الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة وأربعون - ٠٥ أكتوبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة وأربعون - ٠٥ أكتوبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

زريف الطول.. أحد أبطال المقاومة الفلسطينية (2)

 

مكنة سردية بهّارة، وجولان تاريخي حاشد بالأخبار والصور والوثائق، وروح وطنية محلّقة في فضاء من سرد شفيف خفيف طيّع مثل الغيوم، يجوز بها وليد عبد الرحيم متقفياً خطى "زريف الطول" وأحلامه الباحثة عن الفرح المسروق من جانب الإنكليز قبل عام 1948، ومن جانب المستوطنين الإسرائيليين، الذين أرادوا وقف حياة الفلسطينيين وشلّها وتعليقها على حبال أُعِدّت كمشانق يومية طالت جميع الأرجاء والأنحاء، وبالقوة الباطشة الراعية؟ "زريف الطول" صورة للفدائي الجسور الذي آخى حياة الخشونة من أجل استعادة الكرامة، وصورة المزارع الثابت في حقله من أجل المواسم الواعدة، وصورة المعلم في مدرسته من أجل أحلام جديدة، وصورة العاشق الذي يذهب إلى موعده في المساء من دون أن يتفقّد عقله ان كان معه، وصورة أشجار الزيتون وقد عادت إلى طمأنينتها، فلا خوف من اقتلاع أو تحطيب!
وليد عبد الرحيم، الذي درس الإخراج السينمائي في القاهرة، يكتب تاريخ البلاد الفلسطينية عبر مشاهد تقطرها ذاكرة وقّادة مشعّة لا سهو فيها ولا لجلجة؛ مشاهد تقصّ، وتُخبر، وتصوغ، وتصوّر، وتستبطن ما في التواريخ كي تصير مرجعية العقل الفلسطيني. ووليد عبد الرحيم، الذي أصدر عدة دواوين شعر، يكتب بحبره المضيء، ولغته المكثّفة، وجملته الرّهيفة المعاني، والتي جسّدها الفلسطيني صبراً على الأذى، وعشقاً للبلاد! وما أكثر صور الصبر، وما أكثر صور العشق.
وليد عبد الرحيم يحاول في روايته "زريف الطول"، التي تُري القارئ البلاد الفلسطينية، وهي في صورتين، صورة الجمالين السماوي والأرضي الذي عاشته رغداً قبل الاحتلالين الإنكليزي والإسرائيلي، وصورة ظلم الاحتلالين وقباحاتهما الولود في كلّ لحظة وآن، حتى صار هذا الظلم فضاءات للشِّدّة والعذاب والكراهية والعنصرية وانتفاء الحرية والجمال والحقّ والخير، وأقول أيضاً:  وليد عبد الرحيم  يفتح بوابات التراسل الإبداعي ما بين أجناس الأدب والفنون الإنسانية بصورة عامة. ففي مشاهد الرواية، يقع القارئ على مساحات من شعر كتبته روح ملتاعة، ويقع على رسوم ومنحوتات وتشكيلات للألم والعذاب بادية حين يتفقد الفلسطيني روحه، وهي  تزفر زفرتها الأخيرة، ويقع القارئ على مسرح يتقابل فيه اثنان: جندي مدجّج بالسلاح والإخافة، وامرأة تلبس ثوباً أسود زيّنته الألوان، ولا حوار بينهما سوى حوار الرصاص، ولا صورة سوى صورة الجندي الذي يستدير بأسلحته مثل وحش الغابة، وصورة المرأة التي تنظر إليه بعينين أصبحتا، بعد الموت، نافذتين وأكثر.
رواية "زريف الطول" لوليد عبد الرحيم كتابة جديدة لسرد جديد، وثّاب، كثيف، يفرض على القارئ أن يركض وراء الأسطر ليعبّىء من جماليات الأدب، وليتجرع غُصص التاريخ الفلسطيني، مثل عدّاء ليس في باله سوى خط النهاية، كي يرفع ذراعيه عالياً، معلناً الانتصار.

البحث
الأرشيف التاريخي