غزة؛ أرض العشّاق الذين اقتدوا بكربلاء المقدسة
ريشة ولون وقلم.. تضامن الوسط الفني الإيراني مع فلسطين
الوفاق/ نشهد إثارة فنية تحدث في الوسط الفني في جميع انحاء العالم، بعد عملية طوفان الأقصى والمجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني المجرم وقتل الأبرياء والأطفال الرضّع.. الإثارة التي تدفقت من نبض ملايين المسلمين حول العالم لأرض غزة وشعبها المظلوم وقرّبتهم من بعضهم البعض أكثر من أي وقت مضى، ستتحقق على يد الفنانين.
الفنانون الإيرانيون في جميع مجالات الفنون البصرية تطرقوا إلى الموضوع وأقيمت أخيراً ورشة عمل في "حوزة هنري" بطهران، تعاطفاً مع أطفال غزة.
تعد ورشة الفنون البصرية لحبيب الله صادقي الجزء الأكثر حضورا في "حوزه هنري" هذه الأيام، ووصلت شخصيات الفنون البصرية المألوفة والمعروفة الواحدة تلو الأخرى لتسجيل حدثا مهما. هذه المرة لا توجد أخبار عن المؤتمر أو افتتاح المعرض.
وتخليداً لذكرى أطفال غزة العزل وتماشياً مع إدانة جرائم الحرب التي يرتكبها النظام الصهيوني؛ فإن مركز الفنون البصرية التابع لحوزه هنري قام بتنظيم ورشة للفنون البصرية تحت عنوان "أقصر من الطفولة" في الفترة من 24 إلى 25 أكتوبر في ورشة الفنون البصرية للمرحوم حبيب الله صادقي.
وقد أعلن حوالي 37 فناناً عن استعدادهم للمشاركة في الإنتاج المباشر للعمل في هذه الورشة، ومن بينهم فنانون مشهورون مثل: "نادر قشقائي" نحات، "مرتضى كودرزي" رسّام، "حسين عصمتي" رسّام، "أمير حسين آقاميري" رسّام، "محمد حسين نيرومند" رسّام كاريكاتير"، سيد حميد شريفي آل هاشم" رسّام"،حسين غلامي" خطاط"، مسعود صادقي" خطاط ورسّام "، منصور فارسي" نحات"، عبد الحميد قديريان" رسّام"، سعيد نقاشيان" خطاط"،محسن نجفي" رسّام كاريكاتير، "صابر شيخ رضائي" رسّام كاريكاتير، "صديقة سلمان" رسّامة وغيرهم.
الفنانون يتحدثون عن مظلومية أطفال غزة
لقد حضر الفنانون ليتحدثوا عن مظلومية الشعب الفلسطيني، وخاصة أطفال غزة؛ لا بالشعارات والكلمات؛ بل بلغة الفن. الأرض مغطاة بمشمع كبير، ولوحات قماشية على حوامل ثلاثية، وحبر وأقلام جاهزة لإنشاء كلمات وصور، وتصميمات أولية من المفترض أن تكون رمزاً لمظلومية أطفال غزة.
ومن بين العدد الكبير من الفنانين الثوريين الذين أتوا إلى "حوزه هنري"، هناك شخصيات مثل حشمت الله نوروزي، الذي يعقد ورشة عمل للخط مع خط النستعليق هنا في غضون يومين.
ويتحدث عن شعوره تجاه الأحداث الأخيرة في غزة وفلسطين وحضوره في ورشة "أقصر من الطفولة؛ صوت أهل غزة المظلومين ويقول: بحسب ما تم الإعلان عنه في الأخبار، وقد قرأنا جميعاً وشاهدنا الصور المؤلمة، فإن أهل غزة وأطفالها يتعرضون لهجمات وحشية وعمليات قتل عشوائية من قبل الكيان الصهيوني.
وعلى هذا الأساس اجتمع الفنانون للعمل على موضوع غزة في هذه الورشة الإبداعية. بمعنى آخر، الأعمال التي تم إنتاجها في هذه الورشة من اليوم هي صرخة لدعم فناني الفنون البصرية في المجال الفني تعاطفاً مع أطفال غزة وإظهار الحس الإنساني.
ويستمر هذا الخطاط في إعداد وإتمام أعماله الثلاثة ويقول: في اليوم الأول من هذه الورشة، قمت بإنتاج ثلاثة أعمال، وفي اليوم الثاني أستخدم كل قوتي لإنشاء أعمال أخرى. أحاول أيضاً خلق الجاذبية اللازمة في أعمالي من خلال المحتوى الذي أختاره.
ويتابع: اللون الأحمر الذي استخدمته في أعمالي هو رمز الدم والأشعار ليُظهر الظلم الذي يتعرض له أهل غزة، وأردت أن أعبر عن لغتي ومشاعري تجاه هذه القضية من خلال دور اللون في الصفحة.
ويقول نوروزي أيضاً عن الأعمال التي تشير إلى كربلاء المقدسة: إذا نظرنا إلى ما يحدث ورأينا القمع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني والأطفال الرُضع الذين هم كالطفل الرضيع "علي الأصغر(ع)" يقتلون، يمكننا أن نجد تشابهاً بين بعض المشاهد والأحداث التي حدثت في كربلاء المقدسة.
إن لحظات احتضان الأطفال الشهداء في كربلاء المقدسة تشبه إلى حد كبير الصرخات التي تُسمع في فلسطين عندما يُقتل الأطفال؛ أب يحمل بين يديه جثة طفله المقطعة في غزة يشبه ما حدث لشهداء كربلاء والأطفال الذين قتلوا ظلماً وقهراً.
ويؤكد على ضرورة إنتاج أعمال فنية تتعلق بموضوع غزة، فالقصائد والأدب المستخدم في إنتاج الأعمال الفنية يقرّب الناس من أهل غزة.
فإذا كان العمل الفني قادراً على نقل الرسالة والشعور الذي يريده الفنان إلى الجمهور، فإن زائر الإنتاج الفني سوف يفهم بشكل أفضل ما يحدث للشعب الفلسطيني.
مشيراً إلى تاريخ الإيرانيين وما تعرضوا له من تعد على أرضهم بسبب الحرب المفروضة خلال ثماني سنوات من قبل نظام صدام ، يقول هذا الخطاط: نحن نعرف معنى القتل والمقتل والاستشهاد، ولكننا نفهم أيضاً الأمل ونطلب من الله تعالى حرية فلسطين.
ويؤكد نوروزي أيضاً: ما طرأ على ذهني عندما ابتكرت أعمالي وعندما ابتكرت هذه الأعمال هو مشهد تدمير الأطفال المظلومين والأبرياء الذين يقتلهم الكيان الصهيوني.
ينبغي إدراج غزة في تيار إعلامي واسع
صديقة سلمان هي فنانة أخرى حاضرة في الورشة البصرية. وهي أحدى الفنانات البارزات في البلاد وعضو في مركز الفنون البصرية في مجموعة الرسم.
ولدت صديقة سلمان في قم عام 1966م وأكملت دراستها في الرسم والتوضيح في كلية الفنون الجميلة بجامعة طهران وشاركت في أكثر من 30 معرضاً جماعياً للأعمال البصرية.
وتقول عن قصف مستشفى "المعمداني" في غزة واستشهاد عدد كبير من أبناء الشعب الفلسطيني المظلوم، وخاصة الأطفال الرضع والأطفال العزل: إن هذا الحدث المؤسف أثار غضب مسلمي العالم.
إن جميع المسلمين وكل من يعرف العمل الخيري بمعناه الحقيقي يشعر بالمسؤولية تجاه هذا الأمر ويقوم بالمهمة المنوطة به على أفضل وجه ممكن بناءً على قدرته وثروته.
غزة؛ أرض العشاق الذين اقتدوا بكربلاء
وتتابع صديقة سلمان: من الاهتمامات التي طالما أثيرت بالنسبة لي، إلى جانب قضايا الثورة والقضايا الدينية والروحية، هي قضية فلسطين، ولهذا السبب قررت المشاركة في ورشة التصور "أقصر من الطفولة" وبهذا أعلن دعمي لشعب غزة المظلوم وأطفال فلسطين العزل.
بالنسبة لي، فلسطين هي الأرض التي كانت دائما مظلومة، وشعبها المظلوم مستعد للموت في أي لحظة. هذا القدر من القمع يؤثر على الإنسان.
الفكرة الرئيسية
وتقول صديقة سلمان عن تصميمها وفكرتها في هذه الورشة: التصميم الذي أريد أن أصوره للورشة البصرية "أقصر من الطفولة" مأخوذ من الصور المفجعة لإستشهاد الرضع والأطفال في أحضان آبائهم وما يحدث بهم حسب ما خطر ببالي.
تخيّلت أجنحة ملائكة تحمل أطفالاً ورضّعاً بين أذرعها. ولذلك قررت أن أعتبر أوراق الزيتون وأوراق التيوليب على الجزء الأخضر من علم فلسطين وأن أصور زهور التوليب كرمز للشهداء على الجزء الأحمر من العلم.
وفي وسط العلم وهو الأبيض سأخصص جزءا منه لأجنحة الملائكة وجزءا آخر للعلم الفلسطيني، وفي الجزء الأسود من العلم للأعلام الفلسطينية بخلفية سوداء.
وفي منتصف العلم أصور طفلاً نائماً مضرجاً بالدماء رمزاً لشهداء مستشفى غزة الأخيرين، الذين تسندهم أجنحة الملائكة. كانت هذه فكرتي الأولية وحاولت التصميم بناءً على ذلك.
عنوان العمل
وحول عنوان هذا العمل تقول صديقة سلمان: اخترت عنوان العمل "هنا في كربلاء بغزة الأطفال الرضّع أيضا يستشهدون". تقنية تأثير الأكريليك وأسلوبها مفهومة.
وفي النهاية تقول عن تأثير هذه الورشة وأيضاً تأثير الأعمال: تأثيرها عظيم بالتأكيد. على أية حال، ومن أي منظور، فإن مجال الفن والإعلام واسع ومتنوع.
حول هذه القضية وغيرها من القضايا الإنسانية والعالمية، يجب أن يتشكل تيار إعلامي متكامل، وبذلك ينعكس صوت العدالة والمطالبين بالحق. في رأيي أن تياراً قوياً وقوياً يتشكل لإسقاط الكيان الصهيوني الغاصب.
دعم الفنانين الإيرانيين
هذا ولم يُختصر خلق الآثار الفنية في هذا المجال بهذه الورشة، بل شهدنا منذ اليوم الأول من بداية العملية ردّات فعل كثيرة من فناني ايران، منهم الرسّام الإيراني حسن روح الأمين الذي قدمنا لكم سابقاً آثاره حول الموضوع في مقال سابق، كما أن هناك كثيرا من الآثار تم رسمها في المحافظات الإيرانية المختلفة منها للسيدة ربيعي التي رسمت لوحة جميلة دعماً لأطفال غزة ترسم فيها طفلة من أهالي غزة في الأنقاض تمد يديها باتجاه أمها التي استشهدت تمد يدها من بين الورود (رمزاً لإستشهادها) نحو ابنتها، وتكتب الفنانة باللغة الإنجليزية تحت اللوحة: "غزة أصبحت ككربلاء.. يا مهدي عجل على ظهورك"، أو فنانة أخرى ترسم تصوير رسول الله (ص) يستقبل شهيدة وهي أم احد اطفال أهالي غزة ويقول: "لا تحزن يا طفل غزة، أمك عندي"، وفي لوحة أخرى تستقبل السيدة فاطمة الزهراء(ع) طفل شهيد وتقول: "لا تحزني يا أم غزة، طفلك بين أحضاني"، وهناك الكثير من هذه اللوحات، وإقامة مسابقات فنية لدعم الشعب الفلسطيني المظلوم كما أن نادي فن الفكاهة الثوري الإسلامي بالتعاون مع "حسينية هنر" يوجه دعوة للمشاركة في مسابقة تحت عنوان "الهزيمة التي لا يمكن إصلاحها" للمشاركة فيه بمجال الكارتون والكاريكاتير.