خاصة في ظروف فقد الأب أو الأم
الدعم النفسي للأطفال في ظل الحروب
الوفاق/ خاص
د. رُلى فرحات
الدعم النفسي الأولي في مجال الصحة النفسية هو تقديم يد العون للناجين من هجمات الحرب، ويقدم الدعم النفسي فور وقوع الحدث الصادم، حتى في ظل الشعور بالتحسن والارتياح الذي يظهره بعض الأطفال الناجين خاصة في ظروف فقد الأب أو الأم أو فقد المنزل بما فيه من أمور تخصهم وتعني لهم الكثير كألعابهم مثلا.
بشكل عام إن كوارث الحروب تسبب للأطفال فيما بعد إضطرابات ما بعد الصدمة فتظهر على الطفل أعراض مختلفة كالتبول اللاإرادي، والكوابيس الليلية والخوف الشديد حتى في ظل وجود الطفل في بيئة آمنة، بالإضافة إلى تكرار تذكر المشاهد الدامية والمخيفة والتي تسبب لهم حالة من الذعر والإنفعال الشديد كل ما استذكروها.
وهنا لا بد من الدعم النفسي الأولي الذي يتمثل في تقديم الإسعافات النفسية الأولية مباشرة بعد صدمة الحدث، ثم العمل على تقديم الدعم النفسي العميق كتقنية علاجية بالرسم والموسيقى أو باللعب أو السيكودراما من خلال الجلسات الفردية والجماعية.
وعليه، إذا لم يقدم للأطفال الدعم النفسي اللازم والمناسب أو كان يفتقرا إلى القواعد الأساسية في التفريغ النفسي، من حيث التوقيت، أو المدة الزمنية، أو حتى من حيث المضمون المناسب للصدمة التي تعرض لها الطفل (التقنيات العلاجية وبرامج الدعم)، عندها يصبح الأمر أكثر صعوبة وأكثر تعقيدا في العوارض والعلاج والنتيجة.
قواعد الدعم النفسي لأطفال الحرب
- توفير مكان آمن للطفل: يكون الطفل والناجون من الحرب في حاجة نفسية للابتعاد عن مكان الدمار والموت. كذلك الطفل وحتى إن لم يتعرض لمشاهد حرب مباشرة عليه ان لا يتابع أخبار الحرب على التلفاز ومواقع التواصل الإجتماعي ولا حتى تناول أحاديث الحرب ومجرياتها أمامهم. يجب توفير مساحة من الخصوصية مع الطفل المتضرر للحديث معه عن ذاته وعن مخاوفه وهذا يساعده لإسترداد وعيه بذاته تدريجيا.
- وضع خطة للمساندة: تشجيع الطفل الدائم والمستمر على مساعدته للآخرين والإعتماد على نفسه من خلال إظهار ثقتك الكبيرة به وبقدراته، ولا تقلل من شأنه أبدا وأشعره بأنه يستطيع تقديم المساعدة والمساندة لأطفال آخرين يحتاجونه بذلك، فهذا خير علاج لجروحه النفسية. إنتبه، عليك أن تأخذ بالإعتبار الظروف التي مر بها وتحترم مشاعره وردات فعله من جراء ذلك.
- اقامة علاقة مع الطفل قائمة على الثقة والاحترام: فالناجون والأطفال وبعد الحدث الصادم يفقدون الثقة بقدراتهم وبالآخرين وتصبح علية بناء الصقة من جديد صعبة وتحتاج إلى وقت وإلى تدرج حتى يتعمق لديهم شعور بأن الشخص الذي قدم لمساندتهم ولمساعدتهم هو قد أتى من أجلهم فقط وبأنهم أناس يستحقون الحياة، فيتولد لديهم شعور بالقوة وإن كان بسيطا وأنهم يستطيعون الإستمرارية...
توفير أجواء آمنة تشعره بالإطمئنان والثقة
- قدم المساندة والرعاية الذاتية للطفل: وهذا جزء من الإسعافات الأولية المضادة لآثار الصدمة، فاحتضان الطفل هو بمثابة تقنية تزوده بالأمان والمحبة وتهدأ من روعه وتعزز عنده وجود الأحياء واستمرارية الحياة، وهذا يحميه من آثار مشاهد الصدمات المؤذية التي اختبرها.
- إستمع لهم وإهتم بشكواهم مهما كانت: اهتم بكل ما يطرحه الطفل ولا تشتت فكرك وجهودك وجهوده في قضايا أخرى. لأن الطفل الناجي له شكواه الخاصة واحتياجه الخاص، وهذا يدلك على الطريق الصواب لمداواة جروحه النفسية. لذلك يجب أن تجلس في مواجهته في مستوى واحد من هيئة الجسد، والإبقاء على التواصل البصري والجسدي، فالطفل يتأثر بكل حركة تقوم بها كما تأثره بكل كلمة. امنحه كل اهتمامك وأعطه إشارات تُفهمه أنك تتفهمه وأنك بجانبه كالمس على مقدمة رأسه، والربت على كف يديه وكذلك إيماءات رأسك المتكررة ولا ضرر بقليل من الإبتسام حين يكون هناك مجالا لذلك حتى يشعر بدفء الأمان والإطمئنان.
- ترتيب خطة المتابعة الدائمة: تابع الأطفال وكل من قدمت لهم المساعدة، تابع سلوكياتهم وأنشطتهم وطاقاتهم وطريقة حديثهم وتعاطيهم وسجل كل ملاحظاتك في سجل خاص حتى تتمكن من مقارنة أدائهم ومعرفة التغييرات الإيجابية والإنتكاسات السلبية التي من الممكن أن يتعرض لها أي طفل لسبب أو لآخر.
إن تعرض الطفل لصدمة الحرب قد يمر بسلام إذا توفرت له الأجواء لتلقي الدعم النفسي الأولي وحصل على المساندة اللازمة، مما يجعله يتخطى أعراض الصدمة بالتدريج وبأجواء آمنه تشعره بالإطمئنان والثقة....، وخير علاج نقدمه لهذا الطفل هو تعزيز قدراته وثقته بنفسه ومساندته في مساعدة الآخرين.