الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وستة وسبعون - ١٢ نوفمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وستة وسبعون - ١٢ نوفمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

دور حركة التعبئة الجهادية في بناء روحية التضحية لدى الإنسان المؤمن

الوفاق / وكالات
انطلق حزب الله عام 1982م  كحركة جهادية مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي بهدف تحرير الأراضي اللبنانية لا سيّما منطقة الجنوب اللبناني من قوات الاحتلال وعملائه، منذ أن تأسَّس لازمه أمر أساسي في بنيته التنظيميّة، وهو وجود قوات رديفة لمقاتليه الأساسيين أُطلقَ عليها إسم "قوات التعبئة". نُسلط الضوء في مقالتنا على قوات التعبئة ومشاركتهم في كل الميادين من ميدان الدفاع والتربية والإعلام والفن والعلم وفي مساعدة المستضعفین والمحتاجین، وفي معالجة مختلف القضايا وكذلك عن صفات الأشخاص الذين تتوجّه إليهم عملية التعبئة والتربية هذه.
حركة تهدف إلى بناء الشخصية الملائمة للخط الجهادي
إنّ حركة التعبئة الجهادية المنتشرة في صفوف المجاهدين وأماكن عيشهم ووجودهم في المجتمع، هي حركة أساسية في رفد مجمل قضية الجهاد في الإسلام، بالعدد الوافي من الرجال المتأهبّين للقتال في سبيل الحق، وبالتالي فهي حركة تهدف إلى بناء الشخصية الملائمة للخط الجهادي. تُعتبر التعبئة حركة اجتماعية شاملة، تجمع المجاهدين الملتزمين الساعين نحو هدفٍ سام ورفيع، والذين ينطلقون من بين أناسهم وأهلهم ومجتمعهم بكل صدق وإخلاص وحماس ليشكلوا حركة واعية تهدف إلى الوقوف بوجه الطاغوت وأتباعه، ونصرة الحق وأهله.
وهي تعمل على المشارکة في میدان الدفاع وفي میدان العلم وفي ساحة الفن وفي البناء وفي السیاسة وفي الثقافة وفي مساعدة المستضعفین والمحتاجین، وفي الإنتاج، وفي معالجة مختلف القضايا، وفي أيّ عمل خیري؛ حرکة التعبئة هذه هي حرکة جماهیریة شعبیة لأجل الناس ومن صمیم الناس ومنبثقة من الشرائح كلّها، من النساء ومن الرجال ومن الشباب ومن الشیوخ ومن الناشئة ومن الطبقات والقطاعات المختلفة. وهي لها مميّزات أساسية، يتضح لنا دورها في التحوّلات والتغيرات الثقافية والسياسية في المجتمع، أهمها:
التعبوي في حركة دائمة
لا ينسجم الفكر التعبوي مع السكون والركود، لذلك فالتعبئة هي حركة ونشاط دؤوب، لأنّ القضية سامية والهدف كبير وخطير، خاصةً في ظل التقاعس واللامبالاة من قبل الكثيرين في المجتمع، وعليه كان تشكيل التعبئة منذ البداية مندرجاً تحت شعار مقاومة الظلم والاستكبار والتصدّي لذلك بكل شجاعة ووعي وصدق.
التعبئة حركة شاملة
ليست الحركة الظاهرية لمجموعة ما من الناس دليلاً على وجود فكرٍ ووعي أصيل خلفها، بخلاف حركة التعبئة التي تهدف إلى بناء شخصية مجاهدة. فالتعبئة حركة شاملة وسريعة في المجتمع تسعى لاستيعاب أكبر قدر من الناس لضمهم تحت لواء التعبئة الجهادية ضد أعداء الله.
التعبئة حركة ذات هدف
تتميّز بشكل أساسي عن كلّ التشكيلات والتحرّكات الأخرى بأنّها تتحرّك نحو هدفٍ معلوم، محدّد مسبقاً.هي إذن، حركةٌ  دوافعها وأهدافها واضحة، فلذلك هي تسير بانتظام ودقّة وببصيرة ووضوح، وبثبات ويقين ببركة وجود الهدف الواضح والسليم.
التضحية والإيثار
تسعى حركة التعبئة الجهادية إلى بناء روحية التضحية في الإنسان المؤمن. فالمجاهد هو شخص يُضحّي بالمال، بالروح، بكلّ ما يتعلّق أو يُحبّ، ويُقدِّمه رخيصاً في سبيل تحقيق ذلك الهدف المنشود، فأمام سمو الهدف كل شيء يصغر في عين التعبوي المجاهد، ولا تُعدّ له أية قيمة، ولا تحزنه أو تضايقه التضحيات ومواجهة بعض الخسارات، أو فقدان بعض الملذات الدنيوية، لذلك لا معنى عند المجاهد للتوقّف مهما بلغت المصائب وحلّت الابتلاءات وعظمت التضحيات. إنّ كلّ هذه الخصوصيّات والمواصفات التي ذكرناها تجعل نمط حياة التعبويّ مختلفاً عن الآخرين الذين لا يتمتّعون بها، فالالتزام العمليّ بهذه المعايير والمواصفات سيؤدّي إلى نمط خاصّ في الحياة هو نمط الإسلام والإنسان المثاليّ، والتعبويّ أصلاً هو المسلم المثاليّ، والتعبئة قبل أن تكون منظّمة من تشكيلات إداريّة أو تنظيميّة، هي عبارة عن فكر وثقافة وروحيّة، والمطلوب من الإنسان أن يمتلكها حتّى يكون تعبويّاً.
التعبئة ابداع الإمام الخميني (قدس)
يذكر السيد علي الخامنئي (حفظه‌الله) بأن الإمام الخميني‌(قدس) هو من أسّس التعبئة من قلب الشعب. فيُعرفها بأنها لم تكن شيئاً منفصلاً عن الجماهير فهي نفس هؤلاء الناس الموجودين في مختلف شرائح الشعب - في الجامعات و المزارع و السوق وشتى الأجهزة و المؤسسات المسؤولة و غير المسؤولة - لكنهم في الوقت ذاته تعبويون و من ضمن منظومة التعبئة.
التعبئة في الواقع انتخابٍ خاص من بين أبناء الشعب، إنها تُمثل مجموع الشعب، هذه هي التعبئة. ولقد تنامت وتوسّعت يوماً بعد يوم، وظهرت بصورةٍ بارزةٍ عظيمةٍ مذهلة. وإنّ الكثير من الشهداء هم من التعبويين الذين نزلوا إلى ساحات الدفاع المقدس في بادئ الأمر بهذه السمة، من دون أن يكونوا متفرّغين أو موظفين، أمثال الشهيد "باقري" والشهيد "كاظمي" والشهيد "بروجردي" وغيرهم الكثير؛ هذا في ساحة الجهاد والمعركة. و
كذلك الحال في ميدان العلم، فإنّ الكثيرين ممّن حقّقوا إنجازات كبيرة في ساحة العلم والتكنولوجيا، من أمثال شهداء الطاقة الذرية - بمن فيهم "رضائي - نجاد" و"أحمدي روشن" و"شهرياري" و"علي محمدي" وغيرهم- الذين أدّوا دوراً  بارزا في المسائل التقنية النووية الهامة، وهؤلاء جميعاً يدخلون في عداد العناصر التعبوية.
الدور الجهادي للتعبئة في ايران
بعد انتصار الثورة وبداية الحرب المفروضة التي شنّها نظام صدام حسين البائد على الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، وقبل أن يبرز الدور العسكريّ للتعبئة والتضحيات التي قدّمها عناصرها في مواجهة الحرب المفروضة على الجمهورية ، برزت روحيّتهم العالية في كثير من المجالات، مثل خدمة المحرومين، إذ كانوا يذهبون إلى القرى البعيدة والمحرومة والنائية لمساعدة الناس في الحصاد والزراعة. ولاحقاً، تطوّرت الأمور أكثر وأخذت طابعاً مؤسّساتيّاً، فظهرت مؤسّسات كثيرة مثل جهاد البناء التي قامت بالكثير من المهام والنشاطات بهدف خدمة الناس. وكان من مهام التعبويّين أيضاً توفير الأمن في كثير من المناطق التي كانت ترزح تحت تهديد الأشخاص الذين كانوا ضدّ الثورة.
كذلك كان لهم دورٌ أساسي وفعال في  توفير الأمن وحفظه، إذ وقفوا جنباً إلى جنب مع الجيش الإيراني والحرس الثوري الإسلامي، اللذين ما كانا يستطيعان أن يقوما بواجبهما والتصديّ لهجمات العدوّ لولا كلّ ما قدّمه أفراد التعبئة، عندما ننظر إلى الأيام الأولى بعد انتصار الثورة نجد أن الشباب المندفعين كانوا حاضرين وكانوا يحددون مكان الحاجة، وكانوا ينخرطون بشكلٍ سريع ويلبونها، لم يتركوا مجالاً أو ساحة خالية من حضورهم. بعد الحرب، أصبحت التعبئة متجهةً نحو ضم الدور العسكري لها، ومأسستها وتنظيمها.
قوات التعبئة في المقاومة الإسلامية
تتميَّز مختلف جيوش العالم النظامية بضمّها ما يعرف بـ"جنود الاحتياط"، وهم الجنود الذين أنهوا مدة الخدمة العسكرية الإلزامية أو خرجوا من الخدمة لأسباب مختلفة، وعادوا لممارسة حياتهم الطبيعية، ولكن يمكن استدعاؤهم للالتحاق بالمؤسَّسة العسكرية للدولة عند حصول أيّ حالة طارئة أو كارثة وطنيّة أو حرب تتهدَّد البلاد. ومنذ أن تأسَّس حزب الله خلال ثمانينيات القرن الماضي، من أجل مقاومة الاجتياح والاحتلال الإسرائيلي للبنان، لازمه أمر أساسي في بنيته التنظيميّة، وهو وجود قوات رديفة لمقاتليه الأساسيين أُطلقَ عليها اسم "قوات التعبئة".
من هم أفراد "قوات التعبئة" في المقاومة؟
من ناحية التعريف العام، هم أفراد ينتمون تنظيمياً بشكلٍ تطوّعي إلى المقاومة الإسلامية، ويحملون الخلفية الإيديولوجية نفسها، ويعملون في كل المصالح المدنية داخل لبنان (منهم المزارع والمهندس والطبيب وعامل البناء والموظف والأستاذ والطالب...)، ويلتحقون بالمقاومة خلال شنّ العدو الإسرائيلي أيّ حرب على لبنان أو عند وجود أي خطر يتهدّدها.
وفق إعلام العدو الإسرائيلي والعديد من التقارير الأجنبية والمحلية، فإنَّ عدد "قوات التعبئة" في المقاومة يتراوح بين 40 و60 ألف فرد يتوزعون على مختلف المدن والقرى اللبنانية التي تتواجد فيها المقاومة بشكلٍ خاصّ.
والجدير ذكره إنَّ ميدان عمل "قوات التعبئة" لا يقتصر على العمل العسكريّ فحسب، فهو يدخل في كلّ المجالات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية... وهو يضم النّساء كما الرّجال. وتتميَّز "قوات التعبئة" لدى المقاومة في لبنان بأنها تضمّ كل الفئات العمرية، فترى فيها الفتى الصغير والشّاب والشّيخ الكبير والنساء وكل فئات المجتمع. ولطالما كانت "قوات التعبئة" السند الأساسي للمقاومة في قتالها مع العدو الإسرائيلي، من حيث انتشارها على المحاور والجبهات وخطوط التماس في جنوب لبنان خلال الثمانينيات والتسعينيات وصولاً إلى التحرير في العام 2000 ،  ولطالما كانت شريكة أساسية للمقاومة العسكرية في صنع الانتصارات وفي مساعدة النّاس أيضاً للحفاظ على حقوقهم والدّفاع عن كراماتهم.
أخيراً نختتم بكلام السيد القائد (حفظه الله) عن أن الحضور التعبوي يعني حضور الناس، وأينما وُجدت قوات التعبئة، فذلك يعني أن الشعب حاضر وموجود في تلك الساحة، فوجود التعبئة هو في سبيل الدفاع عن المبادئ والقيم والهوية الثورية والوطنية ومساعدة الشعب وهذا البلد لبلوغ تلك المراحل التي تليق به، والتي راح يحثّ الخطى باتجاهها. فإن هذا هو المراد من وجود قوات التعبئة، حيث يتعيّن عليهم الدفاع.

البحث
الأرشيف التاريخي