تزامنا مع دراسة المحكمة العليا لقضية كشمير

الهند ..استراتيجية جديدة لقمع الكشميريين

في خطوة مثيرة الجدل، قامت الحكومة الهندية بإلغاء جوازات سفر عدد من الكشميريين، بما في ذلك الصحفيون والأكاديميون والطلاب، الذين يعتبرون من المعارضين لسياسات نيودلهي في الإقليم المتنازع عليه. وقد اعتبر هذا التحرك محاولة لخنق الأصوات الحرة والحد من حرية التعبير في كشمير، و يعد إلغاء جوازات سفر الكشميريين المعارضين هو أحدث مثال على سياسة القمع التي تتبعها الحكومة الهندية في كشمير، التي تشهد توترات مستمرة بين الهند وباكستان. وتصر نيودلهي على أن التشدد في التعامل مع الوضع في كشمير، سببه "الإرهاب" الذي ترعاه باكستان، وهي تهمة تنفيها حكومة إسلام أباد.
استراتيجية جديدة لقمع الكشميريين
بحسب موقع "Middle East Eye"، فإن العديد من الكشميريين، سواء داخل الإقليم أو خارجه، تفاجؤوا بتلقي إخطارات من الحكومة الهندية في الفترة ما بين 20 و30 يوليو/تموز 2023، تخبرهم بأن جوازات سفرهم قد تم إلغاؤها. وأشار الموقع إلى أن مكتب الجوازات في سري نكر، عاصمة كشمير، استند إلى المادة 10(3) من قانون الجوازات لعام 1967، التي تسمح للحكومة بإلغاء أو استرجاع جوازات سفر أي شخص يُعتبر خطراً على الأمن القومي. ولكن المتضررون نفوا وجود أي تهم ضدهم أو أي نشاط مشبوه. وطُلب من المتضررين تسليم جوازات سفرهم خلال 15 يوماً من تاريخ استلام الإخطار، تحت طائلة الملاحقة القانونية.
يرى المراقبون أن إلغاء جوازات السفر هو استراتيجية جديدة لقمع المعارضة في كشمير، بعد أن تعرض آلاف الكشميريين لتأخيرات في منحهم جوازات سفر، أو رُفض طلباتهم بذرائع أمنية. ويعتبر هذا الإجراء جزءاً من خطة أوسع لإعادة هيكلة المشهد السياسي في كشمير، بعد إلغاء الهند للمادة 370 من دستورها، التي كانت تمنح الإقليم حالة خاصة.
المحكمة العليا تستأنف دراسة قضية كشمير
 في سياق متصل، استأنفت المحكمة العليا في الهند دراسة قضية كشمير، بعد أربعة أعوام من صدور قرار حكومي غير مسبوق يقضي بإلغاء الحكم الذاتي للإقليم. وتنظر هيئة دستورية مؤلفة من خمسة قضاة في التماسات تطعن بدستورية القرار، الذي تسبب في تحويل كشمير من ولاية إلى إقليم اتحادي، وإلغاء الوضع الخاص الذي كانت تتمتع به. وقال محامون يمثلون الطاعنين إنه لم يكن هناك سبب لقيام حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي بهذه الخطوة، وأنها تنتهك حقوق وهوية الكشميريين.فالآثار المباشرة لهذه الخطوة تمثلت في أن المنطقة ذات الأغلبية المسلمة بات يديرها الآن بيروقراطيون ليس لديهم تكليف ديمقراطي من سكانها، وفقدت بالتالي عَلمها وقانونها الجنائي ودستورها.
تغييرات ديموغرافية
منذ إلغاء المادة 370، باشرت السلطات الهندية بإجراءات دمج كشمير مع بقية أنحاء البلاد، من خلال تغييرات إدارية تم تنفيذها من دون إشراك السكان المحليين. وفي عام 2020، اعتمدت الحكومة قانون الإقامة، الذي يمكن أي مواطن هندي عاش في المنطقة لمدة 15 عاماً على الأقل، أو درس لمدة سبعة أعوام فيها، من الحصول على إقامة دائمة فيها. وفي العام نفسه، خففت الحكومة أيضاً القواعد المطبقة على الجيش الهندي، لجهة حيازة أراض في كشمير وبناء مستوطنات "ذات طابع استراتيجي" فيها. وقد وصفت السلطات الهندية التغييرات الجديدة في المنطقة بأنها خطوة طال انتظارها، لتعزيز التنمية الاقتصادية، لكن منتقديها رأوا أن هذه التطورات يمكن أن تؤدي إلى تغيير التكوين الديموغرافي للسكان. وتتسم هذه المنطقة بتاريخ طويل من التمرد قضى فيه مئات من الجنود والمدنيين الهنود.
انتهاك لحقوق الإنسان
و يتعرض الكشميريون لانتهاكات عديدة لحقوق الإنسان من قبل القوات الأمنية الهندية، التي تستخدم قوانين خاصة تمنحها حصانة من المساءلة. وقد أفادت منظمات حقوقية محلية ودولية بحالات اعتقال تعسفي، وتعذيب، وإخفاء قسري، وإعدام خارج القضاء، واغتصاب، واستخدام قوة مفرطة ضد المتظاهرين. وفي عام 2020، أصدرت منظمة "Human Rights Watch" تقريراً يوثق انتهاكات الحكومة الهندية لحقوق الإنسان في كشمير، بعد إلغاء المادة 370. وأشار التقرير إلى أن الحكومة فرضت حظراً شاملاً على حركة الأشخاص والاتصالات والإنترنت، واعتقلت آلاف الأشخاص دون توجيه اتهامات رسمية لهم، وحظرت التجمعات السلمية، وحالت دون عمل الصحافة.،كما أكد التقرير أن هذه الإجراءات أثرت سلباً على حقوق الصحة والتعليم والعمل للكشميريين.
مطالبات كشميرية
يدعو نشطاء وساسة وأكاديميون من كشمير إلى حل سلمي للصراع، يحترم إرادة شعب كشمير، و يطالبون بإجراء استفتاء شعبي يحدد مصير كشمير، بالاستناد إلى قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، التي دعت إلى ذلك في عام 1948.،كما يطالبون بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وإزالة جميع القوانين الخاصة التي تشجع على الانتهاكات، وإعادة جوازات السفر الملغاة، وإنهاء الحصار العسكري والإعلامي على كشمير. وأعربوا عن رفضهم لأي تغيير في التكوين الديموغرافي للإقليم، وأي تدخل في شؤونه الداخلية. وأكدوا على أن حل القضية يجب أن يكون بالحوار والتفاوض بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الهند وباكستان والكشميريين.

البحث
الأرشيف التاريخي