الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة وعشرون - ٠٤ سبتمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة وعشرون - ٠٤ سبتمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

واقعة الطف في الثقافة العربية واللوحات الفنية

ريشة الفنانين مرسم من وحي كربلاء المقدسة

الوفاق/ وكالات- تتعدد أساليب إحياء ذكرى عاشوراء، ويبقى الهدف تجسيد واقعة الطف بآلامها وعِبَرها، وترسيخها في عقول محبي الإمام الحسين(ع) وقلوبهم، وإيصال رسائلها بما تكتنزه من محبة ودروس إنسانية سامية، في الحقيقة لم تكن احداث عاشوراء وثورة الامام الحسين(ع) مجرد حادثة تاريخية عابرة، وقد شكلت واقعة الطف مادة غنية للكثير من الفنانين والمثقفين على مختلف اتجاهاتهم واختصاصاتهم.
ومن هذه الفعاليات إقامة أماكن لعرض اللوحات الفنية، وهناك فنانون كثيرون يقومون باستخدام فنّهم لعرض ما جرى في كربلاء المقدسة وواقعة الطف الأليمة، في مقال سابق تطرقنا إلى اللوحات الفنية الخالدة والجميلة للفنانين الإيرانيين مثل لوحة عصر عاشوراء الشهيرة للأستاذ فرشجيان أو لوحات الأستاذ حسن روح الأمين وغيره، ومن الطبيعي فكل مُحبّي الإمام الحسين(ع) منتشرون في كل حدب وصوب من العالم، واليوم نذكر بعض الفنانين واللوحات الرائعة في البلدان العربية.
اللوحة الجدارية طريقة لإيصال مظلومية الإمام الحسين(ع)
هناك فنانون يبتكرون طرقاً حديثة لإيصال مظلومية الإمام الحسين(ع) وترجمة واقعة عاشوراء، وقد شهدنا في السنوات الأخيرة وخلال الزيارة الأربعينية مجموعة من الفنانين يقومون برسم لوحة فنية جدارية تجسد واقعة الطف الأليمة على جدران مدينة الإمام الحسن(ع) للزائرين في طريق كربلاء المقدسة إلى النجف الأشرف، وهذه اللوحة الجدارية بقياس "۷م *۲,۲۰م" استخدم فيها الأسلوب الواقعي، والعمل أنجز بفترة قياسية لم تتجاوز يوم ونصف من خلال اشتراك ستة فنانين، فهذه الجدارية جسدت ظهيرة عاشوراء عند لحظة سقوط الامام الحسين(ع) من فرسه وهجوم الكتيبة الحمراء عليه وتعرضه للسهام والنبال والسيوف.
والجدارية جسّدت الأجواء الترابية التي كانت عليها واقعة الطف وإنها رُسمت على قماش مقاوم للعوامل الطبيعية واستخدم في رسمها مادة الأكريليك والمواد الزيتية وتم طلائها بمادة الكتان لتبقى محافظة على نظارة الوانها لمدة لا تقل عن ۱۰ اعوام.
ويعتقد الفنان التشكيلي "ضرغام كاظم جاسم" ان الزيارة الأربعينية ذات طابع عالمي ويقول: لمسنا توافد عدد كبير من المختصين خصوصاً من دول أجنبية بعضهم متخصص بمجال الاعلام والبعض الآخر بمجال الفن لتوثيق هذه المسيرة الإنسانية ورصد وتدوين الحالات التي يجدونها في الطرقات، فضلاً عن استثمار الفن لترجمة هذه الواقعة الأليمة وايصال الرسالة لمن يتأثر به، وهذه اللوحة الجدارية تهدف إلى ايصال قضية عاشوراء للعالم عن طريق الفن كون الإمام الحسين(ع) يعد الفنان الأول الذي رسم افضل لوحة للخلود والتضحية والشهادة في معركة الطف.
لوحات "ابتسام الهاشم" من وحي كربلاء المقدسة
من ضمن هؤلاء الفنانين يمكننا أن نذكر الفنانة "ابتسام الهاشم" التي أحيت الليالي العاشورائية برسوم من وحي كربلاء المقدسة واستضافت في بيتها اللوحات الفنية، وللرسامة "إبتسام" تجربة طويلة في الإسهام بخدمة الإمام الحسين(ع)، منذ أكثر من ١٥ سنة، حيث شاركت في العديد من الفعاليات والورش في السعودية، وتتلمذت على يد كبار الفنانين.
وتقول ابتسام: "رسالتي الأولى من الرسم الحسيني هي أن أوضح مظلومية الإمام الحسين (ع) بوجهها المشرق، ورسالتي الثانية أن أوجه موهبتي لفتح قلوب وعقول الصغار قبل الكبار، لمعرفة الأحداث التي لا يعلمها كثيرون عن قضية الإمام الحسين(ع)، ومن شارك بتلك الثورة المباركة".
قافية الطف بريشة فنان
استقطبت قضية الامام الحسين(ع) ومشاهد الطف الأليمة الكثير من الفنانين وحفزت عامل الابداع لديهم ليترجموا ملاحم جمعت بين الحزن والامل تارة وبين التضحية والفداء تارة أخرى في لوحة واحدة بإمكانها الإيحاء بما تعيى دونه كل القصائد والأشعار فالنقطة التي تنتهي عندها أحرف الاديب تنطلق منها ريشة الفنان، وهذا لسان حال هذه اللوحة التي تجسد مشهداً من معركة الطف الخالدة رسمها الفنان التشكيلي والشاعر العراقي المعاصر "عباس العلاق" مستخدماً لإنجازها الزيت وقماش الكانفاس وقد اختيرت ضمن مقتنيات العتبة الحسينية المقدسة.
صوّر الفنان مشهداً واقعياً من المعركة ممثلاً فرس الإمام الحسين(ع) في دفاعه المستميت عنه وهو محاصر من قبل جيش عمر بن سعد، وعلى الرغم من المخيلة التي تملكت الفنان اثناء انجازه اللوحة والتي تبدو جلية في تكوينها لم يستطع رسم شخص الإمام الحسين(ع) لصعوبة  تصوره واقعاً على الأرض مضرجا بدمائه وإنما إشار الى الفرس في وسط اللوحة وصيره الشخصية المهيمنة على المشهد، مما اكسبه الحضور كمركز لها عبر لعبة اللون والتضاد اللوني التي تميز بها أسلوب الفنان في تنفيذ اللوحة.
الخطوط المشكلة لتكوينات المشهد تبرز اشكالاً مثلثة ذات تركيب هرمي مؤكدا من خلالها  قيمة شخصيات اللوحة وبالخصوص حركة الفرس وهو واقف على قوائمه الخلفية معززا ذلك باللون الابيض المصطبغ بحمرة الدماء والتدرجات الهادئة بين البني الغامق من لون السرج والفاتح من الأتربة المتصاعدة من ارض المعركة .
وعندما نتمعّن في اللوحة لا يمكن إلا أن تلفتنا براعة الفنان ودقته في تحويل كتل اللون إلى ظل وضوء ووهج واقعي تنبثق منه ألوان متناغمة تتشكّل منها ملامح الاشكال كالفرس والوجوه وتفاصيل الملابس والسيوف وغيرها من الأشياء والتفاصيل المكونة للبنية الكلية للوحة ، حيث يكاد الناظر الى اللوحة ان يشعر بحرارة الجوّ ويشمّ رائحة الغبار المتصاعد من ارض المعركة  ويسمع وقع خطوات الخيل والعساكر من جيش الطغاة ويلمس مدى خوفهم وحذرهم وهم يهمّون لإستشهاد ابي عبد الله الحسين(ع).
وبذلك استطاع عباس العلاق التوفيق بين الشكل والمضمون من خلال مجريات هذا التكوين الإبداعي وشخوصه بتوظيف ملكته الشعرية بحنكة ودراية واسقاطها بريشته الفنية على سطح اللوحة التي كشفت عن ألوان ناضجة معبرة دفعت باللوحة لتنزاح تدريجيا كاشفة عن لحظة إنسانية مأساوية حقيقية يخفق لها قلب الناظر ويندمج بأحداثها ويعايشها.
رموز الفن التشكيلي في واقعة الطف
اما في مجال الفنون التشكيلية فقد تحول الرأس المقطوع والكف والفرس والراية والسيف والخنجر والهلال الى رموز بارزة في اغلب الأعمال التشكيلية، والتي أستُمدت اشكالها وهيئاتها من واقعة الطف وتم ربطها بقضايا الأنسان المعاصر، لتشكل حزمة من المنطلقات الجمالية المهمة في مسيرة التشكيل العراقي المعاصر منذ ستينيات القرن الماضي، حيث كانت ملحمة الطف موضوعا للكثير من الفنانين العراقيين من جيل الرواد والمحدثين، وقد كان الفنان كاظم حيدر من الرواد في هذا الموضوع، حيث أقام معرضاً خاصاً بواقعة الطف تحت عنوان ملحمة الشهيد وقد تضمنت اللوحات بعض الأبيات الشعرية المستمدة من موضوعة عاشوراء.. وقد أستلهم الفنان اشكال تلك اللوحات ورموزها من المرويات والمصورات الشعبية الخاصة بطفوف كربلاء واخرجها بشكل تعبيري فسجلت تأريخاً مصوراً عن الواقعة،  كما نقل الراحل شاكر حسن آل سعيد صورة المعركة عبر تصويره لفرس الأمام الحسين عليه السلام مطعوناً بعدد كبير من السهام المغروزة في جسده، في أشارة إلى وحشية القتلة الذين شمل فعلهم كل شيء.

 

البحث
الأرشيف التاريخي