الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وستون - ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وستون - ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

في ظل اعتراف النظام البهلوي

آية الله كاشاني.. رفض وواجه الكيان الصهيوني رسمياً وشعبياً

الوفاق /  لم يكن علماء الشيعة ومراجعهم بعيدين عن قضايا الأمة وعلى رأسها قضية فلسطين التي تعاملوا معها باهتمام شديد باعتبارها الجرح الأعمق النازف في جسد الأمة الاسلامية ونظراً لمكانتها الدينية ووجود القدس والمسجد الأقصى فيها. وهذا المقال يهدف إلى إلقاء الضوء على مواقف آية الله كاشاني أحد علماء ومراجع في إيران من تطورات  القضية الفلسطينية والمراحل المختلفة التي مرت بها في القرن الماضي.
عندما أصدرت الامم المتحدة قرار تقسيم فلسطين وإقامة دولة يهودية سنة 1947 أصدر آية الله السيد ابو القاسم الكاشاني من ايران بياناً أوضح فيه للمسلمين الإيرانيين حجم مأساة فلسطين وشدة الخطر المحدق بالمسلمين فيها، جاء فيه ” ما هو المنطق والقانون الذي يسمح بتوطين المهاجرين اليهود من ألمانيا وروسيا وأمريكا في فلسطين ؟ وبأي حق تقسم هذه البلاد ؟ فإذا كانوا يريدون بذلك إرضاء اليهود والاستفادة منهم في تحقيق مآربهم فلماذا لا يؤونهم في بلادهم ؟ فعلى جميع المسلمين في العالم لأن ينهضوا ويبذلوا ما بوسعهم للوقوف امام الظلم الفاحش ورفعه عن الشعب الفلسطيني المظلوم “.
وبعد بضعة اشهر عندما اندلعت الحرب في فلسطين القى آية الله الكاشاني خطاباً قال فيه " أيها المسلمون الإيرانيون ، يجب أن تبذلوا قصارى جهودكم في مواجهة هذه المحنة التي يعاني منها إخوانكم الفلسطينيون، والمساهمة بكل الطاقات والإمكانيات للدفاع عن فلسطين ومصلحة الإسلام ".
مواقف آية الله كاشاني ضد النظام الصهيوني، في ظل أجواء الخنق والقمع السياسي للنظام البهلوي بعد اعترافه بالكيان الصهيوني، استطاعت أن تخلق موجة من الاحتجاجات ضد النظام الصهيوني وداعميه وأصبحت كابوسًا لا يمكن إيقافه بالنسبة لهم. ويعود أحد أهم مواقف آية الله كاشاني ضد الكيان الصهيوني إلى عام 1947 ففي هذا العام، وفي أيام الأربعين الحسيني، تجمع آلاف الأشخاص في محل سكن آية الله كاشاني. وفي إحدى هذه المراسم ألقى آية الله كاشاني كلمة أشار فيها إلى حركة الإمام الحسين (ع) وثورته ضد الظلم مبيناً الاضطهاد والظلم الذي يتعرض له المجتمع المسلم في ذلك الوقت، ويقول:" إن إخواننا المسلمين في فلسطين يتعرضون لأحداثٍ مؤسفة. وتتعرض منازلهم وممتلكاتهم للمصادرة من قبل اليهود، وتسرق حياتهم وممتلكاتهم وثرواتهم من قبل اليهود، لذا يجب على مسلمي العالم أن يتعاطفوا معهم ومساعدتهم قدر الإمكان، ويواصل حديثه للمسلمين مستنكراً، فيقول:" هل يحق لأذل الأمم في العالم أن ترتكب هذه المآسي أمام أعين المسلمين الجالسين بهدوء ودون حركة".
تشكيل الدولة الغاصبة تهديد وجودي للمسلمين
هذا الموقف الواضح لآية الله الكاشاني ضد الصهاينة أدى إلى احتجاجات ومظاهرات شعبية لاحقة ضد النظام الصهيوني. يذكر أنه في العام 1947، أصدر آية الله الكاشاني بياناً لدعم الشعب الفلسطيني موجهاً إلى مسلمي العالم، وكسر هذه المرة علانية الصمت العالمي الناجم عن الضغط السياسي، واعتبر تشكيل الدولة الغاصبة أمراً غير مقبول ويعتبر تهديداً خطيراً لمستقبل المسلمين. ومما جاء في لإعلان:" ألا تعلم الأمم المتحدة أن فلسطين ليست وطناً للمهاجرين اليهود الألمان والروس والأمريكيين وغيرهم، فبأي منطق وقانون يصوتون لتقسيمها؟ إن تأسيس النظام الصهيوني سيكون منبع الفساد للمسلمين في الشرق الأوسط وسائر العالم. لن يتوقف الضرر على الفلسطينيين فحسب، ولذلك، من الواجب لكل المسلمين العمل من أجل إيقاف هذا الطغيان ضد المسلمين الفلسطينيين".
ولم يكتف آية الله كاشاني بهذا الإعلان ودعا الناس إلى التظاهر ضد النظام الصهيوني. وبناءً على هذه الدعوة، اجتمع يوم الأحد 20 ايار 1948م، أكثر من 30 ألف شخص من طهران في مسجد الإمام الخميني(قدس) الحالي لدعم الشعب الفلسطيني والتظاهر ضد النظام الصهيوني.
مواقفه الصريحة دفعت النظام البهلوي إلى منع تصريحاته  
دفع خوف النظام البهلوي من صراحة آية الله كاشاني إلى منع خطاباته وتصريحاته بالقوة ؛ ولذلك، وبناءً على هذا المنع  شرع  آية الله الفلسفي وبالتضامن مع اية الله كاشاني بإلقاء الخطابات المخاطبة المواطنين داعيةً إياهم إلى دعم الشعب الفلسطيني ومعارضة النظام الصهيوني.
وفي هذا السياق نقلت صحيفة كيهان عن وكالة أسوشيتد برس منع الشرطة آية الله كاشاني من التحدث أمس:" بالأمس تجمع 30 ألف مسلم في أكبر مسجد في طهران للتعبير عن تعاطفهم مع مسلمي فلسطين، وذلك بناء على دعوة آية الله كاشاني الذي لم يستطع مخاطبة هذا التجمع الكبير بسبب منعه من قبل الشرطة".
واستمرارًا لحملته ضد النظام الصهيوني، يدعو آية الله كاشاني الشعب الإيراني مرة أخرى للاحتجاج ضد النظام الصهيوني في مسجد الشاه يوم الجمعة. وتمت الاستعدادات لمظاهرة كبيرة ضد [الصهاينة] في فلسطين، ومن المقرر أن تدخل مجموعات مختلفة مسجد الشاه في تمام الساعة 3:50 بعد ظهر غد في مواكب منظمة للمشاركة في المظاهرة. وعلى إثر هذه الدعوة تجمع عدد كبير من الناس ضد النظام الصهيوني. في مثل هذا اليوم ألقى آية الله كاشاني بياناً ضد النظام الصهيوني وأثناء مهاجمته للاستعمار ودعوة الناس إلى الوحدة تحدث عن المصائب التي حلت بأهل فلسطين، وتابع حديثه بإدانة النظام الصهيوني قائلاً: "كل دول العالم الإسلامي هي وطننا، وعلينا أن ندعمها بكل ما أوتينا من قوة وثروات، فيما يتعلق بنا لم نتوانى أبداً عن حمايتها وحماية المصالح العليا للمسلمين."
وواصل آية الله كاشاني حديثه، وطلب من الشعب الإيراني عدم التردد في مساعدة فلسطين ومحاربة النظام الصهيوني. وبعد خطابه هذاـ تدفق الناس بشكل كبير لمساندة الشعب الفلسطيني، فأعلن خمسة آلاف من الشباب المؤمن استعدادهم للمشاركة في المعركة ضد النظام الصهيوني،  لكن النظام البهلوي منعهم من المغادرة.
النفي إلى لبنان
نفى النظام البهلوي  آية الله كاشاني البهلوي إلى لبنان بعد محاربة الاستعمار. وأدى الوجود القسري لآية الله كاشاني في المنفى في لبنان في السنوات الأولى لتشكيل النظام الصهيوني إلى تأجيج الحملات المناهضة للصهيونية في لبنان والدول العربية الأخرى. وبسبب وجود آية الله كاشاني في لبنان، تأثر رجال الدين الشيعة في تلك المنطقة بخطاباته وأفكاره، بحيث أصبح لبنان بعد سنوات نقطةً ساخنةً للنضال ضد النظام الصهيوني
سحب الاعتراف بالكيان الصهيوني
وبعد عودة آية الله كاشاني من المنفى، استمرت حملاته ضد الاستعمار بشكلٍ أكثر جدية. وفي الوقت نفسه قويت شوكة الحركة الوطنية للشعب، كتبت مجموعات مختلفة وعلماء إسلاميون من مختلف الدول العربية رسائل إلى آية الله كاشاني يطالبونه بالضغط على النظام لقطع العلاقات مع النظام الصهيوني.
نقلت صحيفة اطلاعات رد آية الله الكاشاني على سؤال برقية لمراسل صحيفة المصري في بغداد، قال فيها: من المؤكد سحب اعتراف إيران بالنظام الصهيوني لأنه لم يقم على أسس قانونية. ولاحقاً، في 7 تموز/  يوليو 1952م، أعلن الدكتور مصدق(رئيس الوزراء حينها)  قطع العلاقات مع النظام الصهيوني بسبب ضغوط آية الله كاشاني وأعضاء البرلمان وتصاعد الاحتجاجات الشعبية الرافضة لهذه العلاقات .
وعلى هذا يمكننا القول أنه أثناء تولي آية الله الكاشاني رئاسة مجلس النواب؛ أصبح النضال ضد النظام الصهيوني أحد مبادىء المجلس. وفي هذا الصدد قال آية الله كاشاني عندما كان رئيساً للدورة السابعة عشرة للبرلمان في لقاء مع وفد مجلس الأوقاف الإسلامية بدمشق: "لقد سحبنا اعترافنا بدولة إسرائيل اليهودية. لأن النظام السابق في إيران، والذي كان حكومة بريطانية، كان قد اعترف بإسرائيل. والآن يجب على جميع الدول الإسلامية والعربية التنسيق لسحق إسرائيل وإعادة المدن التي اغتصبتها إسرائيل إلى أصحابها الحقيقيين".
كما كتب بعد عودته من مناسك الحج في رسالة كتبها إلى اتحاد الدول الإسلامية، طلب منهم إرسال ممثليهم إلى إيران للمشاركة في المؤتمر الإسلامي، وجاء في هذه الرسالة الموجهة إلى الدول الإسلامية: "أيها الإخوة، إن إقامة دولة إسرائيل الوهمية كانت واحدة من آلاف الجرائم التي يرتكبها الأجنبي من أجل تدمير المسلمين".
اعتراض على شعار الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بقلم آية الله كاشاني
وفق تقرير الشرطة، فقد احتج أنصار آية الله كاشاني رداً على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن حرية مرور السفن عبر قناة السويس إلى "إسرائيل".
فبعد دعم الأمم المتحدة المتكرر للنظام الصهيوني، بعث آية الله كاشاني برسالة إلى المنظمة يتحدى فيها شعاراتهم الكاذبة والمتلونة في الدفاع عن حقوق الإنسان ويقول فيما يتعلق بدعمهم للنظام الصهيوني: "استطاع بعض المهاجرين، مع أسلحة ومساعدة الدول إخراج العرب من جزء من الأرض الفلسطينية التي شكلت موطنهم وعاشوا فيها قروناً طويلة، ولو لم تكن الدول العظمى على ثقة بأن المنظمة ستتغاضى وتتجاهل هذا الانتهاك وسرقة الحقوق ما كانوا ليرتكبوا مثل هذه الجريمة، والآن يتطلع ملايين المسلمين في العالم إلى قرارات المنظمة لمنع هذه الانتهاكات وعدم السماح بتقديم المال والسلاح من قبل أعضاء في المنظمة لصالح الأقلية وعلى حساب السكان الأصليين لأرض فلسطين".
نضالاته ضد الكيان الصهيوني بعد انقلاب 28  اب / أغسطس
وبعد انقلاب 28 آب/أغسطس، أثارت مساعي النظام البهلوي لإقامة علاقات مع النظام الصهيوني قلقاً لدى الدول العربية، وأعربت مجموعات مختلفة من الناس في هذه الدول عن قلقهم إزاء هذه القضية عبر إرسال رسائل إلى آية الله كاشاني الذي أجاب عليها بالقول:" ما دمت على قيد الحياة، فإن العلاقة مع الكيان الصهيوني لن تتم بإذن الله"
أخيرًا، في أعقاب حملة آية الله كاشاني المناهضة للاستعمار، وخاصةً تعنته تجاه النظام الصهيوني ومؤيديه، أرسله النظام البهلوي إلى السجن. ورغم أن آية الله كاشاني كان يخضع  للرقابة الصارمة من النظام البهلوي منذ عام 1956م، إلا أنه استمر في اتخاذ مواقف مناهضة للاستعمار واستغلال الفرص التي سنحت له، حتى وافته المنية في شهر اذار/ مارس 1962م بعد صراع مع المرض.

 

البحث
الأرشيف التاريخي