الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وتسعة وثلاثون - ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وتسعة وثلاثون - ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

التحدّي الأكبر في القدرة على حُسن التوظيف

الواقع الافتراضي.. وسيلة تواصل أم عزلة اجتماعية

الوفاق/ وكالات - لقد أحدثت شبكة الإنترنت تغيرات غير مسبوقة، شملت كل ميادين حياة الإنسان فضلاً عن إنشائها لعالمٍ بديل، جعل من الإفتراضية تعني الوجود بقوة، إذ منح الواقع الافتراضي إمكانيات انغماس المستخدم عبر محاكاة المحيط الخارجي والعلاقات الإنسانية إلى حد ظهور علاقات جديدة، تميزت بالسهولة والسرعة.
هذا الوجود الجديد أنتج آثاراً على المستخدم بما فيه تغيير طريقة تفكيره ، تفاعله ونمط حياته وعلاقاته، إذ يتوجه الأفراد إلى المنصات والشبكات الرقمية من أجل القضاء على العزلة التي اعتبرت من أهم خصائص المجتمع ما بعد الحديث، بالرغم من ذلك، فإن انغماسهم تحت تمثيل آخر قد يزيد من هذه العزلة.
وهكذا أصبحت تطبيقات التواصل الاجتماعي جزءاً مهماً في عملية التفاعل مع الآخرين في حياتهم اليومية، لذا من المهم أن يتحلى الفرد بالوعي والقدرة على استخدام هذه التطبيقات بما يعود بالنفع والفائدة عليه وعلى جميع أفراد المجتمع، مع وجوب الحذر من سلبيات هذه التطبيقات، فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يؤثر ويتأثر بمن حوله ويتفاعل معهم بمشاعره وأفكاره وسلوكياته، ومن مميزات السلوك الإنساني أنه مرن ويمكن تغييره وتطويره بناءً على ما تقتضيه معطيات وتجارب هذه الحياة، ونعيش اليوم في عصر يعتمد على التقنية الرقمية بشكل كبير ومن الملاحظ تأثير هذه التقنية إما بالإيجاب أو السلب على السلوك الإنساني، فالإنسان جزء من هذه المنظومة الرقمية وبالتالي من الطبيعي أن يتفاعل معها ويتأثر بها بغض النظر عن طبيعة هذا التأثير.
العالم في قبضة مواقع التواصل الاجتماعي
اختلفت الآراء كثيراً حول هذا الموضوع، إذ يرى  البعض مواقع التواصل الاجتماعيّ ساعدت على تبادل المعلومات والبيانات بين المستخدمين من ضمن المجموعات المشتركة عبر المُراسلات المكتوبة والمسموعة والمرئيّة، بسرعةٍ كبيرةٍ مع اختلاف المسافات فيما بينهم، ومن أبرز الأمثلة على مثل هذه المواقع الفيسبوك والتويتر، فمن إيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي ربط الناس معاً وتسهيل عملية اتصالهم ببعضهم البعض، وتكوين العلاقات فيما بينهم على أساس التشارك في الهوايات والاهتمامات.، برأيهم اختصرت مواقع التواصل الاجتماعي لهم العالم كله في قبضة يدهم في تلك الشاشات الصغيرة التي تجلهم أقرب لكل بعيد في أي وقت وزمان ومكان. ولكن في المقابل يراه البعض انعزالاً كُلياً عن الواقع والتواصل الملموس من جهة الألفة والإحساس الحقيقي بالآخر القريب، ويمكن أن تدفع هذه العزلة الإنسان إلى الإنغلاق على ذاته والدخول في حلقة مفرغة تقوده الى الاكتئاب وبعض الأمراض النفسية، وفي عصرنا الراهن تزايدت التحذيرات من تغير عادات التواصل الاجتماعي في ظل انتشار الانطواء بشكل متزايد.
إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
حين يمارس الإنسان شيء معين، يصبح مع مرور الوقت من الصعب عليه تركه أو التخلي عنه، أو هكذا يعتقد، فينطبق هذا  على عادات كثيرة ، لكن في الحقيقة لا يوجد شيء لا يمكن التخلي عنه، فهي أوهام نزرعها في رؤوسنا، ونسكت بها أنفسنا عند محاولة التخلي عن إحدى تلك العادات.
مواقع التواصل الاجتماعي هي إحدى تلك العادات التي يعتقد أصحابها أو مرتاديها أنهم لا يستطيعون التخلي عنها، وخصوصاً بعد التغيير الذي تحدثه أو أحدثته تلك المواقع في أصحابها أو على مستوى الجماعات عموماً. فالمواقع الاجتماعية، تعتبر ملاذ المسافر، وكذلك وصلت الربط بين الأصدقاء والمعارف والاقارب، وهو المرجع الرئيسي عند الكثير لمتابعة الأخبار، وكذلك تعتبر وسيلة التسلية الأجمل والأفضل لدى البعض، ومن هنا ربما أتت تلك الأوهام والأفكار.. وفي ظل هذه المواقع، أصبح مرتادوها لا يهنأون في حياتهم، فالحياة تصبح في ظل هذه المواقع مصطنعة وغير حقيقة، بالإضافة إلى ذلك، وهو ما تقوم به تلك المواقع من استبدال التواصل الحقيقي بآخر وهمي، حيث يعتقد الفرد أنه بمجرد أن ألقى التحية عبر تعليق، فهو بذلك قام بالتواصل، ولا داعي إذاً من اللقاء والتواصل المباشر، إلا في المناسبات الكبرى، وهذا يحدث أيضاً داخل الأسرة الواحدة.
الانغماس في الواقع الافتراضي
قد شكل الانغماس التام للمتصفحين في دردشات الإنترنت، عبر منصات التواصل الاجتماعي، ومواقع السوشيال ميديا، ظاهرة استخدام مفرط للإنترنت، تشدهم إلى التعايش والتكيف مع هذا الواقع الجديد، إلى حد يرقى إلى درجة الإدمان. وتجدر الإشارة إلى أن الانغماس الكلي في فضاء الواقع الافتراضي، قد أفضى إلى انفصال المستخدم تدريجياً، عن واقعه الحقيقي، الذي أصبح كبديل وهمي لهذا الواقع، بعد أن اعتاد المستخدمون اللجوء إلى فضائه المفتوح في كل الاتجاهات؛ هربًا من صخب تداعيات عصرنة الحياة، لا سيّما وأنهم باتوا يجدون فيه ضالتهم في التصفُّح، والتواصل مع الآخرين، على مزاجهم، الأمر الذي جعلهم يفقدون دفء العاطفة الاجتماعية الحية تدريجيًّا، بعد أن تم تهميش تواصلهم المباشر بعزلة موحشة، نتيجة انغماسهم التام في هذا الفضاء الافتراضي الوهمي.
وفق علماء النفس تسببت مواقع التواصل الاجتماعي في شعور العديد من الأشخاص بالوحدة وأن استخدام مواقع التواصل الإجتماعي لأكثر من ساعتين في اليوم يضاعف فرص شعور المستخدمين بالعزلة الاجتماعية، ولا يعلم ما الذي يأتي أولاً، استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أم الشعور بالعزلة، فمن الممكن أن يكون الشعور بالعزلة أدى بالمستخدمين من الشباب إلى اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي، أو أن استخدامهم لهذه المواقع هو الذي أدى بهم إلى الانفصال عن الواقع.
التحدي الأكبر  
وفي ظلّ عدم القدرة على تجاوز الواقع أو تجاهله، مع هذا الانتشار الواسع لوسائل التواصل الإجتماعيّ،  يبرز التحدّي الأكبر في القدرة على حسن التوظيف لهذه الوسائل. فليس المطلوب محاربتها، أو مواجهة  متابعيها، الناشطين، بل لا بدّ من التعامل الواعي والمسؤول والهادف، للإستفادة القصوى من إمكانياتها، ومعالجة سلبياتها من قبل الجهات المطّلعة والمسؤولة والمواكِبة، وكل مكونات المجتمع والمختصين بالشأن الإجتماعي المجتمعي.
قد تتحول هذه المنصات عند استخدامها بشكلٍ مناسب إلى أداة قوية لربطنا بأشخاص قد لا نكون قادرين على التعامل معهم بطريقةٍ أخرى، ويُمكن أن تُساعدنا في إيصال الأفكار والتعبير عن أنفسنا ومعتقداتنا للآخرين.
كذلك إنّ تبادل الأفكار والمواهب والإبداعات في مواقع التواصل الاجتماعي يخلق إنساناً جديداً بداخلك يشجعك على مهام اكثر فاعلية ، يجب تحويله لصالحنا، لذا علينا تحويلها إلى  طاقة إيجابية نشحن بها مواهبنا ونصقلها، لا أن نهدر عليه أوقاتنا وعدم إنجاز أي شيء سوى مراقبة التفاهات ، ولا ننسى أن  هذه المنصات تسمح بنشر قصص النجاح  التي تشكل حافزا لنا،  فهذه المنصات يمكن ان تشكل وسيلة تواصل  تؤدي إلى النجاح أو  وسيلة تسير بنا نحو الفشل والعزلة والأمراض النفسية المختلفة.
قواعد حياتية في التعامل مع الوقت
وينصح الخبراء الأشخاص بأن يضعوا لأنفسهم قواعد حياتية في التعامل مع وقتهم، لأن الفراغ دائماً يجعلهم لا شعورياً يمسكون الجوال ويتصفحون أكبر قدر ممكن من التطبيقات، وينصحون دائماً بأن يكون لهم وقت محدد في الدخول إلى هذه المواقع وأن يكون ذلك بوقت منضبط بعد الانتهاء من كافة أعمالهم الأساسية والمهمة، ومن المهم كذلك وضع فترات راحة حتى لا تزعج أعينهم بأشعة الجوال والأجهزة الإلكترونية وتريح أجسامهم بعد فترة طويلة من التصفح والجلوس.
ختاماً بات الأمر يتطلب التنويه بشكل جاد، إلى مخاطر الإفراط في استخدام الإنترنت، لتفادي الإدمان، وتجنب مخاطر الانغماس كلياً في عالم الواقع الافتراضي، والحرص على استعادة الحالة الطبيعية للتواصل الاجتماعي الحقيقي المستمر بين الناس، ومنح الذات فرصة حقيقية كافية للشحن بالطاقة الإيجابية، التي يستنزفها الاستخدام المفرط للإنترنت وتجاوز سلبياته الأخرى في نفس الوقت.

 

البحث
الأرشيف التاريخي