الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وتسعة وخمسون - ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وتسعة وخمسون - ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٤

في ظل الأحداث الأخيرة التي شهدتها

هل عاد الصراع العلماني الديني إلى تركيا؟

منذ فترة قصيرة، وسط موجة متزايدة من العنصرية، أثار شاب قومي تركي غضب ملايين المسلمين الأتراك بشربه الكحول داخل مسجد،حيث نشر في 15 سبتمبر 2023، صورة لزجاجة مشروب أمام القبلة على تويتر وكتب: "أتاتورك العظيم". وطالبت السلطات بالتحقيق و مراجعة كاميرات المراقبة لمحاولة القبض عليه. وأثار تصرفه غضباً وإدانة على منصات التواصل الاجتماعي. واعتبر هذا الحادث مؤشراً خطيراً على الموجة المتصاعدة من الكراهية التي تستهدف الأتراك المتدينين. فالاعتداءات اللفظية أو الجسدية على النساء المحجبات، إلى جانب الدعوات لإعادة تركيا إلى تراثها العلماني الأول عندما كانت تعارض جميع أشكال الدين والتدين، في تزايد. وطُرحت تساؤلات حول هذا الوضع السائد الذي يهدد التماسك الإجتماعي، إلى جانب العداء للأجانب والاعتداء على اللاجئين والسياح. فكيف سيتعامل الرئيس رجب طيب أردوغان مع هذا التحدي في بداية ولايته الرئاسية الثالثة؟
مواقف عنصرية
 في 20 أغسطس 2023، تعرضت امرأة محجبة تركية كانت تركب حافلة عامة في مقاطعة كوجايلي بإسطنبول لهجوم لفظي من امرأة عنصرية اعترضت على لباسها. فقالت العنصرية للمحجبة: "من أين أنتِ؟ لا يرتدي أحد هذه الملابس هنا في جمهورية تركيا. اذهبي إلى مكان آخر". أثارت إهانة المرأة العنصرية ردة فعل الركاب الآخرين في الحافلة، إذ قال أحدهم للمرأة المهينة: "هذه تركيا ونرتدي هنا ما نشاء. إن لم يعجبك ذلك فاذهبي إلى اليونان". وفي أعقاب الحادثة، أعلن سدار يافوز محافظ كوجايلي أن السلطات حددت هوية المرأة التي أهانت الأخرى بسبب ملابسها. كما ذكرت صحيفة أناتولي أن الشرطة اعتقلت المتهمة بعد بث فيديو الحادثة، وما زال التحقيق جارياً. ولم يكن هذا الحادث، الذي حظي باهتمام وسائل الإعلام التركية، حادثاً منفرداً. ففي اليوم السابق، 19 أغسطس تحديداً، وقف شاب في حافلة في حي بشيكتاش بإسطنبول لصالح امرأة محجبة تتعرض لهجوم لفظي من امرأة عنصرية. فقالت العنصرية للمحجبة: "اذهبي إلى السعودية واركبي الجمال"، فرد عليها الشاب التركي: "اذهبي أنتِ إلى اليونان واركبي القارب". ثم هاجمته المرأة ووصفته بالسيء الأخلاق ورمت هاتفه أرضاً.
وفي 31 أغسطس، وقع حادث مشابه عندما دافع شاب تركي في مترو إسطنبول عن امرأة محجبة بعد هجوم امرأة علمانية حاولت نزع حجابها. وفي 14 سبتمبر 2023، تداولت منصات التواصل فيديو يظهر امرأة تتشاجر مع امرأة محجبة، ثم تواجه امرأة محجبة أخرى مع ابنتها في الشارع وتحاول نزع حجابهما. وذكر موقع Haberler التركي أن الحادثة وقعت في منطقة أسنيورت بإسطنبول، واعتقلت الشرطة المعتدية وبدأ التحقيق في القضية.
موقف أردوغان
 أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 5 سبتمبر عن ردة فعل حادة إزاء هذه الحوادث، مصنفاً مرتكبيها بالفاشيين ومتعهداً بتقديمهم للعدالة. وغرد بعد اجتماع مجلس الوزراء: "للأسف نشهد مزيداً من الوقاحة في وسائل النقل العامة ومحطات المترو والمتاجر والشوارع اتجاه مواطنينا. لكل فرد في تركيا، سواء كان مواطناً أو أجنبياً، الحق في العيش بسلام والتعبير عن معتقداته. يتعرض بعض الناس للمضايقات والعنف في تركيا لأنهم أجانب أو يتحدثون لغة مختلفة أو يرتدون الحجاب. لن نقبل أو نتسامح مطلقاً مع ذلك". وأكد أنهم "يحاولون تحويل كل ما يجب أن يوحدنا كالقيم والثقافة والفنون والرياضة إلى أدوات للفرقة. يبدو أنهم لم يتعلموا الدرس من الانتخابات الرئاسية. انتهى عهد الظالمين الذين اعتبروا هذا البلد ملكاً لهم وهذا الشعب عبيداً لهم".
 صراع تاريخي
على الرغم من اعتبار 94% من الأتراك أنفسهم متدينين ومسلمين، إلا أن تركيا لديها تاريخ مؤلم في الحريات الدينية وفقاً لدراسة أجرتها جامعة مرمرة في 21 مارس 2023. ففي 28 فبراير 1997، وقع انقلاب ما يُعرف بانقلاب 28 فبراير، الذي جاء كإجراء احترازي لحماية العلمانية. وفي ذلك الوقت أُزيح نجم الدين أربكان، زعيم حزب الرفاه والشخصية الإسلامية البارزة، الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء في حكومة ائتلافية مع حزب الطريق القويم بقيادة تانسو جيلر. ومن الإجراءات التي اتُخذت حينها حظر الحجاب بشدة في الجامعات. كما أُغلقت مدارس حفظ القرآن ومنع الطرق الصوفية، وأُقيل الضباط ذوو المعتقدات الدينية. لكن بعد سنوات قليلة فقط، ظهرت حركة إصلاحية في 2002 بقيادة حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، الذي عزز سيطرته على المجتمع التركي من خلال مزيجه المحافظ. وحكم البلاد لأكثر من عقدين. واستطاع الحزب اختراق الحصون العلمانية القديمة التي أقامها العسكريون. فأنهى القيود المفروضة على الحريات الدينية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الحجاب وحق المحجبات في التعليم والتوظيف الحكومي.
كما مهّد الحزب الطريق أمام المسلمين لممارسة شعائرهم بحرية من خلال توسيع بناء المساجد وتعزيز دور مديرية الشؤون الدينية في مهمتها للدعوة والإرشاد الديني. كما عارض أي استهداف للمقدسات الإسلامية والنساء المحجبات. وقال عمر قيزيلجينار، الصحفي التركي، عن هذا الوضع: "ما نراه اليوم هو جزء من التاريخ المؤلم للجمهورية التركية، عندما كان ارتداء الحجاب بل والصلاة والصيام وأي جانب من جوانب الدين ممنوعاً. فقد اعتبروا المتدينين، ولا سيما النساء المحجبات، دنيئين وحرموهم من التعليم والعمل". وأضاف لصحيفة الاستقلال أن "تركيا اليوم تخطت تلك المرحلة بشكل كبير، ما أغضب العلمانيين ومن لديهم أيدولوجيات مناهضة للدين.
فهؤلاء يستغلون صراعهم مع الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية لإثارة الخلافات والصراعات على أساس الدين والهوية". وأكد الصحفي التركي أن "تركيا تواجه مؤامرات داخلية وخارجية تستهدف مجتمعها وتسعى لتعطيل مكتسبات السنوات الأخيرة". وبحسبه "يجب على الحكومة التعامل بجدية مع مثل هذا السلوك وإطلاق حملات توعية في المدارس والجامعات". ومن النقاط الإيجابية أن من يقفون في وجه العنصرية ضد المتدينين والنساء المحجبات هم مواطنون عاديون، وهو أمر لم يكن شائعاً في الماضي.
البحث
الأرشيف التاريخي