الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثمانية وأربعون - ١٠ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثمانية وأربعون - ١٠ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

الكاتب اللبناني الدكتور حسان الزين للوفاق:

المجتمع الفلسطيني من الدفاع إلى الهجوم .. طوفان الأقصى واقعاً

عبير شمص
تُعَد الساحة الفلسطينية من أكثر المشاهد السياسية والاقتصادية والاجتماعية تغيُّراً، ما يجعل الثبات حالة من الاستثناء، نظراً إلى خصوصية الصراع الفلسطيني –  الصهيوني على مدار أكثر من مئة عام، وما تتركه هذه الخلفية من الصراع على البنى السياسية والاجتماعية  فيها، وتنوع معطياتها وفقاً للسياق والمتطلب، وللإطلاع على التطورات والتغييرات المجتمعية والثقافية التي طرأت على المجتمع الفلسطيني وحركته المقاومة، حاورت جريدة الوفاق الكاتب اللبناني الدكتور حسان الزين وكان الحوار التالي:

المجتمع الصهيوني مجتمع متفكك عنصري طبقي
بدايةً لا بد لنا من إلقاء نظرة على المجتمعين الصهيوني بشكلٍ عام والفلسطيني بشكل خاصٍ والتطور الذي حصل لهما من عام 1948 حتى هذه اللحظة وما هي أهم الأسباب والميزات لكل مجتمع وما هو دور الانتصارات التي حققها كل مجتمع على الجبهة الداخلية وعلى التطور النوعي لكل منهما، ويُعرف الدكتور الزين المجتمع الصهيوني أنه مجتمع انطوائي ذاتي على نفسه بحيث يعتمد السرية والانطوائية ويعتبر بأن كل شعوب العالم هي أقل قيمةً منه وعبيدٌ لديه، فهو مجتمع فوقي في حد ذاته وهو يتميز بأنه مجتمع عنصري حتى ضمن مكوناته الاجتماعية الداخلية، فهو يميز بين الأشكيناز والسفارديم أي بين الشرقيين والغربيين، فهو مجتمع طبقي رغم كل الدعاية الإعلامية التي تحاول تقديمه للعالم على أنه مجتمعُ ديمقراطي، كما يتميز هذا المجتمع بأنه مجتمعٌ لقيط فهو جُمع من الشتات وجُلب إلى فلسطين المحتلة فهو بهذه عنصر استعماري مستورد من الخارج إلى أراضي يعتبرها في تاريخه أرضاً له، والمجتمع الصهيوني هو مجتمع ثقافات متعددة لم يكن يمتلك لغةً، فاللغة العبرية جاءت لتوحد هذه المجتمعات القومية المشتتة من روسيا وأوكرانيا وأوروبا وأمريكا ودول أمريكا اللاتينية والدول الشرقية وشرق أوروبا وغيرها، وبالتالي هذا المجتمع في حد ذاته هو مجتمع متفكك.
ويتابع الدكتور الزين الحديث عن خصائص المجتمع الصهيوني فيرى أنه قائم على نظرية الحزن، فلقد شكل "الهولوكوست" عنصراً فعالاً في إظهار ما يمكن تسميته مظلومية الشعب اليهودي أمام وسائل الإعلام العالمية، واستغل الكُتاب الصهاينة الهولوكوست لجعلها أساس الترويج للحركة الصهيونية في العالم والعودة إلى أرض الميعاد كما يدعون. كذلك يُعرف الدكتور الزين المجتمع الصهيوني على أنه مجتمعاً عسكرياً فالمدرسة والجامعة والمزارع والمستوطنة عسكرية، ويلفت إلى أن الكيان الصهيوني لا يمتلك دستوراً وبالتالي لا يمتلك حدوداً فهو ليس دولةً وفق مفهوم القانون الدولي لأن الدولة تملك نظاماً وجغرافيا ودستور وهذا ما يفتقد إليه الكيان الصهيوني. كما أن هذا المجتمع الصهيوني يضيف الدكتور الزين بأنه تأسس على عقلية دفاعية، فأطلق على جيشه إسم جيش الدفاع ساعياً عبر استخدامه هذا المصطلح على خلق بروباغندا إعلامية بأنه يدافع عن حقوقه ونفسه.
المجتمع الفلسطيني والتغييرات
قبل الحديث عن المجتمع الفلسطيني والتغييرات التي تعرض لها، يقول الدكتور الزين بأنه لا بد من الحديث عن عدة أحداث مهمة حصلت في تواريخ متفاوتة، أولها الهزائم التي ألحقها العدو الصهيوني بالعرب منذ إنشائه منذ العام 1948، وهزيمة 1967م وهزيمة تشرين وتُعد نوع من أنواع الهزائم وإن كان التسويق لها  لكونها نصراً، وهي كذلك  ولكنها لا ترقى إلى ما يمكن تسميته انتصارات تغير المعادلة، وكذلك توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين العدو الصهيوني ومصر والتي سببت بخسارة المجتمع الإسلامي والعربي للقوة العربية المصرية المهمة في الحرب والسلم ، ومن الأحداث المهمة نشوء حركات المقاومة على مستوى العالم الإسلامي وخاصةً في لبنان والتي شكلت استراتجيتها الأساسية في تغيير المجتمع اللبناني أولاً والمجتمع العربي ثانياً بفكرها وثقافتها منذ السيد عبد الحسين شرف الدين ومروراً بالسيد موسى الصدر إلى سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله)، والحدث الأبرز كان انتصار الثورة الإسلامية  في إيران والذي كان له أبلغ الأثر  بالنسبة للتغيير المجتمعي والثقافي والسياسي لشعوب العالم العربي والاسلامي.
هذه التغييرات والمحطات المهمة التي مرت على البلاد العربية والإسلامية والتي كان أهمها انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني (قدس) صاحب الفكر النير في دعم القضية الفلسطينية وحركات المقاومة، وانتصار المقاومة الإسلامية في لبنان العام 2000 وال2006  تُعتبر أهم عنصر  تغييري في التاريخ المجتمعي لشعوب العالم العربي عامةً والشعب الفلسطيني خاصةً.
تنشئة الجيل المقاوم الحالي
يعتبر الدكتور الزين بأن المجتمع الفلسطيني يمتلك  خصائص ومميزات مهمة جداً  سلبية كانت أو إيجابية والتي تكونت نتيجة الصراع مع العدو الصهيوني، فيمتلك الفلسطينيون طاقة مهمة على مستوى الأفراد وعلى مستوى الجماعات،  فقد قاوم الفلسطينيون  الصهاينة منذ بداية احتلال أرضهم من قبل اليهود وعلى مر التاريخ، ويبرز التاريخ سيرة الفلسطينيين الحافلة بعمليات المقاومة ضد الأعداء، فالمرأة الفلسطينية كان لها دور مهم جداً وما زالت ولاّدة للكثير من المقاومين، وتمتع الفلسطينيون بثقافة المقاومة وإن وجد في جزءٍ منها ثقافة هزيمة وتشتت بسبب الخسارات المتعددة  التي خسرها العرب في مواجهة العدو الصهيوني ، ولكن  نتج عن هذه الثقافة تنشئة جيل مقاوم ينفض عنه غبار الهزائم التي عاشها أجداده منذ خمسين عاماً .
انطلاق المقاومة
يلفت الدكتور الزين بوجود العديد من الأحداث والوقائع  التي أثرت على تشتت وهزيمة المجتمع الفلسطيني المقاوم، انطلقت المقاومة من خارج فلسطين وليس من أراضيها الداخلية باستثناء حرب 1948م وما قبلها ، فبعد نشوء منظمة التحرير الفلسطينية والأحزاب الفلسطينية الأخرى وارتباطها بعلاقات دولية أفقدت المجتمع  الفلسطيني القدرة على التأثير داخل أراضيه وعلى تحقيق أهدافه بالانتصار على العدو الصهيوني، ولكن بالعكس قادت المجتمع والشعب الفلسطيني هذه العلاقات إلى خيارات أوسلو والاستسلام والمقايضة والبيع والشراء.
وهذا مغاير لمّا نعيشه اليوم  إذ تحولت المقاومة من الخارج إلى الداخل ، وأصبحت العمليات تنفذ داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليس من خارج الحدود ومن دول الطوق المحيطة بفلسطين المحتلة وهنا برز الفرق بين المجتمعين الفلسطيني صاحب الأرض والصهيوني المستورد من الخارج  الذي لا يتمتع بقوة الإنتماء والاخلاص،  كما أن الشعب الفلسطيني الذي نرى مصاديق كثيرة على تمسكه بأرضه ووطنه مطالباً بحق العودة  إلى الأن.
الانتصار في لبنان... نموذج لكل حركات المقاومة
إنّ التحول الذي حصل في لبنان على مستوى المقاومة والإنجازات التي حققتها ضد العدو الصهيوني قدمت القدوة لكل حركات المقاومة وخاصةً  الفلسطينية،  فقد أثبتت المقاومة الإسلامية في لبنان جدارتها بتحقيق انتصارات بقوتها وبإمكاناتها الفردية، فهي لا تمتلك قوة دولية  أو إقليمية تساندها بالمعنى الخاص المباشر باستثناء الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تساندهم بشكل مطلق، ولكن الإنجازات التي حققها للبنانيون جعل من هذه المقاومة فكراً وعملاً هي نموذج مهم في الصراع العربي الصهيوني، أعطى هذا  النموذج للمجتمعات والثقافة العربية ضخاً واسعاً من الروح النفسية التي يمكن لها تحقيق أهداف مهمة على جميع المستويات، تميزت التجربة اللبنانية المقاومة بفرادتها فهي واجهت العدو الصهيوني والعالم بمفردها في حرب تموز 2006م  وخرج المقاومون منتصرون، قدم هذا الانتصار درساً واضحاً ومثالاً واضحاً للمجتمع الفلسطيني بقدرته على تحقيق الانتصار وفق هذه العقلية ، عقلية  المقاومة وعقلية الانتصارات ضد العدو الصهيوني، أعطت  المقاومة الإسلامية في لبنان نموذجاً مهماً للمجتمع الفلسطيني بأنه يمكن أن ننتصر وسننتصر.
تغيير فكري في المقاومة الفلسطينية
 التغيير والتطور في العمل المقاوم الذي حصل في المجتمعات الفلسطينية على مستوى  الداخل 1948 والضفة الغربية ومستوى قطاع غزة  وتطوير الأحزاب الفلسطينية، يقول الدكتور الزين بأننا نجده في ظاهرة تنظيم  " عرين الأسود"  التي بدأت بالعمل المقاوم بشكلٍ منفرد ومن دون الرجوع إلى القيادة، في سبيل الخروج من الإعتداءات الصهيونية واسترداد الحقوق الفلسطينية، وبشكلٍ عام أصبح هناك ثقافة عامة بأن الاحتلال الصهيوني الى زوال وممكن  هزمه واستعادة الأرض.
التغيير الأبرز وفق الدكتور الزين  فإننا نراه في التحول  الفكري في المجتمع الفلسطيني على مستوى الأفراد والجماعت والتنظيمات والأحزاب، فتحولت المقاومة من الخارج إلى الداخل وأصبحت على تماس مباشر مع العدو الصهيوني ، وكذلك تشكل رغبة عارمة لدى المجتمع الفلسطيني للتخلص من إجرام العدو الصهيوني من قتل وتعذيب وتشريد  رغبةً  في التخلص من الاحتلال الصهيوني بشكلٍ نهائي. والتخلص من ثقافة الاستسلام والانهزام التي أرستها اتفاقية أوسلو، ويضيف الدكتور الزين أننا نرى تحولاً جذرياً في العمل المقاوم الفلسطيني مع تواجد قيادات فلسطينية في فلسطين المحتلة وليس خارجها، وتختلف عن القيادات  السابقة،  فهي تقاتل على الارض  وأمثال "محمد ضيف"وغيره  وهي تعرض نفسها  للخطر،  تتميز هذه القيادات بانها قيادات واضحة عملانية ميدانية تضع الأهداف المهمة لها موضع التنفيذ في الميدان بغض النظر عن التهديدات بقتلها وتشريدها .
المقاومة استلهمت شعار هيهات من الذلة
 إضافةً لوجود عامل مهم جداً يساند المقاومة وحركاتها هو وجود دولة تساند المقاومة وتقوم بتدريبها وتعتبر أن هيهات منا الذلة  هي أهم عنصر من عناصر الاستمرارية في العمل المقاوم، هذا المفهوم شهدناه في البيان الأخير الذي تلاه القائد  العام لكتائب القسام محمد ضيف في معركة " طوفان الأقصى"  الجارية حالياً ، هذا المفهوم مهم جداً  في المنظومة الفكرية  للمقاومة في لبنان وجوهر ثقافتها،  وهكذا يقول الدكتور الزين بانتقال هذا المفهوم  من لبنان إلى فلسطين بغض النظر عن الطقوس والشعائر  التي يمارسها المجتمع اللبناني المقاوم، فالذي انتقل إلى المجتمع الفلسطيني هو جوهر هذا المفهوم ، ويشكل تبني رجال المقاومة الفلسطينية لهذا المفهوم الفكري ، حدوث تغيير فكري جذري في إدارة الصراع مع العدو الصهيوني. وكأن هيهات منا الذلة انتصرت في جنوب لبنان وبدأت تظهر معالمها  في فلسطين المحتلة.
إن التراكم الثقافي في جميع روافده التربوية والفكرية والثقافية أدى إلى نشوء مجتمع مقاوم في فلسطين المحتلة، يمكن القول عنه بأنه مجتمع مثالي في العصر الحالي وسيؤدي إلى نجاحات وانتصارات مهمة على مستوى فلسطين، مع اعتناق الروح  المعنوية النفسية وأهمها روح الانتصار الهادفة المركزة والتي ترتبط بالله وبرسوله وبالجنة والنار، لذا نجد هذه الروح هي التي تقاتل في كل من فلسطين ولبنان، واليوم نشهد مجتمعين متغيرين مجتمع صهيوني  متمزق  نفسيته الروحية إلى أسفل السافلين ومجتمع فلسطيني نفسيته وروحيته في أعلى عليين، هذا الارتفاع في الميزان وكأن هذا الميزان وُضع بعدل وقسط كلما ارتفعت روحية المجتمع الفلسطيني هبطت روحية المجتمع الصهيوني.
لذلك برمجة العقل الصهيوني وبرمجة العقل الفسطيني يجب فهمه عبر الكثير من التطورات  على المستوى الاجتماعي والتربوي والثقافي فاليهودي  يقاتل من وراء جدار مهزوم  نفسياً والفلسطيني يقتحم ويهاجم، وانعكست المعادلة فأصبح الفلسطيني مهاجماً ومقتحماً قلاع اليهود وتحصيناته، ففقد الصهيوني عنصر المبادرة وامتلكها الفلسطيني وكأن أحجار الدومينو تتهاوى يوماً بعد يوم ولحظة بلحظة، أحجار العدو الصهيوني  تتهاوى وتتساقط أشجاره وثماره بينما المجتمع الفلسطيني بكل مقوماته بدأت تزهر أزهاره  وأينعت ثماره وبدأ تحقيق الانتصار ويمكن أن لا نحتاج كما قال السيد حسن نصر الله (حفظه الله)  الى معركة كبرى، بل يمكن ان تنتصر المقاومة الفلسطينية بمفردها وهذا ما بدأ تظهر ملامحه .
ونختم بالقول هناك حرب بين مجتمع مقاوم ذات روحية عالية يعتنق شعار " هيهات منا الذلة"  ومجتمع صهيوني تتساقط روحيته وجبهته الداخلية  وهو يعيش أوهن وأخطر أيام حياته .

 

البحث
الأرشيف التاريخي