عضو مجلس خبراء القيادة في خوزستان للوفاق:
الثورة الحسينية أنموذج الثورات التحررية على مرّ التاريخ
للبحث عن الطرق الموصولة لأداء رسالتنا التاریخیة من أجل تحریر فلسطین والقدس الشریف والمسجد الأقصی، شرح وبیّن لنا ممثل أهالي خوزستان في مجلس خبراء القيادة آية الله الشیخ محسن الحيدري، تأثر الثورة الفلسطینیة الإسلامیة المباركة بالثورة الحسینیة الخالدة، ودور هذه الثورة المباركة في انتصارات محور المقاومة المتتالیة.
ماهي منزلة الإمام الحسین (ع) الرفیعة لدی المسلمین وسائر الأحرار في العالم؟
إن المنزلة الرفیعة للإمام الحسین(ع) عند عامة المسلمین سنةً وشیعة نشأت من النصوص القرآنیة النازلة في شأن أهل البیت(ع) ومنهم سبط رسول الله (ص)، والأحادیث الصادرة عن رسول الله(ص)، في تفسیر تلك الآیات أو المصرحة بفضائل العترة الطاهرة ومنهم الإمام الحسین الشهید (ع).
المدرسة الحسینیة هي مدرسة الحریة والعزة
وتابع حديثه بالقول:" إن الإمام الحسین(ع) لم یكن منقذاً للإسلام المحمدي الأصیل فحسب، بحیث تعرض لمؤامرة أمویة خطرة كادت تقوم بزعزعة عری الإسلام وانفصامها، واقتلاع جذوره من الأعماق، لو لم ینهض سید الشهداء لإبطال مكائدهم بثورته التضحویة العارمة، بل أصبحت ثورته مدرسة إنسانیة عالمیة، قدمت أروع الملاحم البطولیة لإرساء القیم المثالیة من الحریة والعزة والشموخ والاستقلال والاستقامة في طریق الحق ومقارعة الباطل والظلم والتمییز في جمیع أشكاله، الأمر الذي جعل أفئدة العالمین من كافة الأدیان والاتجاهات الفكریة، تهوی إلی شعاراته الحیویة وأهدافه النموذجیة. وقد اقتدت بسیرته الثوریة لتغییر مجتمعاتها، كما هو المعروف عن غاندي محرر الهند وفیدل كاسترو قائد ثورة كوبا وغیرهما.
ماهو تأثیر الثورة الحسینیة في تدشین الانتفاضات الإسلامیة ضد المستعمرین في القرون الأخیرة؟
إن الثورة الحسینیة كانت مشعلاً وضّاءً لجمیع الثورات التي أثیرت ضد الحكومات الجائرة من القرن الأول الهجري إلی زماننا الحاضر. ومن المناسب الإشارة إلى واقع الإنتفاضات الاسلامیة ضد التیار الإستعماري في القرون الأخیرة في البلدان الإسلامیة، ونخص بالذكر منها ما جری في إیران والعراق ولبنان وسوریا وفلسطین.
آثار الثورة الحسینیة واضحة في جلّ الانتفاضات الاسلامیة ضد المستعمرین
أوضح آية الله الحيدري:" أن المتنبع لتلك الأحداث التاریخیة خاصةً من حیث الإتجاهات الفكریة للقادة والطلائع البارزة من المناضلین والشعارات المطروحة والثقافة السائدة علی جمهور الثائرین یدرك آثار الثورة الحسینیة واضحة في جلّها، ان لم نقل في كلها بشكلٍ من الأشكال من قریب أو بعید.
فثورة الجهاد ضد الروس في القرن الثالث عشر الهجري انطلقت علی أساس الفتوی الجهادیة لمراجع الشیعة في مدينة النجف الأشرف ومدينة كربلاء المقدسة من قبیل الشیخ جعفر كاشف الغطاء والسید محمد المجاهد صاحب المناهل.
وثورة الجهاد ضد الإحتلال البریطاني في الحرب العالمیة الأولی في العراق وخوزستان في إیران، حیث أصدر فتواها مرجع الشیعة في مدينة النجف الأشرف السید كاظم الیزدي كما أصدر هذا المرجع فتوی الجهاد ضد الإیطالیین حینما إحتلوا لیبیا. وثورة العشرین ضد الإستعمار البریطاني في العراق علی أساس فتوی المیرزا الشیخ محمد تقي الشیرازي والثورة المضادةّ للإستعمار الفرنسي في سوریا ولبنان علی أیدی العلماء من أهل السنة والشیعة. والثورة ضد الإحتلال البریطاني ثم الصهیوني في فلسطین علی أیدي العلماء المجاهدین كالسید كاظم الحسیني والشهید الشیخ عزالدین القسّام .
وأخيراً الثورة الإسلامیة الكبری في إیران بقيادة مفجرها الإمام الخمیني(قدس) ضد الإستعمار الإمریكي والإستبداد البهلوي. فقد كان الإمام الخمیني (قدس) یقول:" كلّ ما لدینا هو من محرم وصفر (أي الثورة الحسینیة)".
وما تلتها من إنتفاضات في العراق بقیادة الشهداء من آل الصدر وآل الحكیم وغیرهم والإنتفاضات الإسلامیة في فلسطین ولبنان ضد الصهاینة وكذلك المقاومة الإسلامیة ضد التكفیریین في الشام والعراق، فتأثر هذه الإنتفاضات خاصةً لدی أوساط حزب الله لبنان والحشد الشعبي المقدس في العراق وكذلك الجیش الشعبي في سوریا له من الوضوح ما لایمكن إنكاره .
كیف تأثرت الثورة الإسلامیة الفلسطینیة بالثورة الحسینیة؟
إن الثورة المضادة للإحتلال البریطاني ثم الدولة الصهیونیة الغاصبة لأرض القدس بدأت اسلامیة. لأن القدس والمسجد الأقصی هما أولى القبلتین ومنطلق معراج الرسول الأعظم(ص) ومنتهی مسراه كما صرح به القرآن الكريم.
ولكن تلك الثورة بعد شهادة قادتها الإسلامیین وعلی رأسهم الشهید عز الدين القسام، واندساس التیارات القومیة والشیوعیة في الثورة الفلسطینیة، أصیبت بخمود شعلتها الإسلامیة، الی أن منّ الله علی الأمة المسلمة بالثورة الخمینیة، فبدأت الصحوة الإسلامیة تعمُ المنطقة، وكانت ثورة فلسطین من أولی الثورات التي إستجابت لتلك الصحوة، فتأثرت بالرؤی والأفكار الثوریة الإسلامیة. وثم دخلت الثقافة الحسینیة إلى أرض فلسطین.
ومن طریف القول ما نُقل عن قائد حركة للجهاد الإسلامي في فلسطین الدكتور رمضان عبدالله شلح، فلقد أعطاه المؤسس لتلك الحركة الشهید الدكتور فتحي شقاقي كتاباً عن الإمام الحسین(ع) وبعد الانتهاء من مطالعته أعطاه كتاباً ثانیاً حول شخصیة ذلك الإمام الثائر، وبعد أن طالعه أرفده بكتاب ثالث في ذلك الموضوع ما أثار إستغراب الدكتور رمضان حیث قال:" یا دكتور فتحي قد طالعت كتابین عن الإمام الحسین(ع)، ألا یكفي في هذا الموضوع؟ فقال الشهید فتحي لا إننا لن نتمكن من دیمومة المقاومة في فلسطین، إلّا أن نعرف الحسین وثورته".
ماهو دور الزیارة الأربعینیة في دعم المقاومة الإسلامیة خاصةً لتحریر القدس وفلسطین في هذا الزمان؟
إن الزیارة الأربعینیة خلال العقدین الأخیرین، أي بعد سقوط الطاغیة صدام وحزبه العفلقي في العراق، أخذت أبعاداً جدیدة جعلت منها ظاهرة بدیعة في تاریخ المقاومة الاسلامیة، حیث تجتمع الملایین لا من العراق وایران فحسب، بل من كل أقطار العالم، وقد تزامنت مع هذه الظاهرة سلسلة الانتصارات والفتوحات الباهرة لمحور المقاومة، بدأً من انتصار حزب الله في حرب الثلاثة والثلاثین ضد الاحتلال الصهیوني ومروراً بمقاومة غزة والضفة الغربیة والقدس الشریف ضد الصهاینة، وانتهاءاً بفوز المقاومة ضد التكفیریین من الدواعش وغیرهم في الشام والعراق، حیث أنهم دخلوا حرباً ضد المسلمین نیابةً عن الصهاینة والأمیركان، لكنهم واجهوا فشلاً ذریعاً بانهیار قواعدهم ودولتهم الخرافیة المسماة بالخلافة الاسلامیة في العراق والشام "داعش"، وذلك علی أيدي أبناء المقاومة من الحشد الشعبي العراقي والجیش الشعبي السوري وحزب الله اللبناني والفصائل الأخری من البلدان الأخری مثل أفغانستان وباكستان وذلك كله بمحوریة الجمهوریة الاسلامیة الإیرانیة والمدافعین عن الحرم وعلی رأسهم سادات شهداء المقاومة الحاج قاسم سلیماني وأبومهدي المهندس.
ارتباط وثیق بین انتصارات محور المحاومة وظاهرة الأربعین المقدسة
ويوضح آية الله الحيدري:" ارتباط هذه الاتصارات بتلك الظاهرة المقدسة الأربعینیة من جهة الحصول علی مراتب عالیة من الإیمان والایثار والتضحیة لدی أبناء المقاومة الاسلامیة، الذین كانوا یباشرون الزیارة الأربعینیة، ما أعطتهم زخماً عظیماً وقدرةً فائقةً علی الصبر واستمرار المقاومة والفوز بالنهایة، كما أن تلك الظاهرة التي تُعد مناورات جماهیریة عالمیة حسینیة، أدخلت الرعب والخوف في قلوب الأمیركان والصهاینة وأعوانهم، بحیث اعترف الجمیع بظهور علائم الأفول للأمیركان في المنطقة كما بدأ العد العكسي لإنهیار دولة الصهاینة.
ويتابع قائلاً:" نهیب بالزائرین لأبي عبدالله (ع)، بأن یُلقنوا أنفسهم دائماً بلزوم الإستعداد لخوض المعارك المصیریة ضدّ الصهاینة لتحریر القدس والمسجد الأقصی، وذلك لأن الدفاع عن بیضة الإسلام واجب شرعي، أجمع علیه فقهاء المسلمین سنة وشیعة، خاصةً وان تلك الأماكن المقدسة تعتبر من رموز الإسلام الخالدة، وقد أنیطت عزة الإسلام والمسلمین بتلك المقاومة الباسلة.
ولقد صدق المفكر الإسلامي الكبیر الشهید مرتضی المطهري اذ قال:" لو كان الإمام الحسین(ع) الیوم موجوداً بین ظهرانینا، لكانت قضیة فلسطین إهتمامه الأول في حیاته الشریفة، كما تحقق الیوم تنبؤ الإمام الخمیني (قدس) التاریخي، اذ قال قبل أكثر من أربعین سنة:" إنما یمرّ طریق القدس من كربلاء". فعلی الجمیع النهل من هذا الفكر الثوري التضحوي المُلهم بروح الثورة الحسینیة، لذا علینا كلنا أن نقول: «لبیك یا حسین لبیك یا أقصی».
تسعى إسرائيل جاهدة للتعويض عن هزيمتها
ويقول آية الله الحيدري:" إنّ البشرية جمعاء حزینة بسبب ما یحدث من جرائم بشعة للاحتلال الاسرائیلي ومنها الجريمة النكراء المتمثلة في قصف مستشفى غزة لأنه لم ترتكب أي جماعة إرهابية مثل هذه الجريمة الفظيعة في التاريخ وفي أي مكانٍ من العالم. إن هذه المأساة الرهيبة سببها وحشية الصهاينة. هؤلاء المتوحشون، استمروا في ارتكاب الجرائم لفترة طويلة حتى أصبحت سوء الأفعال من طبيعتهم وسلوكهم. هذه الغطرسة تنبع من النظرة الشريرة للعالم والتفكير الخاطئ بأن اليهود هم المخلوقات الخاصة لدى الله، وأن الله خلق البشر لخدمة اليهود.
إن التصريحات الوقحة الأخیرة لقادة جيش هذا الكيان الصهيوني الدموي، تُبین لنا بشكلٍ واضح أن هؤلاء البرابرة يعتبرون أنفسهم أفضل المخلوقات، وهذا هو سبب غطرسة أحد قادتهم الحربيين، الذي استخدم كلمة «الحيوانات» لمخاطبة الشعب الفلسطيني المظلوم. والسؤال الذي يطرح نفسه، هو هل من الممكن التعايش أو التنازل مع مثل هذا التفكير وهذه الإيديولوجية؟
وللرد على هذا السؤال لابد أن أقول أن هذا وَهمٌ باطل، والسبيل الوحيد للتخلص من هذا الكيان، كما قال الإمام الراحل (قدس) هو إزالة هذه الغدة السرطانية، وهذا هو أساس سياسة المقاومة بعد الثورة الإسلامية.
إسرائيل تعرضت لضربة قوية في عملية طوفان الأقصى
يشرح آية الله الحيدري:" إن خطط التسوية والتطبیع التي تقدمها الحكومات العربية مع هذا الكيان الهمجي، مرفوضة من قبل شعوب هذه الحكومات، وهو عملٌ باطل. والجمهورية الإسلامية هي الحكومة الوحيدة التي لم تقبل قط هذه التسوية والتطبیع منذ بداية الثورة، بتوجيه من الإمام الراحل(قدس) وقائد الثورة الاسلامیة، مع العلم الكامل بهذه الغدة السرطانية، وكانت تدرك دائماً ضرورة إزالة هذا النظام من المنطقة. فإسرائيل تعرضت لضربة قوية من كل جانب في عملية طوفان الأقصى، وهذه المجازر الوحشیة، هي من أجل إزالة آثار عملية طوفان الأقصى عن أعين العالم، لأنها تعلم جيداً أنها تعرضت لفشلٍ وخسارة كبيرتين.