الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وأربعة وثمانون - ١٦ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وأربعة وثمانون - ١٦ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

صراع جنرالات السودان وشبح الحرب الأهلية في دارفور

 

ثابت العمور
كاتب ومحلل سياسي

تنبّأ رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك في لقاء صحافي أجراه في 29 نيسان/أبريل الماضي بأن الصراع الحاصل في السودان قد يتحول إلى أسوأ حرب أهلية في العالم ما لم يتم وقفه مبكراً، قائلاً: "إن الصراعات في سوريا واليمن وليبيا ستبدو صغيرة مقارنة بما يمكن أن يؤول إليه الوضع في السودان". لم يكن قد مضى على اقتتال الجنرالين؛ قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، أكثر من أسبوعين آنذاك.
قراءة مآلات المشهد في السودان لم تكن بحاجة إلى نبوءة حمدوك، بعدما أسقط الجنرالان البرهان ودقلو كل مناهج التنبؤ والاستشراف في قتالهما، ذلك أن واحدة من أسوأ مخرجات النظام الدولي الراهن تقوم على إهدار هيبة الدولة وتفكيكها وتقسيمها وإشغال جيشها بالصراعات الداخلية، ثم الانقضاض عليها. لقد حدث ذلك في العراق وليبيا واليمن والصومال، وكاد يقع في سوريا. واليوم، يحدث في السودان. وقد تلاشت فيه هيبة الدولة وتآكلت في صراع لا منتصر فيه، فيما يتململ شبح الحرب الأهلية في دارفور، ليعيد إلى ذاكرة الشعب السوداني مآسي 20 عاماً مضت.
ككلّ المآسي في المنطقة العربية، تُرك السودان وحيداً يواجه مصيره. وكعادتها، اكتفت المنظمات الأممية والدولية بثالوث المشاهدة والتوصيف والتحذير. في 9 تموز/يوليو الجاري، حذرت الأمم المتحدة من حرب أهلية شاملة في السودان، وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن "الحرب المستمرة بين القوات المسلحة دفعت السودان إلى حافة حرب أهلية شاملة قد تزعزع استقرار المنطقة بأكملها"، واكتفى رئيس أكبر وأهم منظمة دولية بالتوصيف ثم انزوى.
منذ 15 نيسان/أبريل، يشهد السودان معارك بين الجيش وقوات الدعم السريع أدت إلى مقتل أكثر من 2800 شخص ونزوح نحو 3 ملايين. رغم ذلك، لم يتوقف القتال بين الفرقاء، ولم يلتقط المجتمع الدولي بكل مكوناته مشاهد المجازر والجرائم التي ترتكب، حتى تدحرج المشهد في 13 حزيران/يونيو الماضي إلى قتل والي غرب دارفور خميس عبد الله أبكر الذي طالب قبل يوم من مقتله بالتدخل لوقف ما سمّاه بـ"الإبادة"، وتفرق دمه بين الجيش وقوات الدعم السريع، ليبدأ فصل جديد من الصراع الممتد من العاصمة الخرطوم إلى إقليم دارفور. والحرب الأهلية في دارفور مشتعلة منذ عقدين. هدأت فكانت جمراً تحت الرماد. نفخ فيها صراع البرهان ودقلو فاشتعلت من جديد. كانت قد بدأت عندما قامت جماعة من قبيلة المساليت الأفريقية - ينتمي إليها والي غرب دارفور أبكر- بتمرد مسلح على الرئيس عمر البشير عام 2003، فكان رده تسليح القبائل العربية وتنظيمها كقوة عسكرية سُميت حينها "الجنجويد".
يذكر أنَّ أكثر من 5 آلاف سوداني يعيشون في "إسرائيل"، معظمهم في "تل أبيب"، ويعود تاريخ توافدهم إلى تصاعد الصراع الدموي في دارفور منذ عام 2003. وبالتالي من غير المستبعد حدوث توظيف إسرائيلي للصراع الدائر في دارفور، فتقسيم السودان كان وما زال هدفاً إسرائيلياً مركزياً اتضحت ملامحه وأدواته بشكل بارز في تقسيم السودان إلى شمال وجنوب. والحدث الثاني هو حشد القبائل العربية في دارفور. حيث انتشر في 6 تموز/يوليو الجاري مقطع مصور يظهر فيه زعماء أكبر 7 قبائل عربية في دارفور وهم يدعون أفراد قبائلهم للانضمام إلى قوات الدعم السريع، مطالبين المنخرطين في صفوف الجيش على وجه الخصوص بتركه للانتقال إلى المعسكر الآخر.
هذه الدعوة تعني أنّ القتال في دارفور تدحرج من اشتباك بين الجيش والدعم السريع إلى صراع عرقي وقبلي من جهة، وإلى صراع بين الجيش والقبائل العربية من جهة أخرى. لذا فإن تبعات ذلك ودلالاته خطرة على المكون الاجتماعي، وإحدى نتائجه المتوقعة قد تفضي إلى تقسيم إقليم دارفور إلى عرب وغير عرب، وبالتالي يتحول الصراع من صراع سياسي بين طرفين - الجيش والدعم السريع - إلى صراع عرقي وحرب أهلية تبدو مؤشرات حدوثها أكبر وأكثر من محددات منعها أو استبعادها.
إن شبح الحرب الأهلية إذا أطل برأسه في دارفور، فلن تتوقف تبعاته على حدود السودان، بل ستمتد بحكم التحالفات الإقليمية والتقاطعات العرقية إلى عموم القارة الأفريقية، وتحديداً وسط القارة وغربها. وبينما تشتعل الحرائق في دارفور، لا يبدو كل من الجنرالين البرهان ودقلو مهتمين أو معنيين بشبح الحرب الأهلية.

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي