الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وخمسة وسبعون - ١١ نوفمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وخمسة وسبعون - ١١ نوفمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

التعليم سلاح الفلسطيني للبقاء

محاولات تجهيل الطالب الغزي ... استهداف ممنهج للمؤسسات التعليمية


تعددت ألوان وميادين الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الصهيوني منذ لحظة ميلاد القضية الفلسطينية قبل النكبة وبعدها وحتى اليوم، بدءاً من القضايا السياسية الكبرى وانتهاءً بتفاصيل حياة الإنسان الفلسطيني المقيم على أرضه والمنفي في الشتات. ومنذ اليوم الأول للنكبة الفلسطينية، كان التعليم واحداً من أهم ميادين الصراع على وعي النشء الفلسطيني بقضيته وهويته الوطنية، ولذلك بذل الاحتلال الصهيوني وما زال يبذل جهوداً متواصلةً لسياسة التجهيل للشعب الفلسطيني سواء في المدارس العربية داخل الخط الأخضر أو في الضفة وقطاع غزة في مراحلٍ سابقة.
التعليم هو سلاح البقاء للفلسطيني
ما زال الفلسطيني يضع علمه أمام عينيه مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، فهو الأداة الأقوى التي يبرز بواسطتها تفوقه في تعزيز صموده أمام الاحتلال وجبروته، وبحقه بالوجود والحياة على وطنه. فبالعلم يتحدى الفلسطينيون أكاذيب الاحتلال، ويتصدون لسياسة التجهيل التي اتبعها منذ أن وطأت قدماه الأرض الفلسطينية، بالرغم من كل المحاولات التي اتبعها وما زال يتبعها الاحتلال من عرقلة العملية التعليمية ووضع الحواجز وفصل الطلاب عن مدارسهم بفعل الجدار بالضفة الغربية، وقصف المدارس وتدميرها كما هو حال قطاع غزة، وأسرلة التعليم في القدس وحرمان فلسطينيو 48 منها بالداخل، إلا أن الفلسطيني ورغم كل تلك الظروف متمسك بعملية التعليم لأنه على يقين بأنها السبيل الوحيد في نيل حريته.
السلاح في وجه القلم
من منا لم ير صورة ذلك الطفل الفلسطيني ذو الثماني سنوات الذي أوقفه جنود إسرائيليون بأسلحتهم في طريقه إلى المدرسة، ويأمرونه بترك حقيبته على الأرض والوقوف إلى الجدار رافعاً يديه، ويتابعون توجيه التعليمات له، وهو يستجيب لأوامرهم ثم يكمل طريقه. تلك الصورة  كفيلة لوحدها أن تظهر تحكم القوة العسكرية الإسرائيلية في عملية التعليم الفلسطيني، وتُشير إلى معاناة الطالب الفلسطيني في رحلة التعليم من القمع الإسرائيلي.
معدلات الأمية في فلسطين هي الأقل في العالم
وقد أظهرت المؤشرات أن فلسطين من أقل المعدلات أمية في العالم، حيث بلغت نسبة الأمية بين الأفراد 15 سنة فأكثر 2.2% وأن معدل الأمية بين الأفراد الفلسطينيين 15 سنة فأكثر في أراضي عام 1948، بلغ 3.6% ووفق النتائج الجديدة، فقد أظهرت وجود انخفاض في معدل الأمية في فلسطين بنسبة 84%في العقدين الماضيين، إذ انخفض معدل الأمية بين الفلسطينيين 15 سنة فأكثر من 13.9%عام 1997 إلى 2.2%في عام 2022.
واستناداً الى هذه البيانات فقد شكلت التحديات التي يفرضها الاحتلال دافعاً قوياً للفلسطينيين من أجل التصدي له، ومواجهته بتطوير ومواكبة العلم عبر بناء مؤسسات تعليمية كفيلة بتخريج أفواج علمية تواكب هذا التطور، وتُعزز من ثقافة المجتمع، وإيلاء المناهج التعليمية وأساليب التدريس في المدارس أهمية أكبر في تحسين جودتها. ولا يتم ذلك، إلا بسياسات وخطط تعليمية على قدر هذه التحديات لمواجهتها، والسعي للتخلص من سياسة التجهيل الإسرائيلية، وتعزيز التعليم في المدن الفلسطينية التي تُعاني من عراقيل الاحتلال وسياساته.
استهداف ممنهج للتعليم في قطاع غزة
يُعتبر الشباب مورداً بشرياً مهماً يساعد على تقدم الأمم والشعوب والتقدم على سائر الأمم كونهم يشكلون مخزوناً استراتيجياً قادراً على مواجهة كافة التحديات على كافة المستويات لأنهم الأقدر على الدفاع عن القضايا العامة والحصول على الحقوق المختلفة والصمود؛ فالشباب هم المورد الوحيد الحقيقي للشعب الفلسطيني. وعلى ضوء ذلك فإن أخطر حدث شهدته القضية الفلسطينية هي فرض سياسة الحصار الشامل من قبل الاحتلال الصهيوني على قطاع "غزة " وتحديداً على مؤسسات التربية والتعليم ما أدى إلى تفاقم المعاناة للطلبة والمدرسين في متابعة المسيرة التعليمية بالإضافة إلى تعرقل حرية الحركة وتنقل الأفراد فكان عدد المدارس في محافظات غزة (677) مدرسة منها 530 أساسية، 147 ثانوية في حين بلغ عدد الطلاب في محافظة غزة 465 ألف طالب وطالبة وعدد المعلمين(18226) معلماً ومعلمة، فكان الحصار هو العائق العظيم في تطوير هذا القطاع والنهوض به وبناء مدارس جديدة لاستيعاب أعداد الطلاب المتزايد بسبب العجز الكبير في المباني المدرسية بالإضافة إلى العجز في توفير القرطاسية والكتب المدرسية والمواد المخبرية لتقديم الخدمات التعليمية، لذلك فإن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يواجه صعوبات جمة الأمر الذي أدى إلى سوء الوضع الاقتصادي، فأثقلت هذه العثرات كاهل أبنائه بشكلٍ مباشر فلم ينل الطالب الفلسطيني حقه الطبيعي في التعليم وهو حق بسيط بدون منازع.
واقع التعليم في قطاع غزة ما بين الحصار والتدمير
تعرض قطاع غزة إلى عدوانٍ إسرائيلي واسع في فتراتٍ وأزمنة مختلفة، منها الفترة الواقعة ما بين السابع من تموز/يوليو وحتى السادس والعشرون من آب/أغسطس لعام 2014م استمر لمدة 51 يوماً، ويُعد هذا العدوان الذي أطلقت عليه "إسرائيل" عملية "الجرف الصامد" وأطلقت عليه المقاومة الفلسطينية حرب "العصف المأكول"، أو "البنيانٍ المرصوص" الحرب الثالثة التي تشنها "إسرائيل" على القطاع منذ عام 2008م. وأخر هذه الحروب هي حرب الإبادة الجماعية بعد عملية "طوفان الأقصى" قصفت قوة الاحتلال، على مدار أيام العدوان وما تزال عشرات المدارس متسببةً بتدميرها كلياً، فضلاً عن تحويل كل مدارس قطاع غزة إلى ملاجئ للنازحين، كحلقة سوداء من استهداف إسرائيلي ممنهج يسعى لتشويه الوعي الفلسطيني عبر الإرهاب والترويع.
كان واضحاً أن الجيش الإسرائيلي يُمارس عبر عملياته العدوانية سياسة الإنتقام من المدنيين في قطاع غزة بشكلٍ كبير، الأمر الذي مثّل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان، إذ إستهدف العدوان الفلسطينيين مُلحقاً دماراً واسعاً بالسكان المدنيين وممتلكاتهم وبالمنشآت والمرافق الحيوية الأساسية في القطاع. وقد طال العدوان البنية التحتية للعملية التعليمية برمتها كالمدارس ومؤسسات التعليم العالي والطلبة والمعلمين محدثاً مزيداً من الدمار في البيئة التعليمية بما يسبب مزيداً من التدهور في واقع المنظومة التعليمية، في انتهاك خطير لأحكام القانون الدولي الذي يكفل الحق في التعليم في جميع الأوقات والظروف ويحظر تماماً المس بالمدنيين أو بالأهداف المدنية.
فلقد صادرت "إسرائيل" الحق في التعليم عبر إستهدافها وتدميرها للمؤسسات التعليمية دون أدنى مراعاة للمبادئ الأساسية الخاصة بالتمييز بين ما هو عسكري وما هو مدني، والتي تحظر إستهداف هذه المؤسسات كونها من الأعيان المدنية المحمية. وتٌشكل هذه الحالة إنتهاكاً صارخاً لأحكام القانون الدولي الذي يكفل الحق في التعليم في جميع الأوقات بما في ذلك أثناء النزاع المسلح أو تحت الاحتلال العسكري أو في أوضاع الطوارئ. كما وألحق العدوان دماراً في البيئة التعليمية عموماً عبر إستهداف وتدمير محطة الطاقة الكهربائية وخطوط المياه والصرف الصحي والمساكن والوحدات السكنية وغيرها من مكونات البيئة التعليمية.
أدت هذه العملية العدوانية الممنهجة إلى تدهور واقع الحق في التعليم، سيّما مع حالة التراجع المستمرة في مؤشرات التعليم بسبب سنوات الحصار الطويلة التي تسببت بإنتهاك خطير لحق سكان القطاع في الحصول على التعليم المناسب، وما أنتجته الحرب الأخيرة من استهداف ممنهج لتدمير وإبادة قطاع غزة وليس مدارسه ومؤسساته التعليمية فقط، فمن المتوقع تفاقم تدهور الأوضاع التعليمية لما تسبب به العدوان من آثارٍ خطيرة على التعليم وتدمير للمنشآت التعليمية. كما وأنه من المتوقع أن تكون هناك تداعيات سلبية على سير العملية التعليمية في العام الدراسي الحالي أو حتى الأعوام القادمة، وذلك لما تعرضت له مؤسسات التعليم من دمار، بالإضافة لما لحق بالهيئة التعليمية والطلبة على حد سواء من آثار سلبية نتيجة العدوان ستكون لها تداعياتها على عطاء الفئة الأولى والتحصيل العلمي للأخيرة.
ختاماً يُشكل التعليم بالنسبة للفلسطينيين واحدة ًمن حلبات الصراع ضد العدو الصهيوني بتأكيده للهوية الثقافية الخاصة لهذا الشعب والتعليم كأداة تحرر من الهيمنة الصهيونية على الشعب. ولكن على الرغم من حرب الإبادة الصهيونية التي تُشن بحق فلسطين الأرض والإنسان فإن الشعب الفلسطيني أنجب وما زال يُنجب أجيالاً تؤمن بالعلم و البناء الاجتماعي ويرفض كل أشكال الانحلال والسقوط، أجيالاً تربت على مقاعد الدراسة وآمنت بالعلم سلاحاً تواجه به العدو والظروف الصعبة فتتغلب عليها وتنشط في عملية البناء التي لا تقف عند حد.

 

البحث
الأرشيف التاريخي