ووجهان لعملة واحدة؛
البهائية كالصهيونية كلاهما يشكلان خطراً على المسلمين
الوفاق / وكالات - ظهرت البهائية في إيران في القرن الثالث عشر الهجري واستمرت كحركة ضد التقاليد الدينية والاجتماعية التي تحكم المجتمع. وكان ظهور هذه الحركة في إيران في زمن حربها مع الروس وانتشار الحداثة الغربية فيها، وبسبب الاتصال المتزايد بالثقافة الأوروبية، اعتنق العديد من المفكرين هذه الثقافة وكذلك من عامة الناس، وقد وفر استبداد وظلم الشاه الأرضية في ظهورها وغيرها من الحركات الإجتماعية.
ففي ظل تلك الأوضاع تشكلت عدة حركات تغييرية في إيران، وفكر البعض في تغيير الثقافة الوطنية الحاكمة وإحداث البدع الدينية. ونتيجةً لهذا التفكير ظهرت طوائف مثل الشيخية والبهائية إلى جانب المدارس العلمانية ووقفت دائماً في مواجهة الحركات الإحيائية للتقاليد القومية الدينية وأيدت الحركات الكاسرة للتقاليد. وقد انتبه الإمام الخميني(قدس) في بداية النضال ضد النظام البهلوي، الى خطر هذه الجماعات وخاصةً الحركة البهائية على الإسلام والبلاد، فهو فيما يتعلق بمشروع قانون الجمعيات الولائية والإقليمية، لم يتجاهل احتمال أنه "ربما تم إعداده من قبل جواسيس اليهود والصهاينة لتدمير الاستقلال وتعطيل الاقتصاد والبلاد".
وكان يعتقد مع غيره من العلماء أن البهائيين في إيران عملاء "لإسرائيل" وأن مشروع القانون هذا مصمم في الغالب لإيصالهم للحكم في إيران. وتتجلى حساسية الموضوع عندما يتبين أن البهائيين اعتبروا إيران أرض البهائية الثانية بعد "إسرائيل"، مظهرين في خرائطهم أهميتها الكبرى بالنسبة لهم.
لذا أصر الإمام(قدس) على العلماء بتنبيه الناس من خطر هذه الفرقة، وفي لقاء موجه لعلماء يزد قال: "عليكم أيها السادة الانتباه إلى أن كثيراً من المناصب الحساسة في البلد باتت في أيدي هذه الطائفة، وهم في الحقيقة عملاء "إسرائيل". وخطر "إسرائيل" قريب جداً من الإسلام وإيران. فالاتفاق معها ضد الدول الإسلامية إما تم أو سيتم، ومن الضروري إعلام الناس بكافة طبقاتهم الإجتماعية المختلفة بحقيقة الأمر، حتى نتمكن من منع ذلك في الوقت المناسب. اليوم ليس يوم التصرف مثل سلف صالح، سوف تخسر كل شيء بالتزامك بالصمت والانسحاب".
الحركة البهائية والنظام البهلوي
تحدث الإمام الخميني (قدس) عن "التسهيلات التي قدمتها الحكومة لسفر ألفي شخص أو أكثر من الطائفة المرتدة"، إلى جانب دفع العملة الأجنبية وخصم على تذاكر لحضور ندوة "ستقام في لندن"، في حين انتقد المشاكل التي يسببونها لحجاج بيت الله الحرام، معتبراً ذلك دليلاً على "سوء نوايا الحكومة".
وقد وافق العديد من علماء الدين على وجهة نظر الإمام (قدس) معتبرين أن هدف مشروع القانون فرض سيطرة البهائيين على إيران، وقال اية الله فلسفي، الذي كان يعتبر المتحدث الرسمي باسم رجال الدين في ذلك الوقت، لممثل الحكومة: "الغرض من خطاب الموافقة هذا ليس السماح للنساء بالمشاركة في الانتخابات. إن صحبة النساء ليست مهمة لدرجة أن جميع رجال الدين يثورون ضدها، إن رسالة الموافقة هذه هي مؤامرة على النبي الكريم (ص) وهي سبب لتدمير قوة القرآن الكريم وهيمنة العناصر البهائية القذرة على المسلمين".
استند تحليل رجال الدين إلى خلفية تاريخية وتنبؤ دقيق للغاية، فما أن يحصل البهائيون على دعم الحكومة حتى يسيطرون على البلاد، ويبدأون في إذلال المؤمنين وفرض أنفسهم عليهم. على سبيل المثال، أحد البهائيين الذي أصبح المدير الإداري لمتجر الفردوسي، سخر من إحدى الموظفات المسلمات لإرتدائها الحجاب وهددها بخلعه وعلى وجوب الإفطار في شهر رمضان، وإلا تعرضت للطرد من العمل، ومع الحرية العملية التي اكتسبوها، حاول البهائيون "الترويج لموضة الملابس والتعري في هذا البلد" وفقًا للأوامر الصريحة من أمريكا وبريطانيا الذين توقعوا بأن:"هؤلاء المسلمون سيهلكون أخيرًا على أيدي البهائيين. أنهم سيذهبون وسيزدهر عالم حضرة بهاءالله". ومن ناحيةٍ أخرى، كانت العلاقة بين البهائيين وإسرائيل علاقة متينة للغاية تقوم على المصالح المشتركة مع عدو مشترك هو المسلمين.
تاريخ العلاقة بين الحركة البهائية و" إسرائيل"
تعود العلاقات البهائية و"إسرائيل" إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، وذلك عبر الزعيم البهائي الثاني عباس أفندي (عبد البهاء) الذي كان يتجسس لصالح إنجلترا، فهو خدم في صفوف الجيش البريطاني في مدينة عكا ضد المسلمين العثمانيين، وتم تكريمه بلقب "السير" وحصل على وسام "الفارس هود"، ولقب عباس أفندي، وعاش تحت دعم القوات البريطانية المتمركزة في فلسطين، ودفن في مدينة حيفا
بعد وفاته .
ومنذ ذاك التاريخ أصبحت مدينة حيفا، باعتبارها مدينة مقدسة للبهائيين، مركزاً لتجمعهم. بعد قيام حكومة "إسرائيل " الغاصبة، أصبحت أرض فلسطين المركز الرئيسي للبهائية، وكانت حكومة "إسرائيل" أول حكومة تعترف بالبهائية كدينٍ رسمي.
بداية تشكل الحركة البهائية في فلسطين
مع وصول حضرة بهاءالله إلى عكا، بدأت الحركة الرئيسية للبهائية وتشكلها، هذه المدينة التي أصبحت مكان لقاء البهائيين. حتى الحرب العالمية الأولى كانت فلسطين جزءاً من الدولة العثمانية ولم يكن للبهائيين حرية العمل فيها، لكن بعد تلك الحرب وبسبب اهتمام البهائيين وارتباطهم بالصهيونية زاد نشاطهم فيها، ومع تشكيل حكومة "إسرائيل" الغاصبة وتقارب المصالح بين الطرفين، نشأت رابطة بين البهائية وبينها.
وتعود العلاقات الرسمية بين البهائيين والإسرائيليين إلى الحرب العـالمية الأولى، فكان "عباس أفندي" يتجسس لصالح البريطانيين في عكا في هذه الحرب، وكان عملاء الحكومة البريطانية من أمثاله منتشرين لتنفيذ خطط البريطانيين في الأراضي العثمانية ونشر الفوضى.
وفي نهاية الحرب العالمية الأولى -بينما كان العثمانيون يخوضون حربًا مع إنجلترا- أصدر «آرثر جيمس بلفور» إعلانه الشهير عن إنشاء «وطن قومي لليهود» في فلسطين (نوفمبر 1917م). كان جمال باشا، القائد العام للقوات العثمانية، قد قرر إعدام عباس أفندي بتهمة التجسس وتدمير المراكز البهائية في عكا وحيفا، لكن الحكومة البريطانية دعمت عباس أفندي بقوة، وأصدرت وزارة الخارجية في ذلك الوقت، فخامة اللورد بلفور، أمراً إلى الجنرال ألنبي في فلسطين تؤكد فيه على ضرورة تقديم الحماية له. وبوفاة عباس أفندي ودفنه في حيفا بإسرائيل (1340م)، أصبحت هذه المدينة مقدسة عند البهائيين وأصبحت مركز تجمعهم. وتولت الهيئة المركزية للبهائية في حيفا، وهي هيئة مكونة من تسعة أعضاء في مبنى يسمى بيت العدل الأعظم، قيادة جميع المؤسسات والمنظمات البهائية ودعمها وتوجيهها.
هذا وقد أعربت السفارات والقنصليات البريطانية في دول الشرق الأوسط عن أسفها وتعاطفها لوفاة الزعيم البهائي عباس أفندي، ففور علم السيد "ونستون تشرشل" وزير المستعمرات في الحكومة البريطانية بخبر وفاته، أرسل برقية إلى "السير هربرت صموئيل" طالباً منه نقل أسف الحكومة البريطانية وتعازيها إلى الجامعة البهائية. وكذلك شارك في مراسم تشييع زعيم البهائيين عباس افندي "هربرت صموئيل" اول مندوب سامي بريطاني في فلسطين، وقال الضابط السياسي البريطاني "رونالد ستورز" عن جنازته: "كنا على رأس المشيعين الذين كانوا يتألفون من جميع الأديان - صعدنا منحدر جبل الكرمل بخطوات بطيئة، وهذه الدرجة من الاحترام المتبادل والحزن من الناس العادية، بقيت محفورة في ذاكرتي".
تغلغل الحركة البهائية في أركان النظام البهلوي
بدأ تأثير العناصر البهائية في التنظيم الحكومي لإيران منذ زمن رضا شاه. وبسبب اغترابه عن جسد المجتمع الإيراني وتقاليده، "عيّن رضا شاه أشخاصًا في مناصب حكومية مهمة كانوا، مثله، غرباء أو معارضين لهذا المجتمع. وهكذا، قام بتوظيف أشخاص ينتمون إلى مجموعات دينية معينة، وخاصةً البهائيين، في الإدارات الحكومية، الذين سرعان ما أصبحوا "القوة السياسية والاقتصادية العليا في إيران"، حتى أن رضا شاه قام بتعيين بهائي يُدعى "أسد الله صانعي" كمساعد خاص لولي العهد. وصانعي فيما بعد حصل على وظائف مهمة.
وقد أثار نفوذ وقوة البهائيين بعد سقوط رضا شاه رد فعل آية الله البروجردي. بدأ آية الله البروجردي، دعمه لخطابات السيد فلسفي اللاذعة التي تبثها الإذاعة، والموجهة ضد تحركات البهائيين.
لقد تغلغل البهائيون كثيراً في الإدارات الحكومية حتى أن الطبيب الخاص للملك كان ضابطاً بهائياً يدعى عبد الكريم ايادي. كان الدكتور مقرباً من الشاه لدرجة أنه كان يذهب إلى المحكمة كل يوم ويزور ثريا، ملكة إيران. وعندما وصل صراع رجال الدين ضد البهائية إلى ذروته توقف عن زيارة ثريا. "شعرت ثريا بقلق شديد وسألت الشاه عن الأمر، فقال الشاه: ولد الدكتور أيادي في عائلة بهائية، وفي هذه الأيام قام أكبر مجتهد في طهران بتحريض الناس ضد هذه الطائفة الدينية". بعد أن هدأ التمرد ضد البهائيين، عاد آيادي من إيطاليا إلى البلاط الإيراني وأصبح العنصر الأقوى في السياسة الإيرانية.
ونتيجةً لدعم النظام، اكتسب البهائيون نموًا سريعًا ونفوذًا في الحكومة في فترة قصيرة من الزمن، لدرجة أنه وفقًا لتقرير أعده السافاك عام 1972 م، تم تحديد أسماء 112 ضابطًا يعملون في مناصب حساسة في الجيش والشرطة والدرك و56 موظفاً رفيعي المستوى في المناصب العليا، وتعتبر هذه الوظائف من أكثر المناصب حساسية من الوزارة إلى رئيس مكتبة الجيش. ومن الواضح أن القائمة التي أعدها السافاك ليست قائمة كاملة للبهائيين العاملين في القوات المسلحة والمكاتب الحكومية.
وفي فترة قصيرة من الزمن، تزايد عدد البهائيين بشكل كبير وشغلوا وظائف حساسة، حيث تم تعيين تسعة وزراء بهائيين في حكومة الحديدة. وبالإضافة إلى احتلالهم مناصب عسكرية وسياسية حساسة، فقد سيطروا أيضًا على العديد من الموارد الاقتصادية. كان "يزداني" رأسماليًا بهائيًا معروفًا ومساهمًا في البنك الإيراني وبنك التنمية الزراعية، وكان ثابت باسال أحد كبار الرأسماليين بهائي أيضاً، وجميع المساهمين في شركة زمزم (بيبسي كولا) كانوا بهائيين، حتى المراكز الثقافية مثل تلفزيون إيران كان يديرها بهائيون.
البهائيون في إيران، مثل غيرهم من البهائيين في العالم، يعتبرون التجسس لصالح إسرائيل واجبًا مشرفًا. لقد كانوا منتشين بانتصار إسرائيل وقالوا رسميًا: "لقد تم الاعتراف بدولة إسرائيل باعتبارها بطلة العالم في حربي 1946 و1947. نحن، الجامعة البهائية، نشيد بنشاط هذا الشعب اليهودي العزيز. لدينا جاسوس في كل دائرة من دوائر إيران وفي جميع الوزارات، ولقد كان البهائيون الإيرانيون متعجرفين للغاية لدرجة أنهم جمعوا مبالغ ضخمة من المال لمساعدة الجيش الإسرائيلي.
ختاماً لقد أدرك الإمام الخميني (قدس) الغرض من إقرار مشروع قانون الجمعيات الولائية والإقليمية عام 1941 وأدرك أن هذا القانون كان من أجل الدولة وأن البهائيين يعتزمون الاستيلاء على المناصب السياسية والاقتصادية، وأن أهدافهم تتماشى مع أهداف إسرائيل والتجسس لصالحهم.