«غيوم على الشيخ جراح».. رواية الاغتراب والعودة لأرض فلسطين

 

الصبر والثبات والمقاومة والعودة إلى الوطن من الاغتراب والمقاومة عناوين رئيسية لرواية "غيوم على الشيخ جراح" للروائي والناقد الأردني محمد القواسمة، الرواية التي أهداها الكاتب "إلى الذين أحبوا القدس بدمائهم الزكية ودافعوا عنها بصدورهم المؤمنة وحجارتهم المقدسة"- تمتاز بلغة راقية جاذبة لدرجة يصعب تركها بعد قراءة صفحتها الأولى، فكاتبها ينقلك من موقف إلى آخر ومن شخصية الأخرى مثيراً حالة من التضامن والتعاطف مع سكان الشيخ جراح وما يلاقونه من استفزازات واعتداءات شبه يومية على بيوتهم وسياراتهم وممتلكاتهم، فـ"المستوطنون يدمرون ونحن نعيد البناء"، وفق ما جاء في الرواية.
والمتصفح للعمل الروائي يكتشف عالما من الرموز والحكايات، فشخصية البطل "صادق" لم تأتِ من فراغ، بل تحمل إشارة تاريخية إلى مليك صادق أو ملكيصادق العربي الكنعاني الذي حكم القدس التي كان اسمها يبوس في القرن الـ19 قبل الميلاد.
"لن أبيع ولن أرحل"
وإضافة إلى جماليات السرد وسلاسة اللغة المباشرة تثير الرواية أسئلة في سياق التخييل وترجمته على الواقع المعيش في الشيخ جراح، فالقواسمة يقدم خيالا خصبا وجريئا عماده الإثارة والتشويق في ترجمة ما جرى ويجري هناك وكأنه وسط الأسر في مقارعتها مستعمري المحتل وجنوده.
كما يحمل "صادق" توكيدا على مصداقية الفلسطيني وانتمائه إلى أرضه مهما طال الاغتراب خارج الوطن، فهو مغترب في أميركا عاد ليحول دون استيلاء الاحتلال على بيت والده بعد وفاته باسم قانون أملاك الغائبين، القانون الذي سنه الاحتلال لمصادرة بيوت العرب وإسكان المستعمرين مكانهم.
"لا أريد أن أرحل عن القدس، لن أترك هذا البيت، سأموت فيه كما مات أبي، يا أخي لن أبيع ذكرياتنا بأي ثمن"، يقول صادق وهو يرد على سمسار حضر بملابس أنيقة لشراء البيت ووضع أمامه شيكاً مفتوحاً.
ورغم قتامة الأوضاع في الشيخ جراح جراء هجمات المستعمرين ومحاصرة الحي والتضييق على سكانه فإن رواية "غيوم على الشيخ جراح" مشحونة بالأمل والتفاؤل شأن روايات الكاتب السابقة "سوق الإرهاب"، و"الغياب"، و"الحب ينتهي في إيلات"، و"وجع الفراشة"، و"وداعا ساحة النخيل"، و"حبيباتي الثلاث"، و"فهمان في عمّان"، و"لعنة الفلسطيني"، و"المحاصر".
تتناول الرواية في مجريات أحداثها لمن سماهم الروائي "خونة وعملاء لكن مصيرهم معروف"، في إشارة إلى خائن توفي فلم يصلِّ عليه أحد ولم يدفن في مقابر المسلمين، بل دفنه من شغلوه في مكان مجهول.

 

البحث
الأرشيف التاريخي