23عاماً على إعدام أيقونة الانتفاضة الثانية الطفل محمد الدرة
الوفاق/ وكالات -في مثل هذه الأيام من شهر أيلول/ سبتمبر عام 2000، كان الطفل محمد الدرة ابن الـ 11 عاماً برفقة والده في شوارع قطاع غزّة الذي كان يشهد اندلاع انتفاضة ثانية بعد اقتحام رئيس حكومة الاحتلال آنذاك أرئيل شارون للمسجد الأقصى في القدس المحتلّة، وبسبب ظروف غير مباشرة. سلك الاب جمال وابنه – نتيجة إغلاق المظاهرات للعديد من الطرق – مفترق "نتساريم" (نسبة لاسم مستوطنة الاحتلال)، لكنهما تفاجآ باستهدافهما بنيران جيش الاحتلال الكثيفة. حاول الوالد حماية ابنه، ولجآ لحائط واختبآ خلف بعض الحاويات، لكنّ الاحتلال تعمّد القتل. أصيب الطفل أوّل مرّة في قدمه اليمنى، وسرعان ما أصيب بعدّة رصاصات أثقبت ظهره، وارتمى جثماناً هامداً على أقدام والده. رغم مرور 21 عامًا على مشهد احتماء الطفل الشهيد محمد الدرة خلف والده من رصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي، إلا أنه لا يزال حاضرًا في عقول وأذهان الفلسطينيين والشعوب العربية وأحرار العالم كأيقونة ورمز للانتفاضة الثانية “انتفاضة الأقصى”.
وكان العالم أجمع شاهدًا على جريمة قتل جنود الاحتلال للطفل محمد الدرة على الهواء مباشرة عام 2000، واستشهد الدرة بعد يومين من اندلاع الانتفاضة الثانية في 28 سبتمبر/أيلول 2000 بعد اقتحام زعيم حزب الليكود المتطرف أرئيل شارون باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه.
انتفاضة الأقصى
وشهدت هذه الانتفاضة تطور في فعاليات المقاومة وقدرات الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية إذ تميّزت تلك المرحلة بزخم العمليات الاستشهادية وتفجير العبوات بالإضافة الى الانعطافة العسكرية النوعية التي تمثّلت بتصنيع أول صاروخ محلي ("قسّام 1") أطلق باتجاه أهداف لدى الكيان المؤقت، كما نفذّت الفصائل الفلسطينية هجمات في الداخل المحتل، استهدفت تفجير مطاعم وحافلات، كبّدت الكيان الخسائر الفادحة.
وكانت حصيلة خسائر الكيان الإسرائيلي البشرية 1069 قتيلا (334 جنديا و735 مستوطنا) و4500 إصابة، أما الخسائر العسكرية فكانت تدمير 50 دبابة من نوع "ميركافا" وعدد من الجيبات والآليات العسكرية والمدرعات. فيما استشهد خلالها نحو 4500 فلسطيني، ومنهم من صار رمزاً مثل الطفل محمد الدّرة الذي أعدمه الاحتلال وهو يبلغ من العمر 11 سنة، الذي حاول الاحتلال الصهيوني طمس جريمته عبر جرف ذاك الحائط في اليوم التالي لعمليته الإجرامية. فيما لاحقت العائلة الاحتلال قانونياً في المحاكم الدولية والمحاكم الأوروبية لكنّ الاحتلال – كعادته- قدّم التقارير للتملّص من دم الطفل وحاول تقديم الروايات المضللّة وألصق التهمة بالمقاومين الفلسطينيين، ووصل الأمر الى حدّ التشكيك باستشهاد الطفل مدعياً أن المقاطع المصوّرة لا تؤكّد قتله وأنه شُوهد حيّاً بعد الحادثة. لم تكن شهادة الدّرة هو الاستهداف الأخير المتعمّد من الاحتلال تجاه الأطفال الفلسطينيين، فقد قتل بعده الآلاف من الأطفال الفلسطينيين بين قطاع غزّة ومناطق القدس والضفة الغربية المحتلّة.