الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وتسعون - ٢٥ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وتسعون - ٢٥ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

دور موكب بني فاطمة(ع) في طهران

المواكب الدينية العاشورائية نواة الثورة الإسلامية

طوال تكوين الثورة الإسلامية وانتصارها، تولت المواكب الدينية القيام بوظائف جديدة، فضلاً عن الاحتفاظ بالمهام التقليدية. فهي إلى جانب الوظائف السياسية والعسكرية والثقافية والفنية والاجتماعية والاقتصادية، تشكلت في هذه المواكب الدينية النواة الثورية، عبر أساليب وطرق متعددة منها تعليم الثوار التعليم الديني، وتوزيع الشعارات والإعلانات والأشرطة والصور الثورية بعد إعدادها، وتكريم مكانة الثوار وذكرى الشهداء في إطار جلسات القرآن والأحكام الإسلامية ومجالس العزاء في داخل تلك المواكب. لذا، فإن السمات الخاصة للمواكب الدينية وبُنيتها، كانت توفر إمكانية تنظيم النشاطات السياسية وتعبئتها في خضم الثورة الإسلامية والى جانب المؤسسات الأخرى بشكلٍ بارز. على هذا نقوم في هذه المقالة بإعادة قراءة أنشطة بعض المواكب الدينية المؤثرة في خضم الثورة الإسلامية، وفي هذه المقالة سنتطرق إلى دراسة دور موكب بني فاطمة(ع).

تاريخ موكب بني فاطمة (ع) في طهران
تأسس موكب بني فاطمة (ع) على يد إثني عشر  شخصاً من رجال الأعمال السادة (أحفاد الرسول (ص)) قبل ما يقارب من خمسة وسبعين عاماً في سوق نائب السلطنة في طهران. وبما أن مؤسسي الموكب كانوا من السادة، فأطلقوا عليه إسم بني فاطمة (ع). وهؤلاء السادة هم "محمد رضا زريباف" وسيد "حسين شاهنكيان" والإخوة زريباف (الحاج سيد حسن والحاج سيد أحمد). وقد وردت أسماء مؤسسي الموكب في وثائق السافاك وهم "حسن لولو" ابن محمد بائع الذهب و"هاشم نقره جي" ابن علي أكبر بائع الفضة و"إسماعيل زريباف" ابن سيد محمد بائع الجلد و"أحمد جعفري نيا" ابن علي نقي بائع الوسائل الالكترونية.
وفي زيارة قام بها عشرين شخصاً من أعضاء الموكب إلى مدينة كربلاء المقدسة، تعرفوا فيها على الحاج "مرزوق" الذي كان يؤدي طقوس العزاء الحسيني بشكلٍ خاص. وقبل عودتهم إلى إيران، طلبوا منه مرافقتهم للمشاركة في مجالس العزاء هناك.  قبل الحاج "مرزوق" تلبية دعوتهم وحضر برفقة أسرته إلى طهران، وفر الحاج "عباس زريباف" بيتاً للحاج وأسرته في سوق نائب السلطنة، وبقي الحاج مرزوق فترة في موكب بني فاطمة (ع)، حتى دخل موكب "البزازين"، لكنه خرج منه وقفل عائداً إلى موكب بني فاطمة(ع).  وقد قدم الحاج "مرزوق" أسلوباً جديداً لإقامة المآتم. أمّا الرواديد الآخرون للموكب كانوا السید "احمد آقا لب‌ شكري"، السید "إسماعيل ناظري"، الأستاذ "محمد نجاد"، الحاج "محمد نقاش" الشهير بآقا محمد كوجیكیه.
السافاك يمنع ويضيّق على إقامة المجالس العاشورائية
في نهاية الفترة القاجارية، ظهرت أجواء سياسية-أمنية متأججة في البلاد كافةً وخاصةً العاصمة طهران. كان رضا خان الراغب في اعتلاء السلطة، يشارك في مجالس العزاء في شهر محرم الحرام سائراً في مقدمة مواكب العزاء حاسر الرأس وحافي القدمين رافعاً شمعة في يده، لإيهام الرأي العام بتدينه.
ولكنه بعد وصوله لسدة الحكم حظر إقامة مجالس العزاء للإمام الحسين(ع)، مما اضطر أصحاب المواكب العاشورائية ومنها موكب بني فاطمة (ع) التوقف عن إقامة المجالس لبعض الوقت، ومن ثم عملوا على إقامتها بشكلٍ سري. فكان الموكب يُنظم وطوال أيام منع العزاء -بينما لم تمر إلا بضع سنوات على تأسيسه- اجتماعاته وراء الأبواب المغلقة في البيوت في الأزقة، يقول"أحمد شاهنكيان" في هذا المجال: " سمعت من والدي سيد حسين ( رحمه الله)، وبهدف معرفة الناس مكان إقامة الجلسات في أي منزل وشارع، كان أصحاب المجلس يعلقون التسبيح في بيوتهم، أو يوقدون الشمع في البيت الواقع وسط الزقاق، وبهذه الطريقة يعلم الناس المكان ويحضرون المجالس".
وهكذا في هذه الفترة كانت تقام المجالس بشكلٍ سري، وحتى علماء الدين والخطباء كانوا يشاركون في مجالس العزاء دون ارتداء الزي الديني الخاص بهم، كي لا يؤدي حضورهم في تلك المجالس إلى الكشف عنها. وبعد انتهاء مجالس العزاء يقوم المشاركون بغسل وجوههم  كي لا تظهر عليها أثار البكاء ، وبعد الانتهاء من هذه المجالس يخرج المشاركون بشكلٍ سري من مكان المجلس خشية إلقاء السافاك القبض عليهم.
 في تحدٍ للنظام.. تسيير مواكب عزاء في الأسواق  
في أولى السنوات بعد سقوط رضا شاه، كانت المواكب تنزل الشارع لإقامة مجالس العزاء ولكن كان يعترض دخولهم الجنود بالقرب من مفترق طرق مولوي. وقد أعلن في تلك الفترة الخطيب المعروف الراحل "حاج سلطان الواعظين" وبرفقة "حسين شاهنكيان" بنيتهم تسيير مواكب في الأسواق، بما أن الدولة منعت إقامة العزاء في الشوارع.
على هذا سار الموكب من مفترق طرق مولوي نحو السوق، وكان تقام مراسم إقامة العزاء في السوق على النحو التالي: كانوا يقيمون العزاء بوضع كرسي وسط دائرة، وعند وصول المواكب إلى السوق، كان يعتلي الحاج " مرزوق" الكرسي ويشتم "رضا خان" باللغة العربية، وبعده يلقي "حسين شاهنكيان" خطابه، ومن ثم يدخل الموكب بعد ذلك إلى مسجد شاه (مسجد الإمام) ويقوم بالعزاء حتى الخامسة عصراً.
لم يكن للموكب مكانٌ خاص به، فقد كان يقام مجلس العزاء مساء يوم الجمعة في بيت بعض أعضاء الموكب، أمّا عن برنامج المجلس فكان يبدأ بقراءة دعاء السمات بصوت المقرئ والخطيب الشهير الراحل الشيخ "محمد حسن ديواني". واستمرت برامج الموكب على هذا المنوال حتى قرروا إقامة مجلس العزاء صباح يوم الجمعة بعد الخطبة، أمّا في ليلة الجمعة فيقرأون دعاء كميل أسبوعياً. وسارت خطط الموكب على هذا المنوال، إذ تبدأ المراسم ليلة الجمعة في بيت أحد أعضاء الموكب منذ الساعة الثانية عشرة مساءً وبعد ساعة أو ساعتين من الاستراحة يقرأون دعاء كميل، وبعد صلاة الصبح والفطور كانوا يقرأون سورة الصافات وثم يلقي الحاج "مقدس" الخطبة من على المنبر.
حسينية بني فاطمة (ع)
 بعدما تطور الموكب قرر الأعضاء في أيام حكم محمد رضا بإيجاد مكان خاص للموكب، وبما أن البيوت كانت صغيرة، قرروا شراء بيت لإقامة المراسم. بدايةً ابتاعوا بيتاً في سوق شهاب الملك، وبقوا هناك فترة، وبسبب تفاعل الناس مع الموكب والحضور الكبير لأنشطته، اضطر الموكب لمغادرة المكان وشراء منزل أكبر في بيت "رزم آرا". وبنوا  هناك حسينية بني فاطمة(ع)، فأصبح للموكب مكانُ ثابت. وكانت تتم دعوة آية الله "مكارم الشيرازي" للحضور في الموكب وإلقاء الخطبة قبل قراءة مجلس العزاء . ومن إبداعات آية الله "الشيرازي" عرضه أسلوب جديد في المواكب بدل الخطبة ويقوم على طرح الأسئلة من قبل المشاركين والإجابة عليها ضمن الموكب. لكن بسبب مشاكل واجهها، استمر آية الله "سراج" وآية الله "صدري أراكي" وآية الله "فلسفي" ببرامج الموكب، وفضلاً عن هؤلاء الخطباء الموجودين تم توجيه الدعوة لخطيبين شابين وهما الشهيد "فضل الله محلاتي" وآية الله "علي أصغر مرواريد"، وهذان الإثنان كانا يتحدثان دون تحفظ ويشنان الهجوم على الشاه والحكومة في ليالي محرم.
بعد تأسيس الحسينية أصبحوا يتلون المجالس الحسينية في ليلة الجمعة واستمر هذا التقليد حتى يومنا هذا، ويمكن الإشارة إلى الحاج" محمد مرشدي" من الخطباء القدماء في الموكب إذ كان ينقل الأحاديث والروايات لكنه لم يلق شعراً، وكان الراحل حاج "علي زريباف" والحاج "حسن آقا ناظم" يلقيان خطابات في مسجد "لرزادة" وموكب "محبان الحسين (ع)" ، كما كان الحاج يحيى "اسلامبولجي" والحاج "أنصاري قمي" من خطباء موكب بني فاطمة(ع).
كانت تُدار أغلبية المواكب في المدن الكبرى كطهران وأصفهان ومشهد وتبريز وأردبيل بأسلوب الشورى، لكن لم يكن موكب بني فاطمة(ع) يتبع هذا الأسلوب واستمرت إدارته فترة عشر سنوات في إطار لجنة الكبار. ومن ضمن أعضاء لجنة الكبار هذه الأسماء: الحاج سید أحمد شاهنكیان، الحاج جواد صادقي، الحاج عباس جابر انصاري، الحاج تقي مس‌ فروش، الحاج محمد خانیان والحاج محمد كلاهدوز وكانت اللجنة برئاسة الحاج سید علي زریباف. بعد انتصار الثورة الإسلامية وبسبب الخلافات التي ظهرت بين أعضاء الموكب قام الحاج سيد "قاسم شجاعي" و"نوراني" و"كلاهدوز" و"داوري" بشراء حسينية صغيرة وانفصلوا عن موكب بني فاطمة (ع). اتسعت دائرة نشاطات الموكب حتى بنوا بيتاً كبيراً في "آب سردار" التي أصبحت في يومنا هذا "حسينية الفاطميين".
 أيام إقامة العزاء الحسيني
في يومنا هذا يقام موكب بني فاطمة (ع)  لمدة شهري محرم وصفر وشهر رمضان، وخمسة وسبعين يوماً من الأيام الفاطمية وعشرة استشهاد الإمام الصادق (ع) وثلاثة عشر يوماً من شهر رجب باسم الإمام موسى الكاظم (ع)، الموكب يقيم مجالس العزاء  250 يوماً  في السنة.  إن مجالس الموكب تبدأ على غرار السنوات الـ 91 المنصرمة منذ السادسة والنصف صباحاً وتُختم بالخطبة عند التاسعة والنصف صباحاً، وفي المساء تبدأ مراسم العزاء في أيام المحرم بعد صلاة المغرب والعشاء.
 القاعدة الاجتماعية المشاركة في المواكب
يظهر الحضور مشاركة مختلف الطبقات المجتمعية في موكب بني فاطمة (ع)، من رجال الأعمال والطلاب وعلماء الدين والتلاميذ، لكن النسبة الأكبر من الحضور كانت للطلاب الذين كانوا يطرحون أسئلتهم  المختلفة، وكما أشرنا فإن آية الله "مكارم الشيرازي" هو صاحب هذا  الأسلوب. إن موكب بني فاطمة (ع) هو الموكب الوحيد الذي كان يصل عدد المشاركين في أنشطته إلى الأربعة آلاف شخص.
 المناضلون وشهداء الموكب الثوار
نذكر من المشاركين في الموكب "محسن رفيق دوست"،  الذي كان عضواً في "هيئة المؤتلفة الإسلامية" والذي كانت تربطه علاقة وثيقة مع الشهيد "اندرزگو". فهو كان يعتبر في فترة الثورة من الناشطين السياسيين. ومن المناضلين الآخرين في موكب بني فاطمة (ع)  نجد الحاج سيد "عباس زريباف"، الذي اعتقله السافاك بسبب المشاركة في مراسم العزاء، وأودعه السجن ونفاه لفترة من الزمن. وكان في المنفى كان مع آية الله "الخامنئي" وآية الله "مكارم الشيرازي"، كما اعتقل السافاك "محمد علي إسلامي" وقام بنفيه. أمّا "حسن لولو" والشهيد "محمد منتظري" فهم كانوا من أعضاء الموكب، وسُجنا في سجن "قزل قلعه" بشكلٍ انفرادي.
 تواجد عملاء "السافاك" في مراسم العزاء
في اجتماعات آية الله "مكارم الشيرازي" كان يحضر عملاء السافاك، وبعد إعداد التقرير كانوا يواجهون مسؤولي الموكب عن الأحاديث التي جرت فيه. بما أن جميع الطبقات الشعبية وخاصةً الطلاب كانوا يشاركون في موكب بني فاطمة(ع)، لذا كان يبدي "السافاك" حساسية على نشاطاته، لذا كان يحضر إجتماعاته للتعرف على ما يُقال فيها، وهم كانوا يضغطون على خطباء المنبر عبر طرق مختلفة. وكان إحداها تسلل  أحد عملاء نظام الشاه ويدعى" ناصر اوليايي" في الموكب، وقيامه في يوم عاشوراء بالإعلان عبر مكبر الصوت بالدعاء بسلامة الشاه الذي كان يعالج خارج البلاد.
يذكر الشهيد  "فضل الله محلاتي"  في ذكرياته بعد تأييده الأجواء السياسية السائدة على موكب بني فاطمة(ع) الواقع في شارع القوات الجوية  بطلب الإمام (قدس) من آية الله "مرواريد" التوجه إلى قم وإقامة المجالس فيها، وكان يحل مكانه في غيابه الشهيد "مطهري" حتى تم اعتقال الشهيد مطهري في الليلة الـثانية عشرة لكنه استطاع الهروب من الأمن.

 

البحث
الأرشيف التاريخي