قائد الثورة، مؤكداً أن هدف أمريكا إثارة النعرات العرقية والدينية وقضايا المرأة والتمييز:
أمريكا أنشأت مجموعات لخلق الأزمات في الدول بما فيها ايران
الوفاق- صرّح قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، خلال استقباله حشدا من أهالي محافظتي "سيستان وبلوشستان" و"خراسان الجنوبية" في حسينية الإمام الخميني (رض)، أمس الإثنين، بأن الإدارة الأمريكية قد أنشأت مجموعة تسمى "مجموعة الأزمات" مهمتها خلق الازمات في الدول بما فيها ايران.وجاء في خطاب قائد الثورة: ان العالم اليوم يشهد تحوّلاً كبيراً ولا ينبغي فيه إهمال دول المنطقة، كما حدث في عهد الاستعمار أو بعد الحرب العالمية الأولى.
تراجع النفوذ الامريكي
وتابع سماحته عن ماهية هذا التغيير، إن خطوطه الرئيسية تشمل عدة قضايا أولها وقبل كل شيء إضعاف قوى الاستكبار في العالم، لافتا الى ان قوة غطرسة أمريكا وبعض الدول الأوروبية ضعفت وسوف تضعف أكثر فأكثر.اما القضية الاخرى في خطوط التغيير الرئيسية ، فقد صرح قائد الثورة بأنه يتلخص في ظهور قوى إقليمية وعالمية جديدة حيث بدأت هذه القوى الجديدة فعلا في الظهور. ولفت قائد الثورة الى ان مؤشرات النفوذ الامريكي في العالم آخذة بالتراجع وهذا ما يؤكدون عليه بأنفسهم، ومن اهم هذه المؤشرات هو المجال الاقتصادي الذي يشهد تدهورا مستمرا، علاوة على ذلك فإن التدخل الامريكي في شؤون الدول الاخرى اصبح مكلفا على الأمريكان، ولن يحقق اهدافهم المرجوّة في النهاية.
تراجع النفوذ الاوروبي في افريقيا
واما على صعيد النفوذ الاوروبي اوضح قائد الثورة بأن الوضع ليس افضل مما عليه بالنسبة لامريكا، بحيث تشهد الساحة الافريقية انقلابات ضد هذا النفوذ التي ترزخ تحته بعض الدول الافريقية. واضاف، بأن القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا ومن ثم أوروبا لا تملك اليوم القوّة السابقة، فهي تضعف اكثر فأكثر ويوما بعد يوم، وبالمقابل تصعد قوى جديدة اخرى لنشهد تحوّلا عالمياً عظيماً، وأما ضعف العدو لا يعني أنه لا يستطيع أن يخطط ويهاجم بل ينبغي علينا بالمقابل اخذ الحيطة والحذر، وأن لا نهمل هذه المسألة ابدا.
الهيمنة جاءت نتيجة إهمال الحكومات والشعوب
وتطرّق الإمام الخامنئي في مناقشته الرئيسية في هذا اللقاء الى ضرورة الاهتمام الكامل والمتعدد من مسؤولي الدول وشعوبها في عصر التغيرات العالمية الكبرى، ووصف الهيمنة الاستعمارية البريطانية في القرن الثامن عشر على مناطق مهمة في آسيا، بما في ذلك شبه القارة الهندية، وسيطرة الغربيين على مناطق واسعة من غرب آسيا بعد الحرب العالمية الأولى بأنها نتيجة لتجاهل وإهمال الحكومات والشعوب، مضيفا بأن شعوب المناطق المذكورة عانت فيما بعد كثيراً من أجل التحرر من حكم المستعمرين المفترسين. وفي السياق ذاته اضاف قائد الثورة بأنه في يوم من الأيام قامت الولايات المتحدة بتنظيم انقلاب ١٩ آب/ اغسطس، عبر إرسالها عميلاً محمّلا بحقيبة أموال الى إيران لتنفيذ مشروعها، لافتاً الى انه اليوم لا يمكن إظهار هذه القوة في أي بلد، لذلك لجأت الى حرب مشتركة مكلفة، مع العلم بأن هذا المسار باء بالفشل أيضا.
بقيّة المُستكبرين تعرّضوا لنفس مصير أمريكا
وتابع مستشهدا بأمثلة عن الحرب في سوريا وافغانستان التي تدل على فشل وتراجع النفوذ الامريكي، مشيرا الى ان بقيّة المُستكبرين قد تعرّضوا أيضا لنفس المصير، حيث تشهد هذه الأيام انقلابات حكومية وشعبية في مختلف البلدان الأفريقية ضد فرنسا، باعتبارها المستعمر القديم لهذه القارة.واستطرد قائد الثورة خطابه موضحا بأن المعلومات الايرانية الاستخبارية افادت بأن الحكومة الأمريكية أنشأت مجموعة تسمى "مجموعة الأزمات" في امريكا مهمتها خلق الأزمات في الدول بما فيها إيران. وفي سياق الخطط الأمريكية، اعتبر قائد الثورة ان هذه الخطط لا تقتصر على إيران فحسب بل انها تشمل دول المنطقة كالعراق وسوريا ولبنان واليمن وأفغانستان، وحتى دول الخليج الفارسي التي تعد من أصدقاء امريكا القدامى والتقليديين.كما أشار سماحته الى تصريح بعض الأمريكيين بأنهم يريدون خلق وضع متزعزع في إيران مثل سوريا واليمن، مؤكدا على انه لا يمكنهم تحقيق ذلك اذا كنا متحدين وحذرين وسالكين الطريق الصواب وبذلك نستطيع التمييز بين الحق والباطل ونعرف أساليب العدو ونكون يقظين ومتنبهين بعدم مساعدة العدو بأي قول أو فعل أو حركة، لأنه حتى الطفل يمكن أن يباغتك ويهاجمك وأنت نائم ناهيك عن العدو المسلح والجاهز تماماً.
إثارة الاختلافات العرقية والدينية
وتابع: من أجل خلق الازمات والفتن قامت هذه المجموعة بتسليط الضوء على النقاط التي تعتقد الادارة الامريكية بأنها ارض خصبة لتحقيق اهدافها عبر إثارة الاختلافات العرقية والدينية وقضايا المرأة والتمييز العنصري، مشيرا الى ان هذا هو برنامج أمريكا والذي لن يتحقق ابدا.
ودعا سماحته إلى ضرورة مواصلة سير الشعب على طريق الثورة المُباركة بنفس القوة والحافز والإيمان، مؤكدا أنه بدون دعم الشعب لا يستطيع مسؤولو أي بلد القيام بعمل عظيم ومهم، وتابع قائد الثورة موضّحاً: العدوّ جدي في عداوته وتخطيطه، ونحن أيضا جادون جدا في مواجهة العدو.
وفي إشارة الى اهمية الوحدة الوطنية وفي معرض إشادته بالتآخي والتلاحم المستدام بين المؤمنين وعلماء الشيعة والسنة في هذه المناطق من البلاد، ويقظة الشعب، أكد قائد الثورة الإسلامية أن هذا التلاحم ضروري خاصة في ظل التطورات العالمية الكبرى، وفي ظلّ مخطط العدو لإثارة نقاط الأزمة وفي إيران طالب قائد الثورة بالحفاظ على الوحدة والتمسك بها لمواجهة مخططات العدو الهادفة لزعزة الامن القومي، وتفكيك وحدة الشعب، موضّحاً بأن من يهدّد الأمن القومي هم أعداء الوطن ويعملون لصالح العدو، سواء أدركوا ذلك أم لم يدركوا ذلك.
كلمة شكر للعراق
في السياق، عبر قائد الثورة الاسلامية عن شکره للعراق حکومة وشعباً وقوی الأمنية على ما قدموه للزوار في اربعينية الامام الحسين عليه السلام. وقال سماحته: "أشکر الشعب العراقي علی حسن الاستقبال وکرم الضيافة في الاربعين، ليس مزحة ان يستقبلوا ويستضيفوا أکثر من 22 مليون زائر خلال أيام ويقدموا کل مالديهم". وأضاف قائد الثورة الاسلامية: "أتقدّم بالشکر الجزيل للإخوة والاخوات والمسؤولين العراقيين والحشد الشعبي، ممتن جداً لقوات الشرطة العراقية لکل ما قدموه؛ هذا أمر قيم للغاية".
وقال آية الله الخامنئي أيضاً في مستهل كلمته مُبدياً درايته بشعب سيستان وبلوشستان وخراسان الجنوبية على مدى 60 عاماً: إن أول نضال مفتوح للثوار ضد نظام الطاغوت تم في محرم عام 1342 في بيرجند، ولاقى محبة من العلماء والمواطنين، وفي ذات الفترة خلال شهر رمضان من ذلك العام، استمرت هذه الحركة في زاهدان بدعم من علماء الشيعة والسنة اليقظين وأهالي المنطقة المخلصين.
ولفت إلى فترة المنفى في إيرانشهر والذكريات الحلوة والهادفة للتعاون مع علماء السنة وأهل سيستان وبلوشستان الطيبين، وأضاف: في هذه المناطق يوجد شهداء عزيزون في جميع الحوادث، بما في ذلك الحرب ضد المنافقين والإرهابيين، وحرب الدفاع المقدس وإحلال الأمن وإقامة الوحدة، وقد قدّم الشيعة والسنة الشهداء فداء للإسلام فيها، وهو شهادة شرف مُشرقة لهذه المناطق.
دعوة لإطلاق سكة حديد في المحافظة
ووصف قائد الثورة الوضع الحالي لسيستان وبلوشستان بأنه لا يمكن مقارنته بما قبل الثورة، لكنه أكد في ذات الوقت: على الرغم من الأعمال العديدة التي تم إنجازها، يجب على السلطات بشكل جدي تعزيز وتوسيع الخدمة في هذه المناطق، وهي إطلاق سكة حديد من شمال الى جنوب المحافظة، علاوة على ضمان حقوق المواطنين في المياه من المهام الأساسية، وأضاف: بالطبع لو تم تنفيذ الإجراءات المُتّخذة الخاصة بزيارة سيستان وبلوشستان في أوائل الثمانينات (منذ حوالي 22 عاماً) بشكل كامل ولو لم يتم إهمالها لكان وجه المحافظة اليوم مختلفاً، ونأمل أن تقلل هذه الحكومة من المشاكل بالعمل الجاد وبذل الجهود.