كتاب «شخصية المرأة» دراسة في النموذج الحضاري الإسلامي
كثر الحديث في العقود الماضيّة عن النمط وتحديد الأنماط في الأبحاث الاجتماعيّة والثقافيّة، وقد تمّ التأكيد على ضرورة العثور على أنماط اقتصاديّة وسياسيّة وثقافيّة. وقد طُرحت من قبل المفكرين المسلمين -بنحو أو بآخر- ضرورةٌ كهذه في عددٍ من البلدان الإسلاميّة.
والهدف التي تسعى إليه هذه الدراسات هو: التعرّف على قدرات الدين في مجال إدارة المجتمع الإسلامي؛ انطلاقاً من الإيمان بأنّ الدين يتمتّع بهذه القدرة بعد فشل كثيرٍ من التجارب غير الدينيّة وعجزها عن تقديم البديل الحضاري الصالح للاعتماد في مجتمعاتنا الإسلاميّة، وهذا الكتاب لمؤلفه الشيخ "محمد تقي سبحاني" والصادر عن مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي في بيروت هو قبل أيّ شيء محاولة في مجال بيان ضرورة النظام الديني وصياغة الأنماط الدينيّة، وقد تناول قضايا المرأة بشكل مباشر وهمّه الأصلي إعادة هيكلة الدراسات المتعلّقة بالمرأة من وجهة نظر دينيّة. ولكنّنا نعتقد بأنّ طبيعة البحث يمكنها أن تتّسع -إن كان موفّقاً- إلى سائر الأطر الاجتماعيّة. وقد حاولنا عرض اتّجاهات عدّة في ما يتعلّق بقضايا المرأة، هي: الاتجاه التقليدي، والاتجاه التجديدي، والاتجاه الحضاري.
كما حاولنا تقديم الأسس الأصيلة للنموذج الإسلامي لصورة المرأة والقواعد المنهجيّة الواجب اتّباعها في هذا المجال..
لقد تناول هذا البحث قضايا المرأة بشكلٍ مباشر، وهمه الأصلي إعادة هيكلة الدراسات المتعلقة بالمرأة من وجهة نظر دينية. ولكننا نعتقد بأن طبيعة البحث يمكنها أن تتسع –إن كان موفقاً- إلى سائر الأطر الاجتماعية. إنّ هذا الكتاب هو في الواقع مقدمة لكتبٍ أخرى، سوف تصنف مفصلة وبالتدريج، وفق المراحل التي اقترحت في هذا المشروع. وقد تعرض هذا الكتاب في فصله الأول إلى ثلاثة تيارات أصلية بين المفكرين المسلمين، في ما يتعلق بقضايا المرأة، وبين أنه يمكن تمييز ثلاثة تيارات في هذا المجال : التيار التقليدي، والتيار التجديدي، والتيار الحضاري. وقد اتضح في هذا الفصل أنه لا يمكن الدفاع عن ضرورة تصميم نمط لشخصية المرأة المسلمة، ومتابعة ذلك، إلا على أساس التيار الثالث.
وفي الفصل الثاني تعرض إلى أهم مفاهيم أنماط شخصية المرأة، وبحث المفردات ذات المعاني المتعددة كالنظام، القدوة، الشخصية، الجامعية و... وقد اتضح، في هذا القسم، أن نمط الشخصية – مقابل المقولتين الأخريين، أي نظام الشخصية والبرنامج العملي للمرأة، هي مقولة جديدة تحتاج – علاوة على الاهتمام الفقهي والخبرة العلمية – إلى التخصص والبحث المعمق. أما في الفصل الثالث فقد قمنا –قدر الإمكان – بصياغة نمط الشخصية، إضافة إلى التحقيق في مراحل الوصول إلى هذه النتيجة. ومن أكثر مباحث هذا الفصل حساسية هو كيفية الربط بين النمط والمنظومة من جهة، وعلاقة المنظومة بالظروف الاجتماعية والتاريخية من جهةٍ أخرى.
وفي الوقت الذي تقوم فيه منظومة شخصية المرأة – طبقا للقاعدة – على المناهج العلمية للاجتهاد، فإن نمط الشخصية يتغير وفقا لتغير الظروف الاجتماعية. ولقد تم البحث في هذا الفصل عن أسباب التغير في النمط، وعن ضرورة النظرة التنموية إلى مقولة تشخيص الأنماط، وقد عدت التنمية الاجتماعية الدينية تابعة لقابلية النمط للتنمية. وقد أضفنا إلى الترجمة العربية ملحا للمقارنة بين النموذجين: الإسلامي والغربي في النظرة إلى المرأة، نأمل أن يكون إضافةً مفيدةً إلى الكتاب.