تحقيق كابوس الصهاينة
حنیف غفاری
أصبح تحليل الأحداث الجارية في الأراضي المحتلة هو الشغل الشاغل للاستراتيجيين الأمريكيين والصهاينة. وتعتقد الغالبية العظمى من المحللين في مجال العلاقات الدولية، أن ظاهرة خاصة قد حدثت في الأراضي المحتلة، ولن يكون من الممكن رسم إحداثياتها ببساطة. وحتى إعلان حالة الحرب وتشكيل حكومة طوارئ لا يمكن أن يؤدي إلى إدارة المشهد من قبل تل أبيب.
فمنذ احتلال فلسطين وحتى الآن، أصبح "ميزان الرعب" هو الإطار الأساسي للعبة الصهيونية ضد تيار المقاومة والرأي العام في المنطقة. وحتى في عام 2009 (أثناء المقاومة في غزة التي استمرت 22 يومًا)، عندما انسحب الصهاينة من الميدان، فقدوا القدرة على خلق واستدامة واستقرار توازن الرعب ضد حماس والجهاد الإسلامي وجماعات المقاومة.
ولعبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دورا مهما في تعزيز توازن الرعب لصالح تل أبيب خلال الأعوام الماضية والأخيرة، حين حاولوا من خلال وسائل الإعلام الخاصة بهم إظهار النظام الصهيوني على أنه نظام لا يقهر ولا يمكن اختراقه! إلا أن ما حدث مؤخراً خلال عملية "طوفان الأقصى" قد غيّر ميزان الرعب في مواجهة الصهاينة. لإن إخلاء ما لا يقل عن 20 مستوطنة صهيونية والهروب غير المجدي لآلاف من سكان الأراضي المحتلة إلى مطار بن غوريون (المطار الذي توقفت رحلاته الجوية) هرباً من الجحيم الذي خلقه لهم أمثال نتنياهو حقيقة! قد أظهرت هذه الحقيقة نفسها حتى في طريقة إعلان إحصائيات القتلى والجرحى والأسرى الصهاينة وإن مقتل وجرح آلاف الصهاينة وسبي مئات آخرين منهم يشير إلى انتصار كبير للمقاومة.
والحقيقة أن أبعاد ونتائج عملية اقتحام الأقصى لا تقتصر على الوقت الحاضر، ومستهدف هذه العملية المنتصرة لن يكون نتنياهو وحده! لقد تم تحدي وجود النظام الصهيوني خلال العمليات الأخيرة التي قام بها ابناء المقاومة وجعل من الصعب على تل أبيب أن تتنفس. إن اختيار أي خيار، بما في ذلك الهجوم الشامل على غزة أو القبول بوقف إطلاق النار، لن يؤدي إلا إلى زيادة شدة الهزيمة التي منيت بها إسرائيل. بمعنى آخر، ستكون تل أبيب هي الخاسرة في هذا المجال في أي موقف.
في هذه المعادلة الجديدة، يعترف الرأي العام العالمي بالنظام الصهيوني ليس كلاعب مهيمن على المسرح، بل كلاعب ضعيف محاط بالاحتمالات والافتراضات. أثبتت حرب غزة عام 2021 قوة فصائل المقاومة في السيطرة على العمق الاستراتيجي للأراضي المحتلة، وعملية طوفان الأقصى الأخيرة أوصلت هذه القوة إلى تبلورها المطلق. وهذا هو الكابوس الذي يخشاه الصهاينة منذ زمن طويل.
أن ظاهرة حصرية وفريدة من نوعها قد حدثت في الأراضي المحتلة، ولن يكون من الممكن مجرد رسم إحداثياتها وحتى وصفها. وحتى إعلان حالة الحرب وتشكيل حكومة طوارئ لا يمكن أن يؤدي إلى إدارة المشهد من قبل تل أبيب. نحن هنا نواجه كلمة أساسية تسمى توازن الرعب. منذ احتلال فلسطين وحتى الآن، أصبح ميزان الرعب هو الإطار الأساسي للعبة الصهاينة ضد تيار المقاومة والرأي العام في المنطقة.
لقد لعبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والحلفاء الإقليميون لنظام القدس المحتل دوراً مهماً في تعزيز توازن الرعب لصالح تل أبيب خلال السنوات الماضية والأخيرة، وحاولوا دائماً الاستعانة بالسياسيين الهواة، والجنرالات الطنانين. وضباط أمن الموساد والشين بيت في الرواية يقارنون وسائل الإعلام والإعلانات الخاصة بهم بكائنات خارقة للطبيعة لا تقهر. إن ما حدث مؤخراً خلال عملية اقتحام الأقصى قد غيّر ميزان الرعب بشكل واضح على حساب الصهاينة.
إخلاء ما لا يقل عن 20 مستوطنة صهيونية والهروب غير المجدي لآلاف من سكان الأراضي المحتلة إلى مطار بن غوريون (المطار الذي توقفت رحلاته الجوية) هرباً من الجحيم الذي خلقه لهم أمثال نتنياهو ولابيد وغانتس وبن جيري يعبران عن الحقائق، وهو أنه حتى وسائل الإعلام الغربية فقدت القدرة على إنكارها. بل إن هذا الذعر الحقيقي تجلى في إعلان عدد القتلى والجرحى والأسرى الصهاينة.
هذا وبات يعترف الرأي العام العالمي بالنظام الصهيوني ليس كلاعب مهيمن على المسرح، بل كلاعب ضعيف محاط بالاحتمالات والافتراضات. وقد أثبتت حرب غزة عام 2021 قوة فصائل المقاومة في السيطرة على العمق الاستراتيجي للأراضي المحتلة، وعملية عاصفة الأقصى الأخيرة أوصلت هذه القوة إلى تبلورها المطلق. وهذا هو الكابوس الذي يخشاه الصهاينة منذ زمن طويل.