الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وتسعون - ٢٥ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وتسعون - ٢٥ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

الحركة الفنّيّة التشكيليّة في فلسطين

التشكيل الفلسطينيّ... الثراء والتشظّي (1)

عمّار عبد الوهّاب
كاتب فلسطيني
في كلّ مرّة نكتب فيها عن الفنّ التشكيليّ الفلسطينيّ، فإنّ قوّة خفيّة تشدّنا إلى البدايات. لعلّه التلازم بين المأساة وناتجها الثقافيّ، أو أنّ قلق الطريق يفرض علينا أن نخطو من بدايته، وليس في ذلك ميلاً للسرد، إنّما خصوصيّة أملاها واقع عصيّ على التجزئة كونه يشكّل حركة متّصلة من المأساة.
تلك المأساة تعود لعام 1948، الّتي كانت شاهدة على ذاتها عبر رسومات شكّلت البداية الفعليّة للتشكيل الفلسطينيّ المعاصر، والّتي سبقتها منذ مطلع هذا القرن ممهّدات تمثّلت في عدد محدود من الدارسين الفلسطينيين للفنون الزخرفيّة والخطّيّة والتطبيقيّة، إلّا أنّ غياب اللوحة الحامليّة، وبالتالي غياب الحركة المعرفيّة على الصعيد الفلسطينيّ آنذاك، حصر دور هؤلاء الدارسين في إطار الممهّدين للحركة التشكيليّة الفلعيّة؟
ذلك لا ينتقص من قيمة الأعمال الزخرفيّة والأيقونيّة الّتي ظهرت في تلك الفترة، والّتي للأسف لم توثّق متحفيّاً أو حتّى كصور وربّما جرى تناثرها كما هو حال راسميها.
الواقعيّة الوصفيّة
وإذا كان تاريخ الحركات التشكيليّة يبدأ مع المنتوج الفنّيّ أو اللوحة الحامليّة، المنطلقة من عزلة المرسم الضيّق إلى رحابة الجمهور المتلقّي (المعارض)، باعتبار أنّ أيّة حركة تشكيليّة تكتسب مشروعيّتها ليس كأثر فقط إنّما كمؤثّر أيضاً (العلاقة التبادليّة)، فإنّ التاريخ الفعليّ للحركة التشكيليّة الفلسطينيّة يعود إلى مطلع الخمسينات، حيث أقام الفنّان إسماعيل شمّوط أوّل معرض تشكيليّ فلسطينيّ في قطاع غزّة عام 1953. إنّ أعمال هذا المعرض كانت ولا زالت شاهدة على التراجيديا الفلسطينيّة، حيث أتت متماهية مع المجموع في لحظة افتقاده للوطن، وبحثه عن موطئ قدّم له في الشتات، لذلك فإنّ أهمّيّة تلك الأعمال تنبع من رؤية المجموع لذاته فيها.
لذلك فإنّ البداية تميّزت بأسلوب مباشر قادر على النقل الواقعيّ الدقيق لتفاصيل الحياة اليوميّة في لحظة شقائها وبؤسها. من هنا، فإنّ إسماعيل شمّوط وجد نفسه مدفوعاً لانتهاج الواقعيّة الوصفيّة للتعامل مع منتوجه الفنّيّ، فقد كان قانعاً بأنّ المعادل الصوريّ لهذه المأساة لا يجد ضالّته إلّا في هذا الأسلوب.
لقد استمرّت الواقعيّة الوصفيّة عدّة سنوات، قبل أن تغيّر مسارها، ذلك أنّ إدراكاً واضحاً بدأ يحيط بهذه المأساة ويحلّلها ويدرك أسبابها وعواملها، وبالتالي، بدا تجاوزاً نسبيّاً لحالة التوصيف باتّجاه إعادة بناء الذات الجماعيّة وإبقائها متّصلة بالذاكرة الحيّة النابضة الّتي تختزن الوطن قبل الشتات.
الواقعيّة الرمزيّة
في هذا الإطار، بدأت تتبلور واقعيّة رمزيّة جديدة، أخذت منحنى ترميز العناصر الأساسيّة المشبعة بالتاريخ والتراث والحياة الفلسطينيّة، وتحوّلها ذهنيّاً من أثر ملموس إلى حالة رمزيّة دلاليّة تبقيها حيّة في الواقع والذاكرة معاً. ترافق هذا التطوّر مع ظهور عدد من الفنّانين الجدد، الّذين تناولوا الزمن كعنصر مكمّل للأرض والإنسان؛ الزمن في أبعاده الثلاثة لعب دوراً من حيث دلالته الرمزيّة في صياغة اللوحة الفلسطينيّة، فإذا كان الزمن الآنيّ قد تجاوز حالة التوصيف، وأوجد رموزه المستمدّة من الحالة الفلسطينيّة، فإنّ الزمن المستشرق قد أشار إلى إمكانيّة الخروج منها والبديل لها، في ما أبقى الزمن الماضي ذاكرتنا مفتوحة على الحلم والتواصل معاً.
لقد ذهب البعض من روّاد الجيل الثاني من الحركة التشكيليّة الفلسطينيّة إلى التعامل مع الزمن الماضي القريب، الحيّ والطازج، عبر استدعاءات لزمن الطفولة المعيشة (توفيق عبد العال)، في ما ذهب آخرون إلى الزمن البعيد، حيث الأسطورة والرموز الكنعانيّة والشواهد التاريخيّة (مصطفى الحلّاج، عبد الرحمن المزيّن). لقد ترافق ظهور الجيل الثاني مع انطلاقة الثورة الفلسطينيّة المعاصرة، فأُنيطَ به دور مهمّ في استنباط رموز تشكيليّة جديدة تعادل هذا الحدث؛ فبدأت تلك الرموز تحتشد في الأعمال الفلسطينيّة بتوظيفات متنوّعة، تراوح ما بين المباشرة الّتي غلب عليها الطابع الدعاويّ التحريضيّ، دافعه إلى الخلف بالتكوينات الجماليّة والبنائيّة للعمل الفنّيّ، وبين آخرين لجأوا إلى التوظيف غير المباشر لتلك الرموز، وخلق حالة من التوازن بين متطلّبات هذا الجديد وشروط العمل الفنّيّ.
يتبع...

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي