رغم وجود علاقات غير رسمية
هل إندونيسيا هي الهدف التالي لمشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني؟
الوفاق/يبدو أن عملية تطبيع العلاقات التي تمت في نهاية فترة رئاسة ترامب بعد تأسيس علاقات رسمية مع البحرين والإمارات العربية المتحدة والمغرب والسودان مع النظام الصهيوني، قد فقدت زخمها، ولكن في الأسابيع الأخيرة، أثيرت تقارير حول اقتراب المملكة العربية السعودية من تأسيس علاقات رسمية مع النظام الصهيوني، مما جعل السؤال على مصراعيه، أي دولة هي القادمة؟
جاءت احتمالية الاتفاق في أوائل مايو عندما أعلن جيك ساليفان، مستشار الأمن القومي في حكومة بايدن، أن تعزيز العلاقات بين السعودية والنظام الصهيوني يخدم مصلحة الولايات المتحدة، و مؤخراً في 21 سبتمبر، أعلن محمد بن سلمان في مقابلة أنه من المتوقع أن تصل السعودية والنظام الصهيوني إلى اتفاق تاريخي. قال لفوكس نيوز: "نقترب يومًا بعد يوم من هذا الاتفاق."ومع ذلك، أكد خبراء ومحللون لوسيتي إنستاي أنه في حين قد تشهد علاقات المملكة مع النظام الصهيوني توسعًا في المستقبل القريب بشكل محتمل، إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم، لن تشارك في هذه العملية في الوقت الحالي، حيث أكد باغوس هندرانينغ كوبارسيه، مدير الشؤون الشرق أوسطية في وزارة الخارجية الإندونيسية على هذا الأمر وقال لوسيتي إنستاي: "ليس لدينا أي نية لتأسيس علاقات دبلوماسية مع النظام الصهيوني حتى تحقق فلسطين استقلالها. هذا هو موقفنا."
على الرغم من أن جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة، تخلى عن معظم سياسات سلفه في منطقة الشرق الأوسط التي كانت تخدم مصلحة النظام الصهيوني، إلا أنه لم يكن هناك تطبيع دبلوماسي مع النظام الصهيوني بين هذه السياسات،و أشار أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، خلال لقائه في ديسمبر 2021 مع وزير الخارجية الإندونيسي ريتنو مارسودي في جاكرتا، إلى احتمال تأسيس علاقات دبلوماسية بين النظام الصهيوني وإندونيسيا.
و في نفس الشهر، أكد تيوكو فيزاسيه، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإندونيسية، في محادثة مع موقع Nikkei Asia أن بلينكن قد أطلق هذا الاقتراح.
و قال يوسف زيلبرمان، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصهيونية، عندما سئل عن إمكانية تأسيس علاقات دبلوماسية: "إسرائيل تمد يد السلام والصداقة لجميع دول العالم، بما في ذلك إندونيسيا."
و بدوره أحد مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية أخبر لوسيتي إنستاي: "كمسألة عامة، نحن مستمرون في دعم تمام تكامل إسرائيل في المنطقة وأبعد من ذلك."وقال: "نحن نترك الأمر لحكومتي إندونيسيا وإسرائيل." لا يمكنني مشاركة أي من المحادثات الدبلوماسية الخاصة.
دعم إندونيسيا لفلسطين
أشار محللون لوسيتي إنستاي إلى أن الأمر الهام الذي يمكن أن يعرقل أي اتفاق محتمل لتطبيع هو مشاعر الشعب الإندونيسي لصالح فلسطين، والتي أصبحت جزءًا من وجدانهم. هذا يعود إلى عام 1955 عندما لم يدعو مؤسس إندونيسيا، سوكارنو، النظام الصهيوني إلى أول مؤتمر آسيوي إفريقي حول فلسطين، كما منعت إندونيسيا أيضًا وجود النظام الصهيوني في الألعاب الآسيوية التي أُقيمت في جاكرتا عام 1962.سيتي موتياه ستياواتي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جادجاه مادا (UGM) في يوجياكارتا بجزيرة جاوة في إندونيسيا، قالت إن البلاد تدعم القضية الفلسطينية استنادًا إلى مبادئ سياستها الخارجية، حيث قالت ستياواتي للوسيتي إنستاي: "نحن - بوصفنا دولة مستعمرة - نتضامن مع الشعب الفلسطيني. معظم المسلمين في إندونيسيا لا يمكن أن يقبلوا بإقامة علاقات دبلوماسية مع النظام الصهيوني."وأشارت إلى أنه يجب أن تلتفت الحكومة إلى هذا الاتجاه بناءً على الرأي السائد، وأن مثل هذه الآراء تمثل جزءًا كبيرًا من المجتمع، وأن العديد من الإندونيسيين يرفضون تمامًا فكرة التطبيع.
و بدوره أيد أكونولت كريستيان باكباهان، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كاتوليك باراهيانجان (UNPAR) في باندونغ، هذا الأمر وقال: "كدولة متوسطة القوة، فإن موقف إندونيسيا من دعم فلسطين استراتيجي بشكل كبير"، وأشار إلى أن إندونيسيا استضافت قمة قادة مجموعة العشرين في بالي العام الماضي وقال: "إن إندونيسيا في طريقها لأن تصبح دولة مؤثرة جديدة في المنتدى الدولي."
الرأي العام حول الكيان الصهيوني
بغض النظر عن دعم حكومة إندونيسيا الطويل للشعب الفلسطيني، يملك كثيرون من الإندونيسيين آراء سلبية تجاه النظام الصهيوني، و وفقًا لاستطلاع للرأي الوطني أُجري في مايو 2022 من قبل معهد البحوث والاستشارات Saiful Mujani، أبدى 69% من الإندونيسيين كرههم للنظام الصهيوني، بينما 20% فقط لديهم تصوّر إيجابي عن هذا النظام.
هذه المشاعر المعارضة لإسرائيل تعمقت لدرجة أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) حرم إندونيسيا من استضافة كأس العالم تحت 20 سنة لعام 2023 بعد اعتراض بعض المسؤولين والمواطنين على وجود النظام الصهيوني.
علاقات غير رسمية
على الرغم من إنكار إندونيسيا رسميًا أي خطط لإقامة علاقات مع النظام الصهيوني، إلا أن وزارة التجارة نشرت إحصائيات تشير إلى أن إندونيسيا صدرت في عام 2022 بضائع غير نفطية وغاز بقيمة 185.2 مليون دولار إلى الكيان الصهيوني، بينما استوردت بضائع بقيمة 47.8 مليون دولار منه في نفس العام، وحجم التجارة بين البلدين زاد بأكثر من 100 مليون دولار سنويًا منذ عام 2018 حتى عام 2022،و في هذا السياق قال باكبهان، أستاذ في جامعة باراهيانجان كاتوليك Unpar واحدة من أقدم وأعرق الجامعات الخاصة في إندونيسيا، قال: "إن إندونيسيا لا تزال لديها علاقات غير دبلوماسية مع النظام الصهيوني، ولم تقطع بالكامل العلاقات معه. هناك أمور يمكن الحصول عليها من النظام الصهيوني خارج الإطار الدبلوماسي، مثل نقل المعرفة. في عصر التطور العلمي وزيادة الأنشطة التجارية الدولية، يبدو أن إندونيسيا يمكنها الاحتفاظ بالعلاقات غير الدبلوماسية مع النظام الصهيوني."