أوقات الفراغ... الطاقة المهدورة
الوفاق / وكالات - يُنظر إلى الفراغ من الناحية التربويّة – الاجتماعيّة أنه الوقت الذي يمتلكه الفرد، دون أن يكون لديه أيّ عمل أو تكليف خاصّ، وهو يستطيع أن يقوم بأي شيء يريده. أي هو الوقت الذي يستطيع الفرد أن يملأه بالاستراحة، الترفيه، تنمية المهارات، المشاركة التطوعية بأي عمل بعد أن يكون قد أنهى الأعمال
المطلوبة منه.
ظاهرة أوقات الفراغ هي ظاهرة حديثة، ففي الماضي حين كان أفراد العائلة كُثراً والأقارب يعيشون قرب بعضهم بعضاً، لم يكن الشاب أو الطفل يشعر أنه وحده أو يشعر بالملل وعدم القدرة على القيام بأيّ عمل. وعليه ارتبط مفهوم مشكلة وقت الفراغ بنمط الحياة الغربيّة، ومن ثم تمدّد، وفقاً لانتشار هذا النمط، في المجتمعات الأخرى الضعيفة ثقافياً، والتي لا تملك مشروعاً حضارياً واضحاً للمواجهة، وبناءَ نمطِ حياةٍ خاصٍّ بها. وحالياً بدأ التنافس بين الحريصين على الأطفال والشباب وبين الساعين لتضييع وقتهم في تقديم ما يصبّ في خانة أهدافهم الإيجابيّة منها والسلبيّة.
الاستغلال الأنسب للوقت
لم تكتشف مجتمعاتنا بعد أنّ الوقت ثروة من الممكن استثمارها في تحقيق المزيد من فرص التقدم على الصعد الخاصة والعامة معاً، ما يعني أنّ الجانب الاقتصادي يدخل في المعادلة التي لا نوليها كثيراً من الاهتمام، ما يتطلب وعياً ثقافياً وعلمياً بأهمية الوقت وأهمية استغلاله جيداً، فالاستفادة من الوقت هي التي تميز، على الصعيد الفردي، ما بين الناجح والفاشل في هذه الحياة، وعلى الصعيد العام، ما بين المجتمعات المتقدمة والمتخلفة.
والصفة المشتركة بين كلّ الأفراد الناجحين هي القدرة على إحداث توازن بين الأهداف التي يطمحون لتحقيقها وبين الوقت الذي ينفقونه للوصول إلى غاياتهم. وهذا التوازن يأتي من خلال إدارة ذواتهم. وإدارة الذات تحتاج إلى هدف أو عدة أهداف وأسس يسير الفرد على هداها، ولن تكون هناك حاجة إلى إدارة الوقت وتنظيمه أو إدارة الذات من دون أن تكون لدى الفرد أهداف محددة يسعى لتحقيقها في حياته على المستوى القريب والمتوسط والبعيد.
تحديد الأولويات أسباب لتنظيم الوقت
نبدأ من عمر الطفولة، لأن الأطفال على استعداد للتعلم وتنظيم أوقاتهم وفق جدول يومي، أو أسبوعي، أو شهري، فلندربهم، ونتدرب معهم على الحياة المتوازنة. ولنكن قدوة لهم في اختيار الأولويّات.. نناقش مع أطفالنا لماذا اخترنا هذا الفعل أو النشاط ليكون أولويّة؛ ففي هذا ترسيخ للقيم التي نحاول توصيلها لأبنائنا.
لنشرح لهم أنّ لكلّ منّا أولويّاته المختلفة عن الآخر؛ والتي نحدّدها في ضوء الأمور الأكثر قيمة بالنسبة لنا والأكثر أهمية.. الثواب ، طلب العلم، المال، التكليف الشرعي، الوضع الاجتماعي وخدمة الآخرين.