«شارة جديدة للنصر » تبشّر بأدب مقاوم حديث (3)
حسن نعيم
كاتب لبناني
تأتي قصص حجازي لتكون شاهداً أدبياً على عصر المقاومة، وتأخذ على عاتقها توثيق الفعل المقاوم أدبياً وفنياً وفاءً وإيماناً بهذه المقاومة التي صنعت أوّل انتصار عربي على الكيان الصهيوني ولم تأخذ حقها على المستوى الأدبي. وتنضم هذه المجموعة القصصية إلى مثيلاتها من الأعمال الأدبية المرافقة للمقاومة لتشكّل رافداً من روافد هذه المقاومة في بعدها الإبداعي الذي يحفظ تجربتها ويمنحها فرادتها بين حركات المقاومة المناهضة للاستعمار في العالم.
لا يشتقّ حجازي لغته في " شارة جديدة للنصر" من العدم وإنما يتلمّسها من واقع معاش تحت الاحتلال، ويسعى إلى توليد دلالاته من عادات الناس وتقاليدها، كأنما الكتابة عنده محاولة دؤوبة لامتلاك سرّ هذا التجذّر في الأرض، وبالتالي سرّ هذه المقاومة التي تحيلنا إلى زمن مقدّس ولت فيه الهزائم وتوارت النكسات، نكسة حزيران، والنكبات، نكبة 1948، "هنا زمن النصر تجلّى... هنا طاف المجد وصلّى... هنا صاح الصبح بنا قوموا زمن الهزائم قد ولّى...".
تستبطن قصص علي حجازي دعوة إلى قطيعة غاضبة مع تاريخ الهزائم وتسعى إلى الابتعاد والانفصال عن زمن كانت الغلبة فيه للإسرائيلي، فبقدر هذا الجفاء مع التاريخ القريب سعت المقاومة اللبنانية إلى وضع كتاب آخر ومفاهيم أخرى، أصرّ حجازي على ملاحقتها بكتابة أدبية محتفية بإنجازاتها بغبطة واعتزاز لا يدانيه اعتزاز. وهو في محاولته تلك إنما يكتب بلغة لا تعوزها البصيرة، عن زمن جديد تحتقب فيه الأزمنة وتتناسل النصوص الأدبية مستلهمة الحدث، ساعية إلى القبض عليه بقوة وتوثيقه فنياً ليبقى عبرة للأجيال.
تأخذ الكتابة الأدبية في مجموعة "شارة جديدة للنصر وقصص أخرى" شكل الرسالة التنويرية، وتبشّر بأدب مقاوم حديث يقدّم نماذج واعية لحقيقة وحساسية الصراع مع العدو الإسرائيلي، وما يمليه هذا الصراع من ضرورة الدفاع عن الوجود والذات بلغة لا تقبل المداورة والمهادنة وتدوير الزوايا. لغة واضحة في انتمائها لقضيتها متمكّنة من أداوتها، إنها لغة الحياة الجارية التي لا تلجأ إلى المواربة في سردها، ولا تدّعي حياداً مع عدو لا يفهم إلا لغة القوة والسلاح.