هبة زقوت تكمل جدارية الشهادة
للفنّ والفنانين حصّة أيضاً في الإبادة الجماعيّة التي يتعرّض لها مدنيّو غزّة من قبل الصهاينة المجرمين.
بين آلاف الشهداء، أطفال ونساء، شيب وشبّان، ارتقت الفنانة التشكيليّة هبة زقوت (39 عاماً) شهيدةً مع أطفالها، لتكمل جداريّة الشهادة والمأساة.
هبة زقوت، رسّامة الأكريليك، التي كانت تدرّس الفن في مدرسة حكومية في القطاع، هي خرّيجة «جامعة الأقصى» في غزة عام 2007. شاركت في معارض عديدة في الداخل والخارج. ومن معارضها المنفردة «أطفالي في الحجر الصحي» (2021). تتميّز لوحات زقوت عموماً برسم البيوت والمآذن والقباب والكنائس الفلسطينية، تأكيداً على الهوية الفلسطينية، معبّرة عن القضية بأسلوب مباشر.
وعلى رغم الظروف القاسية والمعاناة المستمرّة منذ سنوات بعيدة، بقيت زقوت في غزة، وكتبت قبل ثلاثة أيام من استشهادها مع عائلتها: «اللهمّ نستودعك قلوباً مفجوعة بالفراق، اللهمّ اجبر كسر قلوبنا واجعلنا لقضائك وقدرك صابرين. يا ربّ كن معنا وقوِّنا وزدنا صبراً وآجرنا على صبرنا. اللهمّ اربط على قلوبنا، فإنها لا تقوى ولا تستند إلّا بك». ومن أحدث الرسوم التي نشرتها زقوت في الفترة الأخيرة واحد للقدس المحتلّة، وآخر للمسجد الأقصى الذي ترفرف الأعلام الفلسطينية في باحته وسط أجواء من الفرح والألعاب النارية... إلى رسم آخر، قبل نحو أسبوعين من الاستشهاد، وتظهر فيه امرأة حزينة تحمل حمامة سلام، وترافق الرسم كلمات: «نحن دائماً في بحث عن الأمان في حياتنا. قد نجده في الحب ولكننا سنظل نبحث عنه».
المرأة ذات حضور طاغٍ في لوحات هبة زقوت، بل هي بطلة هذه اللوحات التي تروي همومها ومعاناتها في ظل التهميش بسبب الحصار الإسرائيلي وواقع الفقر الذي ترزح غزّة تحته، ومثله الواقع الاجتماعيّ الضاغط. وتظهر المرأة في أعمالها بزيّها الفلسطينيّ التقليديّ، تارة حزينة، وطوراً متفائلة، قوية ومناضلة. كما ترسم المرأة الأمّ بحنانها على أطفالها وخوفها عليهم من المرض أو الوباء (زمن الكورونا) وما كانت لتتوقّع أن يستشهد أطفالها بالوحشية الإسرائيلية.
رسمت الفنانة الشهيدة هبة حالات الخوف والمعاناة والحزن والنضال، ورسمت في موازاة ذلك الفرح والإشراق والأمل، بألوان زاهية فرحة تزيّن البيوت والبساتين والأزهار والطيور، لتعبّر عن الأمل والحلم بحياة أفضل مستقبلاً تليق بكرامة الإنسان الفلسطيني وعزّته وبطولته وحقّه في العيش بسلام على أرضه التاريخية. على أجنحة الرجاء رسمت الحلم والأمل اللذيْن لا يستطيع المحتلّ المتوحّش قتلهما في الروح الفلسطينية الحيّة.