الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وأربعة وثمانون - ١٦ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وأربعة وثمانون - ١٦ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

كتب تحكي عن أبطال الدفاع المقدس (2-2)

 

حسن نعيم
كاتب من لبنان

الهداية الثالثة
في قصة "الهداية الثالثة" وهي من نشر وتـرجمة مركز المعارف للترجمة في بيروت، التي تروي ذكريات محمد جعفر الأسدي في الجبهة. نقرأ: "كان حسن باقري قد تزوج للتو، وجاء بزوجته إلى أهواز، إلا أنه كان ينام ليالي عدة في المعسكر، ولولا إصرارنا عليه لما غادره، فشؤون الحرب لم تكن تسمح له بزيارة البيت.
تساءلت: من أين سيأتي بالطعام لبيته، والدكاكين معظمها مغلق بسبب ظروف الحرب، وبيته يبعد عن القاعدة مدة ساعة. لذلك، قلت له: "أستبعد أن تجد شيئاً في هذا الوقت". وناديت أحد الإخوة ليحضر له طعاماً، لأن الغداء نفد، بحسب تقديري، فوضع له علبة لبن ورغيفي خبز في كيس، وذهبت لأعطيها لحسن، فرفض أخذها، فقلت له: "ما ذنب زوجتك لتبقى جائعة؟".
 أعطيته الكيس وربّتُّ على كتفه، أي اذهبْ، ودَعْني لأنام قليلاً، لكني قبل أن أستلقي رأيته عائداً، قال لي: "لقد تجاذبتني الأفكار لأجد مخرجاً، لكنّني لم أجد لهذا مسوّغاً شرعيّاً!"، فنهضت وقلت له: "حسناً، خذ حصتك من الطعام إلى البيت، وتناولها مع زوجتك. وإن كان ذلك يزعجك أيضاً، أحضر معك غداً رغيفين وعلبة لبن وضعهما في المطبخ". يبدو أن فكرتي هذه أقنعته، فهزّ برأسه موافقاً وذهب.
استلقيت لأنام دقائق لأكون صاحياً قبل الإجتماع، وما إن ثقلت عيناي، حتى أحسست بوجود أحد قربي، وصوت خطواته تقترب من المطبخ، أزحت يدي عن عيني لأرى من القادم. إنه حسن، كما يبدو بهيئته لمن يراه من الخلف، فناديته: "أراك قد عدت؟!".
جاء ووقف فوق رأسي. احمرّ وجهه، وكان جبينه يتصبب عرقاً، فتأوه بصوت عالٍ وقال: "لعلّي لا أبقى حياً حتى الغد لأشتري بديلاً من هذا الطعام وآتي به. توكلت على الله، سأذهب وأبحث في المدينة لعلّي أجد طعاماً، فآخذه إلى البيت وأعود فوراً".
 هذه القصص الإيرانية المعرّبة جلّها صادر عن دار المعارف الإسلامية ضمن سلسلة "سادة القافلة" التي تروي سير قادة كبار، كالشهيد شمران ومتوسليان وإبراهيم وكاوة، معجزة الثورة، الذي خالف أمر الأطباء الذين نصحوه بالبقاء في المستشفى تحت العناية، وهرب من غرفته معصب الرأس بالشاش الأبيض ليلتحق بالجبهة ويقود العمليات المظفرة.
 إذا كان أول من استخدم مصطلح النزعة الإنسانية في الأدب وفي النهضة الإيطالية هو المؤرخ الألماني الشهير جورج فويت عام 1856 إبان عصر النهضة الأوروبية، وإذا كان إيراسموس الفيلسوف الهولندي وخوان لويس فيفيس وغيوم بوديه وجاك لوفيفر ديتابل من أبرز ممثلي هذه النزعة الإنسانية على مستوى أوروبا كلها، فإن هذه الرؤية وجدت في أدب الجبهات الإيرانية أنصع مصداق في العصر الحديث.
ولعل الأبرز في النص الإيراني أنه جاء حياً واقعياً أقرب ما يكون إلى الخيال، ولكنه ليس خيالاً محتمل الحدوث، فهل هي ميزة وفرادة تحتسب للتجربة الأدبية الإيرانية الآتية من الجبهات!

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي