كتاب الوعد الصادق : يوميات الحرب السادسة
الوفاق/ وكالات
إنّ للحرب قوانينها الخاصة ووقتها الخاص وعيش هذا الوقت يختلف عن عيش سواه من الأوقات بطريقة جذرية وذلك على كافة مستويات المعاش ولعل الشاعر العربي أفصح عن هذه الحقيقة في عيش زمن الحرب قبل غيره من علماء السياسة والاجتماع والنفس وكذلك المؤرخين بقوله المأثور، "وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم وليست هي بالحديث المرجم". الحرب في هذا العلم والذوق بالمعنى الذي يعطي للذوق كحاسة بعيدة الأثر. إن الذوق ملكة حسية وملكة نفسية وملكة عقلية وقلبية والذائق بالحس كما في النظر والسمع والعقل والقلب وسوى ذلك من أنواع الأحاسيس.
لقد ألحق الشاعر علم الحرب بذوق الحرب وهو أصاب في ذلك إلى درجة كبيرة لا يفقهها إلا الذين علموا الحرب وذاقوا وقتها على الحقيقة.
ما الذي تقصده يوميات الحرب، وما هو المنهج الذي اتبعه المحرر في جمع مادتها وتبويبها، وهل هي قادرة على إيصال رسالتها الإعلامية، إلى الناس؟ من الصعب، كما ذكرت، القبض على لحظات ذات بعد تاريخي، لكن لا يستكين الإنسان، وهو الكائن الصانع للأحداث والوقائع أن يركن إلى هذه المسألة، بل يسعى لإيقاف التاريخ في لحظاته، من أجل وصفها، الوصف، والشرح والتعليق، والتحليل، والإيجاز والتلخيص، والعرض، والإحاطة بالحدث ووقائعه بعد أشغال العقل عليه هو المنهج الذي تتبعه الصحافة في تأريخ اللحظة وإذا كان هذا الكتاب يقدم في يوميات فإن اليوم يتكاثف في لحظاته وثوانيه ودقائقه يجمع الحدث إلى الحدث والواقع إلى الواقع لينبت منهما الأمن الذي ينكب الكتاب على دراسته في يومياته.
إنّ العمر الإنساني مجمع إضافات لأنات الزمان ولقد أصاب الشاعر في قوله "دقات قلب المرء قائلة له، إن الحياة دقائق وثواني" إطلاقه كجنس عام ولذلك لا يمكن لزمن الحرب إلا أن يكون مصنوعاً ومشغولاً من نبضات القلب؟
تتضمن اليوميات أحداث وقائع الحرب، وهذه وفق طريقة العقل في التقسيم، لحسن العرض وحسن الفهم تقسمها إلى جملة ميادين وكل ميدان منها موضوعه وإذا شئنا، المساعدة في التقسيم يفيد القصد من اليوميات، وتجعلها قادرة على الثبات في الذاكرة، وفق تسلسلها وترتيبها فإن اختيار المحرر للوحدة الزمنية وهي "اليوم" والذي يعني مجموع الليل والنهار ومدته 24 ساعة في التوقيت المعتبر، فإن مجموعة تقسيمات الأحداث والوقائع مرت على الزمن اليومي.
اليوميات تتضمن الأعمال الحربية، في ثغور الجنوب، في عيتا الشعب وبنت جبيل وعيترون ومارون الرأس والطيبة والخيام وصور، ومرجعيون إلى تخوم صيدا وأعالي مرتفعات إقليم التفاح، في هذه المعارك المباشرة للاشتباك بين قوات المشاة والمدرعات وقوات النخبة الخاصة كانت الحرب ذات طابع خاص، في منطقة وسطى بين حرب الغوار، والحرب التقليدية كانت حرب حقيقية، كما وصفها سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حرب بين رجال النخبة استطاع فيها مجاهدو المقاومة الإسلامية في لبنان، كسر وحدات نخبة جيش الغزاة الصهاينة وفي ذلك تنبيه لأمر في غاية الأهمية وهو قدرة الإنسان المؤمن المسلح بالعقيدة، وحب الله والوطن والشعب، والذي أعد نفسه، بإتقان وهمه عالية لهذه المواجهات للانتصار والشهادة.