الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وسبعة وعشرون - ١٠ سبتمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وسبعة وعشرون - ١٠ سبتمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

ثوابت معادلة الضفة لعام 2023


أيمن الرفاتي
كاتب ومحلل سياسي
لقد فرضت التطورات، التي جرت خلال العام الحالي، على التفكير الإسرائيلي عدداً من المعضلات المعقدة التي تمسّ أسس الأمن والدولة. فلأول مرة يجد كيان الاحتلال نفسه عاجز عن فعل ميداني أو سياسي يؤدي إلى تغيير استراتيجي، وبات يدرك أن استخدام القوة، بل حتى القوة المفرطة، لن يؤدي إلى تغيير المعادلات أو تراجع عمل المقاومة في الضفة الغربية. وترسّخ في تفكير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أنه لا يوجد حل فعلي يمكنه وقف العمليات في الضفة، فلا نشر قوات كبيرة من الجيش، ولا تنفيذ عمليات اغتيال واعتقال يومياً، ولا تقوية السلطة الفلسطينية للقيام بالدور الأمني، يمكن أن تؤدي إلى تهدئة الأوضاع. ولهذا، تدرك المؤسسة الأمنية أنه مع بزوع شمس جيل فلسطيني جديد، فإن العودة إلى عام 2012، الذي ذكر فيه تقرير للشاباك أنه لا يوجد أي مطلوب أو مطارّد من "إسرائيل" في الضفة الغربية، ولّى.
أمّا اليوم، في ظل تطورات الضفة المحتلة، فلم تعد هذه السياسة ناجعة بعد أن تكيّف المقاومون مع الإجراءات والسياسات الأمنية الإسرائيلية ضد المقاومة، وبات منفذو العمليات غير معروفين لدى الأمن الإسرائيلي.
وخلال العام الحالي، 2023، عادت نِسَب المطلوبين لجيش الاحتلال في الضفة إلى الارتفاع، بصورة غير مسبوقة، سوى في بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ليبلغ عدد المطلوبين أكثر من 200 مقاوم مسلح في مناطق متعدّدة من الضفة المحتلة، إلى جانب مئات آخرين غير معروفين.
وفي ضوء هذه المتغيرات، فإنَّ كيان الاحتلال اليوم أمام عدد من الثوابت في الضفة الغربية المحتلة، يمكن تلخيصها فيما يلي:
- لا يوجد حل فعلي يمكنه وقف العمليات في الضفة، فكل الأدوات تمّ تجريبها، عبر مستوياتها المتعددة، الهادئة والصاخبة، وباءت جميعها بالفشل، ولا تزال الحالة الأمنية المتصاعدة في الضفة هي العنوان اليوم على طاولة صانع القرار في "دولة" الاحتلال.
- العمل المقاوم في الضفة الغربية بات مُوجَّهاً، كما أنه قادر على تنفيذ الضربات في الوقت والزمان اللذين تريدهما القيادة السياسية للمقاومة، وهو كذلك مبادر على رغم قلة الإمكانات، ويخوض معركة استنزاف في مواجهة المشروع الاستيطاني الضخم. والفارق هذه المرة أنَّ لديه داعمين متعددين، سواءٌ في الضفة نفسها، أو من قطاع غزة ومن لبنان ومحور المقاومة. وهذا الأمر، في حد ذاته، يمثّل ضامناً لاستمرار هذه المقاومة.
- المواجهة باتت أخطر من أي وقت سابق، ومستويات ردود فعل المقاومة الفلسطينية باتت أكثر تأثيراً وتنسيقاً، على نحو يؤلم حكومة الاحتلال والمستوطنين.
- حصر الرد الإسرائيلي على ما يجري في الضفة داخل حدودها الجغرافية يُمثِّل معضلة وعجزاً في الخيارات أمام المستويات السياسية والعسكرية والأمنية، فخيارات تصدير الأزمة الأمنية المتصاعدة في الضفة تتقلص، بصورة كبيرة، وبات الرأي مفاده أن محاولة تصدير الأزمة إلى منطقة أخرى تمثل مغامرة خطيرة جداً ستُدخل ملايين الإسرائيليين والجبهة الداخلية في خطر محدق.
- محاولات الرد في جبهات أخرى، أو تنفيذ عمليات اغتيال لشخصيات قيادية من المقاومة في الخارج، سيقود، بطبيعة الحال، إلى سيناريوهات قاسية وخطيرة جداً قد تشمل الحرب المفتوحة، أو الحرب متعددة الجبهات.
- تكرار سيناريو التفرد بفصيل فلسطيني بعينه غير مضمون هذه المرة، كما أنه لن يؤدي إلى أي حلول بشأن الضفة، وخصوصاً بعد أن أعلنت حركة "حماس" عملها العسكري في الضفة، بصورة صريحة وعلى نحو واضح.
- واقع المقاومة الفلسطينية اليوم تغيّر بصورة كبيرة، وعقّد إمكان فرض معادلات جديدة. فمثلاً، إن محاولة العودة إلى سياسة الاغتيالات، كما حدث في بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حينما رسّخ الاحتلال مفهوم مقابلة العمليات التفجيرية في المدن المحتلة باغتيال شخصيات قيادية كبيرة في المقاومة، لم تَعُد خياراً مُجدياً، وباتت الحسابات اليوم معقدة جداً، لأن تبعات هذا الأمر قد تكون أكبر من مجرد صنع معادلة جديدة.

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي