تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
بسبب تأميمه للنفط وطرد البريطانيين
الانقلاب الأمريكي على محمد مصدق في إيران
الوفاق وكالات یصادف يوم التاسع عشر من آذار مارس في عام 1951 م ذكرى تأمیم صناعة النفط في البلاد بعد عدة عقود من سیطرة الحكومة البریطانیة علیها، لیكون ذلك الحدث منعطفاً في التاریخ السیاسي والإقتصادي والنضالي للشعب الإیراني في سبیل إنقاذ ثرواتهم الوطنیة من ید الأجانب. وتزعم الدكتور محمد مصدق رئيس الوزراء آنذاك، حركة تأميم صناعة النفط الإيرانية بهدف تأميم هذه الصناعة التي كان يسيطر عليها آنذاك البريطانيون منذ عام 1913م عبر شركة النفط الأنغلو-إيرانية.
في ظل صراع الشعب الإيراني مع بريطانيا، اعتقد الأمريكيون أنه لا يزال بإمكانهم التمتع بامتيازاتهم في هذا البلد. ولكن عندما انتصرت حركة الشعب الإيراني، صممت أمريكا، مع إنجلترا، على تنفيذ المؤامرة الكبرى. وبدأوا بتنفيذ خطواتهم لهزيمة الحركة، على الرغم امتلاك الأمريكيين نفوذاً داخل الحكومة.
كانت مسيرة الحركة، رغم قسوة الحكومة ومصاعبها، إيجابية حتى الخامس والعشرين من شهر تير / يوليو . في مثل هذا اليوم استقال الدكتور "مصدق" من منصبه دون استشارة قادة الحركة وترك العمل في منتصف الطريق. كان المجتمع مرتبكاً. اعتبر البعض هذه الاستقالة خدعة سياسية، رغم عدم وجود وثيقة تؤكد هذا الإدعاء. لذلك، يمكن اعتبار هذا الإجراء خطأً استراتيجياً. بعد انتفاضة الثلاثين من شهر تير / يوليو وتأييد آية الله كاشاني وتأييد الشعب لمصدق، عاد إلى رئاسة الوزراء. لكن مع بقاء النفوذ من جهة وتفكير رجال الدولة واعتزازهم ورأيهم الذاتي من جهةٍ أخرى، تسبب في تعميق الفجوة وظهور الخلافات، وأخيراً حصل الانقلاب الأمريكي البريطاني في 28 مرداد/ اغسطس 1953، وأنهى حياة الحركة.
تحريف غربي لتاريخ انقلاب 28 مرداد / اغسطس
هذه الحركة كُتبت عنها العديد من الأعمال والكتب والمقالات، للأسف، في معظم الأعمال المعروفة، نرى تحريفاً للتاريخ؛ وبدأ تزوير التاريخ قبل انقلاب 28 مرداد/ اغسطس. تم تشويه تاريخ حركة النفط الوطنية بطريقة تُبرأ كل من الأمريكيين والبريطانيين.
تأثرت كتابة تأريخ فترة بهلوي للأسف بمراكز التأريخ الغربية. وفي حالة حركة النفط الوطنية وانقلاب 28 مرداد/ اغسطس، بدأ الأمريكيون والبريطانيون في تشويه التاريخ لقلب القضية رأساً على عقب. ومن بين هذه التحريفات التي حدثت في كتاب "القومية في إيران" ل"ريتشارد كاتم". في كتابه يُقسم عوامل الانقلاب إلى أربع فئات عامة هي: 1-حركة حزب توده، 2-حركة البلاط، 3-الحركة الدينية، 4-الحركة الوطنية. ولم يذكر الكاتب دور الدول الأجنبية في الانقلاب واكتفى بالقول إن دخول أمريكا في عملية تأميم النفط الإيراني كان خطأً. يقدم مؤلف هذا الكتاب عملاء الانقلاب كعناصر محلية ويبرئ بمهارة المستعمرين.
أمّا الكاتب الأمريكي "مارك غازيوروفسكي" فقد بدأ أيضاً في تشويه تاريخ الحركة في أعماله. ابتدأ التحريف بالعنوان المتحيز الذي اختاره لكتاب: "الانقلاب الإيراني". فهو يحاول في كتابه ربط الانقلاب بالعامل الداخلي وتجاهل العوامل الخارجية. ويعتقد أن انقلاب 28 مرداد/ اغسطس 1953م كان "انقلاباً إيرانياً". وزعم أنه خلال الانقلاب وصل شيك بقيمة عشرة آلاف دولار إلى آية الله "كاشاني". عندما سألوه أين وثيقة هذا الادعاء؟ قال إنه سمع هذا من أحد عملاء وكالة المخابرات المركزية! مثل هذه الادعاءات التي لا أساس لها هي تلميحات شيطانية. في الأساس، كانت هذه هي مهمة غازيوروفسكي في كتابة تاريخ انقلاب 28 مرداد".
في هذه السياق نتحدث عن ذكرى جمعت الكاتب "غازيوروفسكي" مع حجة الإسلام الحاج الشيخ "روح الله حسينيان"، فيقول عنها: "ذات يوم جاء إلينا "غازيوروفسكي" وطلب وثائق انقلاب 28 مرداد/ اغسطس. فقلت له: أنتم (الأمريكان) قمتم بالانقلاب وتريدون منا وثائقه ؟! قال: إنني أنتقد تدخل أمريكا في تأميم النفط الإيراني، لكني أعتقد أن الانقلاب خُطط له في إيران! قلت: من خطط لهذا الانقلاب؟ وهل هم غير إنكلترا وأمريكا ؟! كل جريمة وقعت في إيران بعد 28 مرداد يمكن رؤية آثار أمريكا فيها. ثم قلت له: لدينا وثائق عن علاقتك وتعاونك مع وكالة المخابرات المركزية. قال: نعم هذا صحيح. قلت: إذن ليس لدينا أي شيء آخر نقوله لبعضنا البعض. انتهت مناقشتنا هنا ".
بالإضافة إلى أعمال الكتاب الأجانب، جرت محاولات لكتابة تأريخ هذا الانقلاب، ولكن شاب هذه المحاولات التشويه أيضاً، على سبيل المثال، حاول التيار القومي إلقاء اللوم على التيار الديني لتبرير نفسه، هذا العمل هو "صناعة التأريخ" أكثر من كونه "التأريخ".
لقد حاول الغرب كتابة تاريخنا بالطريقة التي يريدها، كتب المستعمرون التاريخ وفق أهدافهم وكان أعداء الإسلام والدين مسؤولين عن تشويه الحقائق التاريخية. اليوم، يجب على المؤرخين الشباب والجيل الجديد مواجهة هذا التأريخ. وفقاً لقائد الثورة، يجب على المؤرخين الانتباه إلى البصيرة السياسية وتحليل العدو والتسلسل الزمني. على المؤرخين أن يقوموا بالسرد الصحيح للتاريخ بما يتماشى مع "الجهاد التفسيري". ما زلنا في بداية الرحلة ويجب مواصلة هذه الجهود حتى يصل تأريخ الثورة الإسلامية في السنوات القادمة إلى المكانة التي تستحقها.
الخطة الأمريكية لتكرار انقلاب 28 مرداد/ اغسطس عام 1978م
حاولت الولايات المتحدة الأمريكية عشية انتصار الثورة الإسلامية ، تكرار انقلاب 28 مرداد / اغسطس، هذه المرة ضد الثورة الإسلامية.
"أمير أصلان أفشار"، آخر رؤساء مراسم البلاط البهلوي ولديه خبرة في سفارة إيران في أمريكا وألمانيا، يتحدث في ذكرياته اليومية عن يوم 30 آذر / كانون أول 1978م فيقول:" أبلغني موظف المحكمة اليوم أن السيد "كيم روزفلت" من السفارة الأمريكية يريد التحدث إليك، تحدثت معه فطلب مني لقاء الملك (الشاه) لأمر ٍعاجل نسقت اللقاء بمساء اليوم نفسه، وصل "روزفلت" إلى قصر "نياواران" في الوقت المحدد والتقى بالملك، وقال له بينما أعرب عن أسفه للوضع في إيران: "كنت في جنيف عندما تحدث معك أنور السادات، وعندما ذهبت إلى مصر، التقيت سراً معه، وحضرت اجتماع برفقته ومع الجنرال "بونعيم" ، رئيس الأركان في مصر، توصلنا إلى خطة، إذا تمت الموافقة عليها ، ستثبت موقفك مرةً أخرى".
فقال الشاه : "لقد وضعنا أنا ومستشاري عدة خطط لإنهاء الوضع الذي تواجهه بلادي، ولكن للأسف رئيسكم ، السيد كارتر، على الرغم من العلاقات الودية وخلافاً لمبادئ العلاقة بين البلدين، انتهك كل شيء وامتنع عملياً عن دعمه لنظامي، الذي كان على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية أفضل صديق لأمريكا والحليف الأكثر موثوقية. مع أخذ ما قلته بعين الاعتبار، وبالنظر إلى تأكيد كارتر المتكرر لي ولأردشير زاهدي على الامتناع عن العنف، هل تتخيل أن إجراءً حاداً وأحادياً سيستمر؟ "
فأجابه روزفلت: "لقد حصلنا على دعم جيرالد فورد". لقد وعد بالحصول على دعم الأغلبية الجمهورية في الكونجرس الأمريكي. على أي حال ، لقد أعددنا خطة بمساعدة السادات ورئيس أركان الجيش المصري ، وهي "من أجل سلام البلاد أولاً ، يجب أن يغادر عدد من طائرات النقل وبعض طائرات سلاح الجو الإيراني إيران والتمركز في مصر وتل أبيب حتى يكونوا بعيدين عن متناول المعارضة". في المرحلة الثانية ، ستُنقل القوات الإيرانية المتبقية في مسقط وعمان إلى مصر، وفي المرحلة الثالثة يتولى جنرالاتكم السلطة في طهران بحجة ضعف الحكومة في إدارة شؤون البلاد. في الدراسات التي أجريتها أنا وأنور السادات توصلنا إلى نتيجة مفادها أن معنويات الجنود الإيرانيين اهتزت بشدة منذ 17 شهريور / أيلول ( قتل المتظاهرين على يد قوات نظام الشاه عام 1978م )، وبعضهم هرب من الثكنات وانضم إلى المعارضة، وفي الوقت نفسه، لا يمكنهم فعل أي شيء عندما يواجهون الناس. في المرحلة الأخيرة ، سوف نُرتب لمجموعة من الجنود الإسرائيليين من عائلات المهاجرين اليهود، مع الجنود المقيمين في "ظفار" في سلطنة عمان، للذهاب إلى طهران ومشهد وتبريز وشيراز وأصفهان ومواجهة الناس ، ظاهرياً سيقال وفقاً لأوامر الحكومة يرجع أفراد عسكريون إيرانيون من مهمتهم".
بعد صمت كيم روزفلت، قال الملك: "هناك مسألة صراع يرى النور، وأنا متأكد من أنه سيكون هناك حمام دم ، بينما تعلم أن الفرصة الأخيرة للتوصل إلى حل سلمي هي أننا انتخبنا بختيار رئيسا للوزراء، "فأجاب روزفلت: "أنا واثق من أنه إذا تم تنفيذ هذه الخطة بشكلٍ صحيح ، فإن التوترات ستهدأ وستعود البلاد إلى السلام".
في ذلك الوقت، فتح روزفلت حقيبته، وأخرج ملفاً وخريطة ونشرها على الطاولة وتابع كلماته على النحو التالي: "أهم جزء في العملية هو الجزء الرابع منها، فور وصول القوات الخاصة الإسرائيلية إلى المدن الكبرى بالتزامن مع تواجد القوات الإيرانية وتمركزها في الأماكن المخصصة لها، تقوم قوات الكوماندوز الخاصة بالإسم والعنوان والتعرف الكامل على مواقع الزعماء الدينيين والسياسيين المعارضين ويقومون بخطفهم بعناية من أماكن إقامتهم والاحتفاظ بهم في مكان حتى يهدأ البلد. وفي نهاية اللقاء قال الشاه وهو يشعر بالرعب لسماع كلمات كيم "هذه الخطة تشبه قصص جيمس بوند".