الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة - ١٢ أغسطس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة - ١٢ أغسطس ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

خطة سموترتش.. حسم الصراع أم تفجيره؟!

وسام أبو شمالة
كاتب ومحلل سياسي
بينما تنشغل ساحة العدو الإسرائيلي بخطة التعديلات القضائية للائتلاف اليميني الحاكم واحتجاجات المعارضة المستمرة عليها، وبينما يسخّر نتنياهو كل جهده للمحافظة على موقعه وإنقاذ نفسه من السجن، وبينما يهتم بن غفير بالصراخ و"الشُّو" الإعلامي، حتى اشتُهر بوزير التكتوك، ينشغل الوزير الأخطر في حكومة العدو، بتسلئيل سموتريتس، بأمر آخر ومغاير كلياً، ويعمل بصمت ومن دون ضجيج، ساعياً وراء تحقيق هدفه الأيديولوجي بحسم الصراع مع الشعب الفلسطيني عبر تنفيذ مخططه الهادئ والصامت، وهو ضم الضفة الغربية.
زعيم الصهيونية الدينية سموتريتش بدأ عملياً تنفيذ خطته بشأن ضم الضفة الغربية، ولم تعد الخطة حبيسة أدراجه. فمنذ توليه المسؤولية المدنية عن الضفة الغربية كوزير في وزارة الأمن، أصبحت أحلام الضم لديه لا تنحصر في المنطقة المصنفة "ج" فقط، وهي بحسب اتفاقية أوسلو تخضع للسيطرة الإسرائيلية، مدنياً وأمنياً، وتشكل 60% من أراضي الضفة، وإنما يسعى سموتريتش لضم كل الضفة الغربية، بما فيها المصنفتان (أ) و(ب)، واللتان تخضعان لسيطرة مدنية للسلطة الفلسطينية.
سموتريتش، ومن خلفه نتنياهو، يدركان أن التغيير الإداري والتقاسم الوظيفي داخل وزارة الأمن، هدفا في الأساس إلى إضفاء الشرعية، سياسياً وقانونياً، على خطوات الضم وتثبيت السيادة على الضفة الغربية.
وفي ضوء خطته التي أعلنها عام 2017، وبعد تحرر حكومته من الرقابة القضائية بعد إقرار إلغاء "قانون المعقولية" مؤخراً، سيقوم سموتريتش بهدم منشآت ومبانٍ وممتلكات فلسطينية، ومنع البناء الفلسطيني في مواقع متعددة في الضفة، بحجة تهديدها الأمن القومي للكيان، الأمر الذي يعني عملياً إلغاء ما تبقى من اتفاقية أوسلو، وما يعني أنه من دون إعلان "إسرائيل" رسمياً ضم الضفة الغربية، فإنها انطلقت في عملية الضم بالفعل.
الأثر المباشر لعملية الضم، والمسؤولية المدنية لسموتريتش على الضفة الغربية، سيقودانه إلى تشكيل سلطة استيطانية شبه مستقلة، سيوفر لها الدعم والميزانيات من وزارة المالية التي يَرأسها، ويقوم بتطوير البنية التحتية وتخصيص الموارد والمشاريع، وتخصيص الأراضي وإنشاء المباني، كما سيترك يد المستوطنين الطويلة في الاعتداء على الفلسطينيين وقراهم وممتلكاتهم ودفعهم إلى الرحيل عنها، وتوطين المستوطنين الجدد فيها، بعد أن يصل عددهم إلى نحو مليون، بحسب خطته.
استراتيجية حسم الصراع التي يتبناها سموتريتش تتباين عن استراتيجية إدارة الصراع، التي تبناها نتنياهو سابقاً، كما تبناها نفتالي بينيت رئيس وزراء العدو الأسبق، والفارق الجوهري أن نتنياهو تبنى سياسة تقويض "حل الدولتين"، مع الإبقاء على السلطة الفلسطينية كياناً وظيفياً يقدم الخدمات التعليمية والصحية والبلدية إلى الفلسطينيين في الضفة، ويقدم الخدمات الأمنية إلى "إسرائيل".
بدأت مساعي الضم في الفترة التي تولى فيها نتنياهو الحكم عام 2020 في إبان رئاسة دونالد ترامب الولايات المتحدة، عندما أعلن عمّا سُمّي "صفقة القرن"، والتي نصت على ضم أكثر من 30% من الضفة الغربية إلى الكيان، وتشمل جميع المستوطنات وأراضي في محيطها وغور الأردن ومدناً فلسطينية في عمق الضفة، وتنص على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على قطاع غزة، وأجزاء متناثرة في الضفة الغربية، بينما يسعى سموتريتش، في إطار خطته، لحسم الصراع لفرض السيادة الإسرائيلية على كامل أراضي الضفة الغربية المحتلة، وتكثيف الاستيطان اليهودي فيها، وحلّ السلطة الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين إلى الخارج.
 في هذه المرحلة، يعتزم سموتريتش إغراق أراضي الضفة الغربية بالمستوطنات والمستوطنين اليهود، على نحو سيؤدي إلى يأس الشعب الفلسطيني من إمكان الحصول على دولة، الأمر الذي سيدفعه إما إلى قبول العيش تحت سلطة الاحتلال، وإما الهجرة، وإما الإبادة.
سموتريتش لا يريد إضاعة الوقت، ويَعُدّ الفرصة مواتية وقد لا تتكرر في ظل حكم تحالف اليمين الفاشي. وكي يستطيع المضي في خطته من دون عراقيل، يدفع عجلة تمرير مشاريع الانقلاب (التعديل القضائي)، ثم فرض "السيادة الكاملة" على الأرض الفلسطينية.
على الرغم من أن مآلات خطة سموتريتش وحكومة اليمين الفاشية، والتي بدأت بهدوء وبتدرج ومن دون ضجيج، خطيرة جداً على الشعب الفلسطيني، فإنها كشفت الصورة الحقيقية لسياسات العدو في الضفة، والقائمة على ترسيخ الاحتلال والسيطرة العسكرية على الشعب الفلسطيني، وتعزز الرواية التي تفيد بأن كيان العدو ما هو إلا نظام أبرتهايد (فصل عنصري)، على نحو يؤدي إلى تراجع الشرعية التي تتمتع بها "إسرائيل"
عالمياً.
كما أن سياسات سموتريتش لن تؤدي إلى حسم الصراع كما يخطط، بل إلى تفجير الصراع، وسيختار الشعب الفلسطيني تصعيد المواجهة مع قطعان المستوطنين، وبدلاً من تحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم، وإجبارهم على الهجرة ومغادرة فلسطين، ستتحول حياة المستوطنين إلى عذاب، لن يصمدوا أمامه، لأن الجَلَد الفلسطيني والقدرة على الصمود والتحدي أمام أدوات البطش والقتل، التي يهدد بها سموتريتش، يقابلهما عدمُ قدرة المستوطنين وجيش العدو الذي يحميهم على تحمل أعباء العمل المقاوم. وما تشهده الضفة الغربية من تطور في أساليب المقاومة وتصنيع الوسائل العسكرية، التي تركز على استهداف المستوطنات والمستوطنين، ليس إلا دليلاً على أن المعركة في الضفة لن تكون سهلة على سموتريتش وحكومته، وستتحول أحلامه إلى كوابيس.

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي