ازدواجية المعايير مرة أخرى في معرض فرانكفورت للكتاب
فلسطين حاضرة في معرض بيروت للكتاب.. دعم دور النشر الإيرانية والعربية
معارض الكتاب الدولية دائماً ما تكون ملتقى فكري للمثقفين ومحبّي الكتب بمختلف موضوعاتها، فعندما نسمع بإقامة معرض دولي للكتاب، نشهد اجتماع الفن والثقافة وأهل الفكر والعلم، ففي أجواء العدوان الصهيوني الغاشم على الشعب الفلسطيني المظلوم وما يرتكبه من الجرائم، نشهد إقامة معرضين دوليين في اتجاهين مختلفين، وهذا هو خير مثال لسياسة الكيل بمكيالين التي يتبعها الغرب والدول الداعمة للكيان الصهيوني في تزييف الحقائق، أما الذي حدث في الأيام الأخيرة والذي سنتطرق إليه هو إنطلاق فعاليات معرض لبنان الدولي للكتاب الذي يدعم القضية الفلسطينة، ومن جهة أخرى إقامة معرض فرانكفورت الدولي للكتاب الذي تم مقاطعته من قبل اتحاد الناشرين في الدول العربية وجميع أحرار العالم، بسبب إزدواجية المعايير التي يرتكبها مُدراء معرض فرانكفورت لسحب جائزة الكاتبة الفلسطينية "عدنية شبلي" بذريعة معاداة السامية! أما الحقيقة فهي غير ذلك.
معرض لبنان الدولي للكتاب
انطلقت فعاليات الدورة الثامنة من "معرض لبنان الدولي للكتاب" بمشاركة أكثر من 155 دار نشر لبنانية خاصة ورسمية يمثلون277 ناشراً من دول عربية وأجنبية من بينها إيران وقطر وعمان وفلسطين والإمارات وسوريا والعراق، ويستمر المعرض إلى 22 أكتوبر الجاري.
أقيم حفل افتتاح "معرض لبنان الدولي الثامن للكتاب" يوم الخميس 12 تشرين الأول/اكتوبر في مركز الفوروم للمعارض والمؤتمرات في بيروت بحضور وزير الثقافة اللبناني " محمد وسام المرتضى" ووزير العمل اللبناني "مصطفى بيرم" ورئيسة اتحاد الناشرين اللبنانيين "سميرة عاصي" ولفيف من الشخصيات السياسية والثقافية من لبنان ودول أخرى.
وخلال حفل الإفتتاح هذا، قدّم وزير الثقافة اللبناني "محمد وسام المرتضى" التحية في البداية لجبهة المقاومة وشعب فلسطين المجاهد، مؤكداً على أننا بالثقافة ننتصر ولبنان هو وطن الرسالة، وعاصمته بيروت هي العاصمة السرمدية للفكر.
مشاركة ايرانية واسعة
شاركت ايران في المعرض مشاركة واسعة، دار الكتاب والأدب الإيرانية تشارك في هذا المعرض بجناح مساحته 160 مترا مربعا لتقديم وعرض 1200 عنوان كتاب في مجالات الدين الإسلامي، وفلسطين، والدفاع المقدس، وأدب المقاومة، والأدب الكلاسيكي والمعاصر وأدب الكبار وأدب الأطفال والناشئين والفن والسياحة والكتب الأكاديمية.
ويتم تمثيل ايران بجناحها الذي يشارك فيه 60 دار نشر ايرانية منها "منشورات سوره مهر"، "بستان کتاب"، "افرا"، "هدهد" بحيث تقوم دور النشر مباشرة بتقديم اعمالها للجمهور. والجدير بالذكر ان أكثر من 80% من الأعمال المعروضة في الجناح الإيراني في معرض لبنان الدولي الثامن للكتاب هي باللغة العربية حتى يتمكن المزيد من الجمهور من الإستفادة من هذه الكتب.
وتعد تجربة جناح ايران في المعرض مختلفة عن الفترات السابقة من حيث المظهر والهوية البصرية. وفي هذا الصدد، تم تصميم المساحة المرئية للجناح لتكون مزيجاً من التقاليد والثقافة والفنون الإيرانية وهو ما لاقى استحسان الجمهور.
ومن فعاليات الجناح الايراني في هذا المعرض، إقامة برامج جانبية داخل المعرض وخارجه بحضور ضيوف من إيران، مثل إزاحة الستار عن الكتب وجلسات مراجعة الكتب وإقامة ورش عمل مختلفة.
هنا فلسطين!
"معرض لبنان الدولي للكتاب" يعلن تضامنه مع فلسطين، ويقيم مجموعة من الفعاليات الداعمة للفلسطينيين في معركتهم مع الاحتلال.
ويقول محمد ناصر مدير "دار المودة" في بيروت: "شعارنا دائماً ما قاله الكاتب والمناضل الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني: "إن الإنسان هو في نهاية الأمر قضيّة".
ناصر الذي يشغل عضوية لجنة المعارض العربية والدولية ونقابة الناشرين اللبنانيين، يقول: إن الدار بالتعاون مع دور نشر أخرى، قررت أن يكون المعرض ساحة اشتباك ثقافي مع "إسرائيل"، وسنداً للمقاومة الفلسطينية في معركتها مع العدو، وذلك على قاعدة ما ذكّر به المناضل باسل الأعرج قبل سنوات حول المثقف المشتبك.
انطلاقاً من هذا الإيمان، وعلى مساحة تمتد لنحو 5 الاف متر مربع، هي مساحة المعرض، رفعت دور النشر العلم الفلسطيني، لأن القضية الفلسطينية هي "قضية أساسية تتبناها دور نشر كثيرة مشاركة في المعرض"، على حد قول ناصر الذي يستعيد بيتاً شعرياً يقول: "راية القُدسِ في روابيها، نبذلُ النفسَ إذ نحاميها".
وتماشياً مع ما فرضته عملية "طوفان الأقصى"، قررت دور النشر المشاركة في المعرض، أن يكون لها حصتها في المعركة، إذ أجرت تعديلات متنوعة على فعالياتها وأنشطتها. حيث تقوم بعرض الكتب حول القضية الفلسطينية وتقديمها للجمهور، من بينها كتب فكرية وروائية وتجارب شخصية وقصص وكتب للأطفال والناشئة، بغية "رفع مستوى المعرفة حول هذه القضية ومستوى التحدي"، أو الإسراع في طباعة كتب عن فلسطين كانت قيد الطباعة.
وتشمل الفعاليات أيضاً عقد ندوات وأنشطة مواكبة للحدث، وتنظيم نشاط يومي سواء عبر حفل شعري أو معرض صور أو توقيع أو مناقشة كتاب، ومنها لقاء حول كتاب "عاصمة السماء"، الذي يضم مجموعة خطب للأمين العام السيد حسن نصر الله حول رؤيته لفلسطين، وكذلك تنظيم فعالية حول كتاب "قضية فلسطين" الامام سيد علي الخامنئي، الذي حمله نتنياهو وعرضه في الأمم المتحدة لكي يظهر لهم كيف تدعم إيران فلسطين وكيف تُهَدّد كيانه الزائل، كما سيكون هناك محاضرة عن "الحطّة العربية الفلسطينية" ينظمها دار المجمع الإبداعي.
وعلاوة على ما سبق، يقول ناصر: إن دور النشر تعلن تأييدها موقف "اتحاد الناشرين العرب" في معرض فرانكفورت الحالي، وذلك في أعقاب إجرائه الأخير المتمثل في إلغاء حفل تكريم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي وإعلانه التضامن
مع الكيان الصهيوني.
معرض فرانكفورت للكتاب يحرم كاتبة فلسطينية من التكريم
من جهة أخرى أعلن منظمو معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، يوم الجمعة الماضي، تضامنهم الكامل مع الكيان الصهيوني، وبالمقابل ألغى حفل توزيع جائزة الروائية الفلسطينية عدنية شبلي وتكريمها، وذلك بتهمة "معاداة السامية" وإتاحة مساحة إضافية "لدعم الأصوات اليهودية والصهيونية"، ما أغضب اتحاد الكتاب العرب ومشاركين آخرين بالمعرض ودفع عدة مؤسسات للإنسحاب.
وكان من المقرر أن تتسلم الكاتبة الفلسطينية -المقيمة في برلين- عدنية شبلي، جائزة أدبية تمنحها الجمعية الأدبية الألمانية "ليتبروم" في معرض فرانكفورت عن روايتها "تفصيل ثانوي" (2017) يوم الجمعة المقبل.
وجاءت الرواية في قالب درامي ولا تشمل تفاصيل سياسية مباشرة، وتدور في زمنين منفصلين حيث تحكي قصة فتاة فلسطينية من النقب يغتصبها جنود إسرائيليون بعد عام واحد من النكبة الفلسطينية، بينما تحاول فتاة أخرى بعد نصف قرن البحث عن وقائع الجريمة الأولى. وتؤرخ الرواية للمعاناة الفلسطينية بدءاً من التهجير في زمن النكبة وحتى المنع من التنقل بين مناطق الأراضي الفلسطينية.
ونُشرت الترجمة الإنجليزية للرواية، بقلم إليزابيث جاكيت في عام 2020، وتم إدراجها في القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية في العام التالي وفي قوائم جوائز أخرى.
وقالت جمعية "ليتبروم" في بيانها للإعلان عن الجائزة، إن رواية شبلي "عمل فني مؤلف بدقة يحكي عن قوة الحدود وما تصنعه الصراعات العنيفة بالناس"، وأكدت الجمعية التي تسعى لدعم أدب الجنوب العالمي من بلدان أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، أنها لم تغير موقفها في منح جائزتها لرواية عدنية شبلي رغم الإنتقادات والإتهامات.
العار ليس صهيونياً فقط، فأحفاد لغة غوته لهم حصتهم من الخزي. هذه المرّة يتكفّل "معرض فرانكفورت للكتاب" (18-22 تشرين الأول/أكتوبر) الجاري، برفع الضيم عن "مبادئ الإنسانية"، وذلك بحجب الجائزة بتهمة "معاداة السامية"، وتصوير "إسرائيل" على أنها "آلة قتل"، والانقلاب إلى الضفة المعادية بتخصيص جزء من فعاليات المعرض لإتاحة مساحة إضافية "لدعم الأصوات اليهودية والإسرائيلية"، وفقاً لبيان مدير المعرض بورجن بوس.
ولم يذكر مدير المعرض شيئاً عما إذا كان سيتم إفساح المجال لأي أصوات فلسطينية. بالمقابل، لا تشهد فعاليات المعرض المصاحبة أي مشاركة من أدباء أو كتاب أو مفكرين فلسطينيين.
مقاطعة معرض فرانكفورت للكتاب
وفي نفس السياق اعلنت اتحادات وهيئات نشر عربية مقاطعة معرض فرانكفورت الدولي للكتاب تضامناً مع فلسطين، ورفضاً لمواقف إدارة المعرض الداعمة لإسرائيل.
أصدر "اتحاد الناشرين العرب" ممثلاً برئيس الإتحاد بمحمد رشاد، بياناً يوم السبت، استنكر فيه التصريحات الصادرة عن يورجن بوس، مدير "معرض فرانكفورت للكتاب"، حول جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، و"الموقف المنحاز وغير العادل تجاه الأحداث غير المأساوية التي تشهدها المنطقة".
وقال رشاد إن المقاطعة "رسالة رمزية ليس للمعرض وحده بل لدول العالم المشاركة فيه"، علماً أن الدورة الــ 75 من المعرض تقام بمشاركة أكثر من 7000 دار نشر، بالاضافة لممثلي العاملين في كل قطاعات الطباعة والنشر.
وأضاف أن قرار مقاطعة المعرض الذي يخص صناعة النشر أكثر من كونه معرضاً جماهيرياً، يشكل "رسالة هامة جداً للتنبيه على ازدواجية المعايير التي يتعامل بها العالم الغربي تجاه قضايا متشابهة. وهو ما نجده عند التعامل مع الاحداث في اوكرانيا مقارنة برد الفعل عما يجري في غزة".
وأكد رئيس "اتحاد الناشرين العرب" أن الاستجابة من الاتحادات العربية لهذه المقاطعة قد بدأت بالفعل. فقد أصدر كل من "اتحاد الناشرين المصريين" و"جمعية الناشرين الإماراتيين"، و"هيئة الشارقة للكتاب"، و"جمعية الناشرين السعوديين"، و"الملتقى العربي لناشري كتب الأطفال"، بيانات في نفس السياق تؤكد على رفضها لازدواجية المعايير، وانكار حق الفلسطينيين في الدفاع الشرعي
عن النفس.
من جانبه، قال رئيس "الاتحاد المصري للناشرين" سعيد عبده إن الاتحاد يؤيد هذا القرار ويسير به، فضلاً عن دعوة الناشرين المصريين إلى عدم المشاركة، و"تأييدنا الكامل لحق الشعب الفلسطيني، والرفض الكامل لحرب الإبادة الجماعية التي تتم في قطاع غزة"، ودور النشر المصرية التي كان من المتوقع أن تشارك تبلغ 20 داراً.
وبالرغم من أن المقاطعة، بخلاف كونها رسالة رمزية للعالم أجمع، حيث يحضر هذا المعرض المهتمون بصناعة النشر من كل دول العالم، إلا أنها، وفق عبده، ستؤثر على المعرض ولن تمر مرور الكرام.
أما الرسالة الثانية من قرار المقاطعة، فهو رفض الأكاذيب التي نشرت عن ذبح الفلسطينيين للأطفال الاسرائيليين، وتجاهل أي رد فعل بعد ثبوت كذبها، بل والتغاضي عما حدث ويحدث يومياً لأطفال غزة، وكذلك التعامي عن أفعال تقع في نظاق جرائم الحرب ومنها الطلب من أكثر من مليون نسمة لإخلاء بيوتهم خلال 24 ساعة، وقطع المياه والكهرباء عنهم. فلا يوجد أي قانون دولي، وفقاً لعبده، "يسمح باخلاء المستشفيات، متسائلاً: "أين العالم من كل هذه الجرائم؟".
ومن المتوقع أن تتسبب مقاطعة دور النشر العربية لمعرض فرانكفورت في أكثر من خسارة، لن يكون أقلها توقف المعاملات التجارية التي كان من المتوقع إبرامها مع الناشرين العرب، وانخفاض نسبة الزوار العرب للمعرض، وكذلك حجم العائدات المادية من بيع حقوق الترجمة للأدب العربي، وصولاً إلى تضعضع سمعة المعرض باعتباره معرضاً عالمياً شاملاً، إضافة إلى تفاعل عدد من رواد مواقع التواصل مع خبر الإنسحاب.