الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وستة وأربعون - ٠٨ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وستة وأربعون - ٠٨ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

«زكي سلام«.. فنان فلسطيني حملت منحوتاته مواضيع ثقيلة

يرى في الفن مأوى حمله منذ طفولته، وشاهداً على حياته الحافلة بالعديد من التحديات البارزة نتيجة صراعات كبيرة شهدها وأجبرته على تحمل عبء فني ثقيل على مدار الزمن. بهذه الكلمات يعبر زكي سلام عن علاقته بالفن التشكيلي عموماً والنحت على وجه الخصوص، والذي يرى فيه وسيلة أساسية للتعبير عن هويته الوطنية وقضايا شعبية.
 وُلِد الفلسطيني "سلام" في جوبر بريف دمشق عام 1958، وتعود أصوله إلى قرية الطنطورة في قضاء حيفا المحتلة. انتقل إلى مخيم اليرموك وتخرج في كلية الفنون الجميلة قسم النحت عام 1984، وفي تقديمه لنفسه يقول سلام: "منذ البداية، كان هذا هو طريقي حاولت التعلم بكل ما هو متاح، درست في مراكز فنية في دمشق وانضممت إلى كلية الفنون الجميلة. بعد ذلك عملت مدرساً لتقنيات النحت وكيمياء الخزف في معهد الفنون التطبيقية، ثم أصبحت رئيساً لقسم الخزف.
أسست مشغلاً للفخار وأنتجت أول أعمالي من الطين المحروق ومن الخشب الذي كان جزءاً منه وقوداً للفرن". وبعد ذلك، أسس زكي مشغلاً للبرونز، أنتج فيه العديد من الأعمال النحتية بمشاركة فنانين آخرين. فيما بعد، عاد إلى الدراسة فحصل على شهادة الماجستير بعلوم النحت من جامعة دمشق، وأسس في تلك الفترة صالة بيت الرؤى للفنون والمعارض التشكيلية، مواصلاً الإنتاج والعرض.
يقول سلام: "النحت يتيح حمل الموضوعات الثقيلة، هو صورة ثلاثية الأبعاد يمكنها إيصال رسائل متعددة من منظور مختلف لعين الرائي وخلفيته الثقافية، إذ يمكن للمشاهد تجربة العمل من زوايا متعددة، ويمكن فيه إلى جانب البصر استخدام الحاسة التلامسية لفهم المنحوتة بشكل أعمق".
 ويشير سلام إلى تأثره بتجارب والده القليلة في النحت، "أنا استمرار لتلك التجارب وقد خدمتني الظروف كثيراً سواءً في العمل أو البحث عن خامات مختلفة للوصول إلى نحت يعبر عن مشاعري ورؤيتي حتى أصبح بالمجمل طريقة عيشٍ لي".
خامات مختلفة
 ويشير إلى أهمية النار في تحول المادة الخام إلى فن، فقد كانت دائماً جزءاً من أعماله التي بدأها بالصلصال، "مادة التشكيل الأولى في الثقافات المختلفة للشعوب، فبالنار يتحول الطين إلى فخار وبطبقة من الزجاج الملون إلى خزف، وهي من أغرتني لتجربة نحت على أنواع مختلفة من الأخشاب".
في فن زكي سلام، يتجلى الإستكشاف المستمر للمواد والمعاني. فقد استخدم الخشب كوسيلة لإستكشاف مفهوم الهدم، "ففي الطين هناك بناء وهدم ودفع وجذب في الكتلة إلى أن يكتفي الشكل بحضوره في الفراغ. بينما في المواد الصلبة كالخشب والرخام والحجر هناك عملية هدم على الكتلة كي تنتج شكلاً، وتتقشر الكتلة لإخراج التمثال السجين بداخلها".
 ويستكمل حديثه: "في الأعمال البرونزية تطوع النار المعدن الصلب وتجعله قابلاً للتشكل. تصهر النار المعدن من ماضيه وتعطيه وجوداً جديداً، كذلك التجارب المختلفة مع المواد الحديثة".
وسيلة تعبيرية
 النحت بالنسبة لزكي سلام ليس مجرد سعي للتميز عن الآخرين، بل وسيلة للتعبير عن رؤيته وفلسفته حول الحياة وأحداثها.
 ويشدد على أن الفن مرآة تعكس هموم وأهم الموضوعات التي تؤثر في المجتمع، لذلك اختار التعبير عن قضايا الصراع العربي الإسرائيلي كموضوع أساسي في أعماله الفنية، لافتاً إلى تدرج مواضيعه الفنية وتقنياته المتعددة التي بدأها بمرحلة التعبيرية والواقعية، فاستخدم الحجر والخشب والطين في أعمال تبنت مواضيع مفتوحة من أجل البحث والاكتشاف. وبعد عام ١٩٨٢، وما حدث من تطورات على الوضع الفلسطيني من اجتياح لبنان وخروج منظمة التحرير، اتجه الفنان الفلسطيني للتعبير عن القضايا الإنسانية عبر مفهوم الهدم، "أعدت صياغة الأعمال كحالة من الإنفعال والإحتجاج السياسي بفن النحت الذي اتخذ حالة تعبيرية مفرطة في الأسلوب الفني".
ويلفت إلى أن إنتاجه الفني لا يتغير فقط بناءً على المكان أو المواد، بل يعكس تأثير الأماكن والتجارب على رؤيته ومعرفته، "فكان للمخيم النصيب الأكبر في صياغة شخصيته الفنية وإنتاجه الفني".
حُلم
من بين أعمال الفنان زكي سلام البارزة، تمثال الشهيد الذي يتواجد في ثلاث نسخ من البرونز، إحداها معروضة في متحف سبوليتو في إيطاليا، والثانية محفوظة كجزء من مقتنيات الدولة السورية، الثالثة تركها لنفسه ولا يعرف مصيرها بعد هجرته.
ويشير كذلك إلى عمل آخر أسماه "نكبة 2012"، وكان قد أنتجه بعد وصوله للجزائر، ويصف هذا العمل مجموعة من المهاجرين الذين يهربون من الموت نحو المجهول لحظة الخروج القسري من مخيم اليرموك.
 ولديه أيضاً مجموعة من الأعمال كانت نواة لمعرض متجول في إيطاليا يحمل عنوان "انتظار"، وقد حمل معرضه الاسم ذاته. وللفنان الفلسطيني رصيد كبير من المعارض الفردية في أكثر من مكان، وعدد كبير من المشاركات في المعارض العامة والصالونات والملتقيات الدولية، وجوائز أيضاً.
 يحلم سلام بأن يبقى قادراً على حمل رسالته كنحات في ظل تداخلات الحياة وظروفها التي تضغط على الفنان لتبعده عن مسعاه الحقيقي ومشروعه الثقافي، "فكيف إذا كان الفنان نحاتاً يحتاج إلى إمكانات كبيرة في الإنتاج والعرض والنقل والتخزين. فالنحت فن يحب الإستحواذ على مُنتجه حتى يكون ذي أهمية".
ويختم حديثه بإيمان عميق بأن الفن رسالة وطريقة حياة تترك أثراً يجب أن يكون في المخيم وخارجه وخارج الحدود "وقد بذلت وما زلت أبذل من أجل ذلك".

البحث
الأرشيف التاريخي