الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وواحد - ٠٨ أغسطس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وواحد - ٠٨ أغسطس ٢٠٢٣ - الصفحة ٦

العقيلة زينب(ع) وتمكين المرأة

 

محمد علي جواد تقي
كاتب
هل أوصى الامام الحسين لزينب عليهما السلام بأن تخطب في الكوفة والشام؟
في اللقاء الاخير؛ أوصاها بعدة وصايا، أهمها؛ حفظ العيال والاطفال، والصبر، وان تحتسب لله –تعالى- ولم يرد أنه، عليه السلام، أوصاها بمواجهة عبيد الله بن زياد، او يزيد بالكلام والخطاب، وأن تخرج عن تحفظها المعروف وتُسمع الآلاف من الحضور، من المقربين والمتزلفين وكتاب التاريخ في تلك المحافل المشؤومة.
ربما كانت تكتفي باجابات مقتضبة لتحاشي المواجهة وإطالة الكلام مع اشخاص دونها المسافة بين السماء والارض، ولم تكن ملامة على ذلك، ونحن نعرف بأي حال كانت العقيلة مع البقية من أسرة الامام الحسين(ع)، وظروف السبي من كربلاء الى الكوفة، ومنها الى الشام.
تحمل هموم الأمة
لنتصور اليوم امرأة تمتلك الكثير من السمعة، والجاه، والمال، والمنزلة الاجتماعية، كأن تكون عالمة وأكاديمية، او زوجة رجل دولة مرموق، كيف يكون سلوكها العام مع الناس؟ بل كيف تفكر وتحكم على الأشياء؟ هل تتصدى –مثلاً- لما تراه من انحرافات سلوكية وثقافية على صعيد المجتمع؟
هذا الدور الزينبي فطنت اليه اخواتنا في عقد السبعينات من القرن الماضي عندما استثمرن ما لديهن من امكانات متواضعة في حجمها وعظيمة في آن، لنشر الوعي الديني والاخلاقي بين اترابهنّ من النساء والفتيات، لاسيما في الوسط الجامعي، بل وحتى في الوسط الاجتماعي خلال مجالس العزاء الحسيني الخاص للنساء، ولعل أعظم وأكبر امكانية كانت آنذاك؛ الشجاعة في الخطاب والقوة في الحُجة، والاستهانة بما تدعيه سلطات ذلك الزمان من امكانات مخابراتية وحزبية ومالية، مع ترهيب وترغيب منقطع النظير، لم يبق اليوم من كل ذلك سوى كلمات عابرة، بينما إشعاعات ذلك الحراك ما تزال آثاره في نفوس شريحة مؤمنة تقيم اليوم مجالس إحياء النهضة الحسينية، كما تستعين بها على تربية جيل مؤمن وملتزم بالقيم والمبادئ، وإن كان في مساحة محدودة بالمجتمع.
إن التمكين الحقيقي ذلك الذي يرفع المرأة الى مراقي السمو والتكامل، عندما تتفاعل مع افراد أسرتها من؛ أب وأم واخوان وأخوات، بل مع الاقارب ايضاً، وفي الحياة الزوجية تتفاعل وتتكامل مع زوجها وامكاناته العلمية والثقافية والمالية، هذا التفاعل هو الذي يعطي للإمكانيات ثمارها السليمة على ارض الواقع.
تمكين أم تضعيف
من المهم جداً التعرّف على المباني الفكرية لأي مشروع حضاري واسع النطاق يتعلق بالأسرة والمجتمع، فدخول المرأة سوق العمل في البلاد الغربية جاء وفق النظرية الليبرالية المانحة للحريات الفردية، والواعدة للمساواة والرفاهية، تبعتها الليبرالية الاقتصادية التي وعدت الانسان الغربي بحقه في التملك والثراء من خلال عمله وانتاجه، وأنه مصان من التدخلات الحكومية ومضايقاتها، فراحت النساء يتسابقن على المصانع والمعامل والشركات التجارية لتوفير اكبر قدر من المال لتوفير السلع الاستهلاكية التي ظهرت بقوة مع ظهور الماكنة والتقنيات الحديثة والاكتشافات العلمية، وايضاً لتوفير الحياة المرهفة، ولا علينا بما جرى وظهر من نتائج كارثية على المرأة الغربية بخسارتها بيتها وأسرتها وحتى أنوثتها من اجل المال والشهرة.
بينما نلاحظ المرأة في النظام الاجتماعي للإسلام فانها؛ كما الرجل، تمثل النبتة الصغيرة التي تحتاج للرعاية والتربية والنمو العقلي والبدني، فهو مُكرمة من الأساس كانسان؛ {ولقد كرمنا بني آدم}، كما جاء التكريم على لسان الرسول الأكرم(ص): "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"، بمعنى أن لا حدود أمام المرأة لطلب العلم والمعرفة، وهي في مقتبل العمر، حتى في حياتها الاجتماعية، عزيزة عند أهلها، مطيعة عند زوجها، مع وافر الحماية والرعاية من الجوانب كافة.
والفارق كبير بين امرأة تتصور أنها ضعيفة ومهانة، وعليها فعل كل شيء للتخلص من هذا الشعور المزعج قبل كل شيء، وامرأة يغمرها الشعور بالكرامة والعزّ منذ سن الطفولة. هذا الفارق ينعكس بشكل أكيد على عملية تمكين المرأة، فتلك تريد التعويض عما لحق بها من خسائر بما تحصل عليه من امكانيات، بينما هذه تستثمر امكانات مودعة فيها اساساً، ليس في تنمية قدراتها ومهاراتها الشخصية، فقط، وإنما للإسهام في البناء الاجتماعي والاقتصادي، وحتى السياسي.

 

البحث
الأرشيف التاريخي