين، يكتسي النفوذ الاقتصادي في أفغانستان أهمية خاصة، ومع انسحاب القوات الأمريكية من هذا البلد بعد 20 عامًا، ترى الصين الآن فرصة مناسبة لتوسيع نفوذها الاقتصادي في أفغانستان.
أحد الأسباب الرئيسية لأهمية أفغانستان بالنسبة للصين هو استخدام نفوذ هذا البلد لوقف الميول الانفصالية في المناطق الغربية للصين ومقاطعة شينجيانغ.
كما أن تهريب المخدرات وانعدام الأمن في أفغانستان يلحق أضرارًا جسيمة بالصين، لأن الصين استفادت من الوجود الأمريكي طويل الأمد في المنطقة وكان وجود أمريكا عقبة كبيرة أمام الجماعات المتطرفة وسمح للصين بضمان أمنها في شينجيانغ.
ولكن في الظروف الحالية ومع عودة طالبان إلى السلطة، قد لا يكون أمن هذه المناطق مضمونًا. لذلك تسعى بكين إلى تعزيز البنية التحتية في أفغانستان لمنع بالتالي زيادة عدم الاستقرار في أفغانستان وانتشاره إلى بلدان أخرى في المنطقة. من ناحية أخرى، جعل الموقع الجيوسياسي الفريد لهذا البلد كنقطة وصل للممرات الاقتصادية في آسيا الوسطى وجنوب آسيا والشرق الأوسط وشرق آسيا بصفته جسرًا للاتصال بين الشرق والغرب ووقوعه على طريق مشروع الحزام والطريق العملاق، مسؤولي الصين ينظرون نظرة خاصة إلى هذا البلد. سبب آخر لأهمية أفغانستان بالنسبة للصين هو وجود موارد طبيعية ومعدنية غنية جعلت الصينيين يولون اهتمامًا لهذا البلد.
يعتقد بعض المحللين أن السبب الرئيسي لاهتمام الصين بأفغانستان يجب النظر إليه في إطار استراتيجية هذا البلد طويلة المدى لضمان الوصول إلى الثروات المعدنية الاستراتيجية مثل النفط والغاز والليثيوم التي تعد بالغة الأهمية للنمو الاقتصادي لهذا البلد والمنافسة مع دول مثل الولايات المتحدة. مسألة أخرى مهمة بالنسبة للصينيين هي المنافسة مع الهند.
في السنوات الأخيرة، بذلت نيودلهي جهودًا كبيرة لتوسيع نفوذها في المنطقة، وبسبب علاقات طالبان مع باكستان، خصمها اللدود، ليس لديها علاقات جيدة للغاية مع كابول. وهذا بالتالي فرصة لبكين لتوسيع علاقاتها مع طالبان. الحقيقة أن طالبان بحاجة إلى الاستثمارات والمساعدات الاقتصادية في الوقت الراهن، لذلك تعد الشراكة مع الصين خيارًا مناسبًا بالنسبة لهم.
أفغانستان جزء من مبادرة الحزام و الطريق
 ترتبط العلاقات التجارية بين أفغانستان والصين منذ العصور القديمة إلى حد كبير بطريق الحرير القديم وعبور المسافرين والتجار. واستمر هذا الأمر في العصر الحديث أيضًا مع بعض التقلبات، بهذا الاختلاف أنه بدلاً من مرور المسافرين والتجار، لفت تنقل القوى المتطرفة عبر الحدود انتباهًا أيضًا. ومع ذلك، خلال العقود القليلة الماضية، ولا سيما بعد دخول القوات الأمريكية إلى أفغانستان، استمرت العلاقات الاقتصادية بين الصين وأفغانستان في التقدم بشكل تدريجي ولكن مستمر.
 بعد عودة طالبان إلى السلطة في 15 أغسطس 2021، أكدت الحكومة الصينية رسمياً الالتزام بالاتفاقات المبرمة في الحكومات الأفغانية السابقة. وخلال الاجتماع الافتراضي ثلاثي الأطراف لوزراء خارجية الصين وأفغانستان وباكستان في أوائل عام 2022، أكد على ضرورة زيادة التعاون بين الدول الثلاث بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.
 كما واصلت الصين محاولاتها لزيادة نفوذها في أفغانستان باستخدام رافعة الاستثمار مع عودة طالبان إلى السلطة. كان طالبان بحاجة إلى الأموال والتكنولوجيا من الشركات الصينية، ونظرًا لأموالها الضخمة، تسعى الصين للاستفادة من مشروع الحزام والطريق الضخم، ومن الطبيعي أن يتطلب تنفيذ هذا المشروع الضخم إلى جانب موارد البلد المالية، إرساء الاستقرار والأمن على طول المشروع، لهذا السبب وللأسباب المذكورة، تسعى الصين لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع طالبان.
وفي هذا الصدد، استثمرت الصين بكثافة في هذا البلد بعد عودة طالبان إلى السلطة. حاليًا يوجد أكثر من 20 شركة صينية نشطة في أفغانستان، وقد سجل أكثر من مائة شركة صينية حاليًا في وزارة المناجم الأفغانية لإبرام عقود استخراج المعادن في أفغانستان. وبعد عودة طالبان إلى السلطة، دخل ما يقرب من 500 تاجر صيني أفغانستان وفحصوا عن كثب الموارد الطبيعية لهذا البلد.
توسع الاستثمارات الصينية في أفغانستان
في 6 يناير 2022، وقّع طالبان اتفاقية مع "شركة النفط والغاز في آسيا الوسطى سينجيانغ" (CNCP)، إحدى الشركات التابعة للشركة الوطنية الصينية للنفط، لاستخراج النفط من حوض آمو دريا، وهو حقل نفط مشترك بين بلدان آسيا الوسطى وأفغانستان، يغطي مساحة 5.4 كم مربع.
وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان، على تويتر إن هذه الاتفاقية ستشمل استثمار 150 مليون دولار في السنة الأولى و540 مليون دولار في السنوات الثلاث المقبلة. ووفقًا لمجاهد، ستكون حصة أفغانستان من المشروع في البداية 20٪، ولكنها سترتفع في النهاية إلى 75٪ على مر السنين. في يناير 2023، وقعت شركة صينية عقدًا بقيمة 450 مليون دولار لاستكشاف وتطوير احتياطيات النفط في شمال أفغانستان.
 وفي أبريل، أعلن نظام طالبان أنه يجري محادثات مع شركة جوتشين الصينية بشأن استكشاف وتطوير موارد الليثيوم في البلاد، وأفاد ممثلو هذه الشركة برغبتهم في الاستثمار 10 مليارات دولار في مناجم الليثيوم الأفغانية.
ويقدر أن الاستثمار المذكور، في حال تنفيذه، سيوفر أكثر من 120 ألف وظيفة مباشرة ومليون وظيفة غير مباشرة في البلاد. وفي الإضافة إلى ذلك، ستقوم هذه الشركة بإصلاح ممر سالانغ خلال سبعة أشهر وحفر نفق آخر. كما أكدت الشركة أنها بجانب استخراج الليثيوم، ستقوم بتعبيد الطريق بين كومار وغزني وبناء محطة طاقة كهرومائية في المنطقة. وفي أبريل 2023، أعلن وزيرا خارجية الصين وباكستان عن مشاركة أفغانستان في مشروع الحزام والطريق الصيني وزيادة مستوى التعاون الاقتصادي والإنشائي مع كابول.
وفي هذا الصدد، أعلن الطرفان عن طرح مناقصة لبناء سكة حديد كراتشي - مزار الشريف. وبالإضافة إلى ذلك، شدد الوزيران على ضرورة تحرير الأصول المالية لأفغانستان في الخارج. ومن الجدير بالذكر أنه في الظروف الحالية، تم تجميد أكثر من 9 مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي الأفغاني المحتفظ بها في الخارج بسبب المخاوف من استخدام الموارد المالية في الأنشطة الإرهابية. مع مشاركة كابول في مشروع الحزام والطريق، ستتاح الفرصة لبكين للاستثمار بملايين الدولارات في مشاريع البنية التحتية الأفغانية.
تسعى بكين، بسبب منافستها مع القوى العظمى الأخرى في العالم، إلى تقليل دورها في المنطقة وأفغانستان والوصول إلى توازن للقوة معها، ولذلك سعت لكسب ثقة أفغانستان وطلبت عبور هذا المشروع من خلال أفغانستان. وفي 8 يوليو 2023، أعلن نائب رئيس وزراء طالبان أن حكومة طالبان وافقت على استثمار 350 مليون دولار من شركة إنتاج واستثمار التعدين الصينية "دال" في مختلف قطاعات الاقتصاد الأفغاني مثل صناعة الكهرباء وصناعة الأسمنت... إلخ. ووفقًا للأنباء المنشورة، التزم ممثلو هذه الشركة باستثمار 350 مليون دولار كمرحلة أولى في أفغانستان وتشجيع شركات صينية أخرى على الاستثمار في هذا البلد. من ناحية أخرى، التزم مسؤولو طالبان بحماية الأصول المادية والبشرية الصينية في أفغانستان.
استغلال الفرصة
بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وعودة طالبان إلى السلطة في هذا البلد، أظهر الصينيون اهتمامًا كبيرًا بتوسيع التبادلات الاقتصادية مع طالبان واستثمروا بكثافة في مختلف قطاعات الاقتصاد الأفغاني. في الظروف الحالية، ونظرًا للمشاكل الاقتصادية الكثيرة التي تواجهها طالبان، فهي ترحب بحضور الشركات الصينية في أفغانستان.
من ناحية أخرى، تسعى الصين أيضًا لأسباب مختلفة مثل المنافسة مع الولايات المتحدة والهند، والمزايا الاقتصادية وتوسيع نفوذها السياسي والاقتصادي في المنطقة، لتوسيع علاقاتها التجارية مع أفغانستان. ويبدو أنه نظرًا للأسباب المذكورة، سيتوسع الوجود الاقتصادي الصيني في أفغانستان في المستقبل.

البحث
الأرشيف التاريخي