الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثلاثة عشر - ٢٢ أغسطس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وثلاثة عشر - ٢٢ أغسطس ٢٠٢٣ - الصفحة ٤

في ظل تنامي المشاعر المعادية لفرنسا

هل انتهت سطوة اللغة الفرنسية على افريقيا؟

الوفاق/ في وقت سابق من هذا الأسبوع، وضع الزعيم العسكري لمالي، العقيد أسيمي غويتا، الدستور الجديد للبلاد بالفعل، مما يشكل بداية الجمهورية الرابعة في هذه الدولة في غرب إفريقيا. وفقًا للدستور الجديد، الذي تمت الموافقة عليه بأغلبية ساحقة بنسبة 96.91% من الأصوات في استفتاء جرى في 18 يونيو، ستصبح اللغة الفرنسية مجرد لغة عمل، بينما ستحصل 13 لغة وطنية أخرى تُتحدث في البلاد على وضعية لغة رسمية، و يأتي قرار مالي بالتخلي عن اللغة الفرنسية في وقت تتزايد فيه المشاعر المعادية لفرنسا في غرب إفريقيا بسبب تدخلها العسكري والسياسي.
و في تصريح للأكاديمي لموقع "pillars5" بوبكر بوكوم قال: "لم تكن اللغة الفرنسية لغة مختارة. قبل كل شيء، كانت لغة استعمارية فُرضت، ثم عندما غادر الاستعماريون في الستينيات، تركوا لنا هذه اللغة الفرنسية والإدارة الفرنسية، وهذا يعني أن كل نمط الحكم تم بالضبط بناءً على نموذج سوء الحكم الاستعماري." وأضاف بوكوم أنه "على الرغم من الاستقلال، استمروا القادة في إدارة البلاد بروح النمط الاستعماري الجديد، وبنظام الإدارة الاستعماري وكل ما تركه لهم النظام الاستعماري ولم يفكروا في أي لحظة معينة أنه من الضروري التكيف مع الواقع الاجتماعي والثقافي للبلاد".
وأكد أبوبكر سيديكي فومبا، عضو في المجلس الوطني الانتقالي (CNT) والناطق الرسمي باسم جماعة إعادة تأسيس مالي، قائلاً: "اليوم، قررنا أن نكون سياديين لغويًا وصحيح أن فرنسا استعمرتنا لأكثر من 100 عام. وبعد 60 عامًا من الاستقلال، كانت الأمور كما هي، ولكننا اليوم قررنا توثيق لغاتنا الوطنية في المنتديات الرسمية." علاوةً على ذلك، لفت فومبا إلى أن "الإنجليزية يمكن أن تصبح أيضًا لغة العمل في مالي لأنها اللغة الأكثر انتشارًا في العالم." في العام الماضي، بدأت فرنسا انسحابًا عسكريًا من مالي بعد أكثر من تسع سنوات من محاربة المتمردين المعارضين للنظام. فقد نشرت فرنسا لأول مرة قوات في مالي عام 2013 لوقف تقدم المتمردين واستعادة مدن مثل تمبكتو للسيطرة الحكومية. تفاقمت العلاقات بين فرنسا ومالي بعد انقلابين عسكريين وعدم استعداد النظام العسكري الجديد للموافقة على انتقال فوري إلى حكم مدني.
صحوة في افريقيا
اللغة الفرنسية هي لغة رسمية في 21 دولة أفريقية ، وهي بقايا من التاريخ الاستعماري لفرنسا في القارة. ومع ذلك ، تواجه هذه اللغة تحديات ومقاومة من قبل بعض الدول والحركات التي تسعى إلى تعزيز الهوية الوطنية والثقافية واللغوية لشعوبها، فلم يكن قرار الدولي في مالي أو رغبة الشعب في مالي بالتخلص من اللغة الفرنسية هو الحركة الأولى للشعوب الإفريقية ضد اللغة الفرنسية، فقد  شهدت المغرب حملات ومظاهرات من قبل نشطاء وأكاديميين وطلاب يطالبون بإلغاء التدريس باللغة الفرنسية في المؤسسات التعليمية والإدارية. يرون أن هذه اللغة هي رمز للاستعمار والهيمنة والظلم، و يرون أن استخدام اللغة الفرنسية يؤدي إلى تهميش وإقصاء الملايين من المواطنين الذين لا يجيدونها.
ففي عام 2018 ، نظَّمت حركة لا للاستعمار (No to Colonisation) مظاهرات حاشدة في عدة مدن مغربية رفضًا لإجبار المغاربة على التحدث بالفرنسية. كان شعار المظاهرات "لا للاستعمار ، نعم لأصولنا"  كما طالبت الحركة بإعادة النظر في العلاقات الاقتصادية والسياسية مع فرنسا والدول الأخرى التي تستغل الموارد الطبيعية للمغرب.
و في جزيرة موريشوس ، تشكَّلت حركة "لا فرونس" (No France) في عام 2019 لمحاربة التأثير الثقافي والإعلامي لفرنسا على المجتمع الموريشوسي. تطالب هذه الحركة بإزالة جميع المؤسسات والشعارات والأسماء التجارية التي تحمل اسم فرنسا أو تشير إلى فرنسا. كما تطالب بإحلال الإنجليزية محل الفرنسية كلغة رسمية. وفقًا لزعيم الحركة ، جان كلود دو روزيه ، فإن هدفه هو "تحرير موريشوس من قبضة فرنسا" و "إنهاء الهيمنة الثقافية والاقتصادية لفرنسا". كما يدعو إلى إقامة علاقات أقوى مع دول أخرى مثل الصين والهند وجنوب أفريقيا.
أما في رواندا ، قامت الحكومة بإجراء إصلاحات لغوية كبيرة في عام 2008 ، حيث حلَّت الإنجليزية محل الفرنسية كلغة تدريس في المدارس. كان هذا القرار جزءًا من سياسة التقارب مع دول شرق أفريقيا المتحدثة بالإنجليزية ، وكذلك رد فعل على دور فرنسا المثير للجدل في إبادة رواندا عام 1994.
و من هذه الأمثلة التي ذكرناها و غيرها التي لايسع المجال لذكرها يمكننا أن نرى أن هذه الدول والحركات تسعى إلى تأكيد هويتها وسيادتها وتنوعها اللغوي والثقافي، و حتى تتمكن من هذا الأمر فهي تسعى للتخلص من الإرث الثقافي للإستعمار و هو اللغة.
عوامل أضعفت هيمنة اللغة الفرنسية
على الرغم من أن اللغة الفرنسية هي واحدة من أكثر اللغات انتشارا في العالم، وخاصة في أفريقيا، تواجه هذه اللغة تحديات كبيرة في القارة السمراء، بسبب عوامل سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية.
 أولاً، من العوامل السياسية التي تؤثر على مكانة اللغة الفرنسية في أفريقيا هو تاريخ الاستعمار الفرنسي، الذي ترك آثارا سلبية على بعض الشعوب والدول الأفريقية. فاللغة الفرنسية كانت لغة القمع والظلم والتهميش لكثير من المجموعات الإثنية واللغوية في المستعمرات الفرنسية، وبالتالي فإن بعض الأفارقة يرون فيها رمزا للاستبداد والهيمنة والتبعية، لذلك، هناك حركات سياسية وقومية تطالب بإزالة اللغة الفرنسية من دورها كلغة رسمية أو تعليمية أو إدارية في بعض الدول، مثل موريتانيا وجزر القمر وجيبوتي ورواندا، وتحل محلها باللغات المحلية أو باللغات الأخرى مثل العربية أو الإنجليزية.
ثانياً، من العوامل الاجتماعية التي تؤثر على مكانة اللغة الفرنسية في أفريقيا هو التنوع اللغوي والثقافي للشعوب الأفريقية. فأفريقيا تضم أكثر من 2000 لغة مختلفة، تعبر عن هوية وتاريخ وثقافة كل شعب، وهذه اللغات تحظى بالاحترام والتقدير من قبل متحدثيها، وتستخدم في مجالات مختلفة من الحياة، مثل التواصل الأسري والديني والفني والشعبي. لذلك، فإن بعض المجتمعات ترون في استخدامهم للغة فرنسية خطورة على حفظ لغاتهم وثقافاتهم، خصوصا إذا كان التدريس بهذه اللغة يهمش أو يستبدل لغاتهم. لذلك، هناك حركات اجتماعية وثقافية تطالب بإدخال أو تعزير دور اللغات المحلية في المنظومة التعليمية والإعلامية والثقافية، وتعتبر اللغة الفرنسية لغة ثانوية أو أجنبية.
ثالثاً، من العوامل الاقتصادية التي تؤثر على مكانة اللغة الفرنسية في أفريقيا هو التغير في العلاقات والتبادلات الاقتصادية بين الدول الأفريقية وبين الدول الأخرى. فاللغة الفرنسية كانت لغة مهمة للتجارة والاستثمار والتعاون بين الدول الأفريقية وبين فرنسا وبلدان أخرى ناطقة بالفرنسية، مثل كندا وبلجيكا وسويسرا. ولكن مع تزايد دور الدول الأخرى في الاقتصاد العالمي، مثل الصين والهند والولايات المتحدة، أصبحت هذه الدول شركاء اقتصاديين مهمين للدول الأفريقية، وبالتالي فإن بعض المهنيين والمستثمرين والطلاب يرون في تعلم لغات أخرى، مثل الإنجليزية أو الصينية، فرصة لزيادة فرصهم في سوق العمل والتعليم. لذلك، هناك حركات اقتصادية تطالب بإضافة أو تبديل اللغة الفرنسية بلغات أخرى في مجالات مثل التجارة والسياحة والتكنولوجيا.

البحث
الأرشيف التاريخي