الشهيد الشيخ محمد خياباني
المولد والدراسة
ولد الشهيد الشيخ محمد خياباني عام 1298 ه في قضاء خامنه من توابع مدينة تبريز. دخل الشهيد في طفولته دار الكتّاب وتعلم القرآن، ثم التحق بالمدرسة الطالبية في تبريز لدراسة العلوم الدينية، ودرس الفقه والأصول على يد حجة الإسلام الحاج "ميرزا أبو الحسن أنكجي" وكان تلميذه المبرز. وعلاوةً على مقامه العلمي، كان ذا أخلاق رفيعة ومشهوراً بالزهد والتقوى. كما أنه كان خطيباً مفوّهاً. وخلال دراسته تعرف على أحد كبار علماء تبريز وهو المرحوم آية الله الخامنئي (جد قائد الثورة الإسلامية)، ثم تزوج إبنته خير النساء.
ثورته ضد الحكومة المستبدة
ورغم أنه كان شاباً عندما ثار "ستارخان"، إلاّ أنه أصبح بعد وفاة ستارخان المنظّر الفكري والسياسي لثورة تبريز. ولم يتجاوز الثلاثين من عمره عندما انتُخب ممثلاً عن أهالي تبريز في المجلس الوطني في دورته الثانية، وبرز نجمه. وفي نطقه في المجلس حول المعاهدة الروسية المذلّة هاجم الروس بشدة، مما أدى إلى نفيه. واثر توقيع معاهدة 1919م المشينة، أعلن الشيخ ثورته في تبريز ضد الحكومة القاجارية؛ فعُطّلت الأسواق بأمره، وسيطر الثوار على مراكز الشرطة والحكومة، وسقطت المدينة في أيديهم، وذاق أهالي تبريز طعم الحرية لمدة ستة أشهر قبل أن تتمكن قوات الاستبداد من السيطرة عليها مجدداً. وقد حاول عين الدولة استرجاع المدينة عدة مرات إلا أنه مني بالهزيمة، فجهّز "محمد علي شاه القاجاري" هذه المرة قوة قوامها أربعين ألف جندي لاستعادة المدينة وقمع الثوار، إلى أن هذه المرة أيضاً مُنيت قواته بالهزيمة اثر صمود وبسالة الثوار والأهالي في الدفاع عن المدينة وبصيرة الشيخ "خياباني".
استشهاده
بعد خلع "عين الدولة" نُصب " مخبر السلطنة مكانه في رئاسة الوزراء، تواطأ مع قائد الجيش في تبريز والذي كان كولونيلاً روسياً، لقمع الثوار وأهالي تبريز وعندما كان معظم الثوار خارج المدينة لقمع الأشرار المحليين، هاجمت قوات الشاه المدينة وقمعوا باقي الثوار والأهالي وسيطروا عليها.
وبعد سقوط المدينة، أمر "مخبر السلطنة" بالاتيان بالشيخ خياباني حياً أو ميتاً. وفي يوم 29 ذي الحجة 1338هــ داهموا منزل جاره فوجدوه هناك، وأطلقوا النار عليه مباشرة ولم يقاومهم الشيخ لأنه كان قد وعد جاره بعدم مقاومتهم داخل بيته. ثم بعد قتله قطعوا كفّه، ثم سحبوا جسده الطاهر وأخذوه مهلهلين إلى بلاط "مخبر السلطنة". دفن الشهيد في مقبرة الشعراء في تبريز وأصبح قبره الشريف مزاراً للثوار والأحرار يرددون عنده كلمته الشهيرة: "إنّقيمة الحياة في أن يعيش الإنسان في عزّ وكرامة، وإلاّ فالموت أفضل نعمة لمن يريد العيش في ذل الخيانة والمتاجرة بوطنه".