في حال توسعها
كيف ستؤثر الحرب في غزة على دول آسيا الوسطى؟
الوفاق/تمثل الحرب في غزة حالياً محور اهتمام وسائل الإعلام العالمية، حيث يُنظر إليها على أنها حرب جديدة قد تتوسع لتؤثر ليس فقط على الشرق الأوسط فقط ، بل على العالم أجمع في حال توسعها و انضمام أطراف أخرى إليها. وقد أشار بعض المحللين إلى المخاطر الأمنية لهذه الحرب على منطقة آسيا الوسطى، إلى جانب ارتفاع أسعار المنتجات النفطية.
ردود فعل آسيا الوسطى
أعربت وزارات خارجية دول آسيا الوسطى عن قلقها البالغ إزاء تصاعد الوضع في فلسطين و غزة تحديداً. وأصدرت وزارة الخارجية الطاجيكية في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول البيان التالي حول الوضع في الأراضي المحتلة: “إن تصاعد التوتر في الشرق الأوسط مما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير للمساكن والبنى التحتية الاجتماعية، قد أثار قلقاً كبيراً في طاجيكستان».
وكانت ردود فعل الجمهوريات الأخرى مماثلة. ويعتقد بعض المحللين أن هذه الأزمة يمكن أن تجتذب انتباه المتطرفين والجماعات الجهادية.
وفيما يلي وجهات نظر اثنين من خبراء المنطقة حول هذا النزاع وتأثيره المحتمل على دول آسيا الوسطى: يقول «قاسم بيك محمد»، وهو خبير طاجيكي في الشؤون الإقليمية: لقد كانت عملية حماس العسكرية ضد إسرائيل غير مسبوقة، مما يشير إلى أن الصراع قد وصل إلى مستوى جديد.
إن تسلل مقاتلي حماس إلى سبع مستوطنات ، والهجمات الصاروخية على البنى التحتية العسكرية الإسرائيلية، وارتفاع عدد الضحايا بمن فيهم من أفراد الجيش الإسرائيلي، وكذلك اعتقالهم، قد أضعف الإيمان بقوة «الجيش» والمخابرات الإسرائيلية.
ولم يسبق أن شوهدت قوات المقاومة الفلسطينية وهي تمتلك القدرة على تنفيذ عمليات برية وجوية وبحرية متزامنة.
وفي الوقت نفسه، ترى تل أبيب أن السبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو إعلان حالة الطوارئ وقصف قطاع غزة، مما يمكن أن يزيد الوضع سوءاً في المنطقة.
لقد فاجأ تصاعد النزاع في الشرق الأوسط العالم بأسره، وحتى ألقى بظلاله إلى حد ما على حرب أوكرانيا. كما أثر هذا النزاع على العلاقات بين الدول إلى حد ما. تدعم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا إسرائيل.
بينما تدعم روسيا والصين وتركيا وبعض الدول الأخرى استقلال فلسطين. وتدعم إيران حماس وجميع قوى المقاومة الفلسطينية سياسياً وثقافياً وإعلامياً. وترى روسيا أن أزمة فلسطين - إسرائيل هي مثال بارز لفشل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. كما يحمل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي بُعداً حضارياً يتعلق أيضاً بآسيا الوسطى.
فقد طالبت بيانات دول المنطقة المتحاربين باتخاذ كل التدابير اللازمة لوقف المواجهة المسلحة على وجه السرعة وحل الأزمة عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية. ومع ذلك، توجد وجهات نظر مختلفة داخل المجتمع حول هذه القضية.
إن النقاشات الساخنة حول هذا الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي تعكس ذلك.
يدعم الكثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة فلسطين استناداً إلى مبدأ التضامن الحضاري والديني، ويرون أن الوضع الراهن لهذا الشعب يمثل تجسيداً صارخاً للظلم.
وستتفاقم هذه المشاعر الحضارية والدينية مع تصاعد النزاع، وربما تؤدي إلى زيادة توقعات المجتمع في آسيا الوسطى من حكوماتهم لاتخاذ موقف أكثر فاعلية تجاه معاناة الشعب الفلسطيني.
ومن الجوانب السلبية الأخرى لهذا الصراع بالنسبة لمنطقة آسيا الوسطى، أن أزمة الشرق الأوسط قد تجتذب انتباه المتطرفين والجماعات الجهادية التي ينضم إلى صفوفها عدد كبير من سكان آسيا الوسطى الأصليين. إن وجودهم على جبهة الجهاد العالمية الجديدة يمكن أن يحمل عواقب أمنية خطيرة على منطقة آسيا الوسطى، خاصة مع استمرار غموض الوضع الأمني في أفغانستان.
اثار توسع الحرب في الشرق الأوسط
يقول «بيرفيز ملاجانوف»، وهو خبير طاجيكي في الشؤون السياسية: إذا استمر هذا النزاع وتوسع نطاقه، فإنه سيلقي بظلاله ليس فقط على منطقة الشرق الأوسط، ولكن على العالم بأسره.
ويمكن أن يكون هذا التأثير على النحو التالي: أولاً، قد يؤدي استمرار الحرب في المستقبل إلى جذب اهتمام المجتمع الدولي ومعظم المؤسسات المالية والدول المانحة.
وفي هذه الحالة، سيضطر الغرب إلى إعادة النظر في أولوياته، مما سيؤثر على حجم المساعدات العسكرية والاقتصادية إلى أوكرانيا وبالتالي على مسار الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
كما سيؤثر ذلك على الوضع الأمني والاقتصادي العام في جميع أنحاء الاتحاد السوفياتي السابق. قد تؤدي الحرب الطويلة إلى تنشيط الجماعات الجهادية والمتطرفة في دول الاتحاد السوفياتي السابق. ثانياً، قد يكون لاستمرار النزاع عواقب اقتصادية خطيرة على المنطقة والعالم.
فعادة ما تؤدي جميع الحروب في الشرق الأوسط إلى ارتفاع الأسعار العالمية للنفط، مما يضعف الاقتصاد العالمي ويؤثر سلباً وبشكل خاص على البلدان
النامية.
من ناحية أخرى، سيؤثر انخفاض الاهتمام الدولي بآسيا الوسطى على حجم القروض والمنح والمساعدات الاقتصادية والاستثمارات الواردة إلى المنطقة.
ومع ذلك، من السابق لأوانه استخلاص أي نتيجة نهائية الآن. وستعتمد النتيجة النهائية على العوامل التالية، كمدى استمرار مرحلة النزاع الجديدة، و هل سيتحول هذا النزاع إلى حرب شاملة؟ وهل سيتدخل حزب الله فيها؟، و ما هي ردود فعل الدول العربية الأخرى؟
و من المحتمل أن تكون لهذه الحرب آثار غير مباشرة آخرى على المنطقة ما بعد السوفياتية ودول آسيا الوسطى. قد تأتي هذه التأثيرات في شكل ارتفاع أسعار المنتجات النفطية، مما سيؤثر بلا شك على التضخم في السلع والمنتجات الأخرى.
من ناحية أخرى، قد يؤثر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط في المستقبل سلبا على سوق العمل في دول المنطقة كما من الممكن أن تشدد العديد من الدول المتقدمة تتشدد بسياسات اعطاء التأشيرة الخاصة بها إلى االمهاجرين من الدول الإسلامية بما في ذلك آسيا الوسطى.