ملتقى فلسطين للرواية العربية في ذكرى اغتيال «كنفاني»
الرواية العربية.. إبداعات أدبية من الكفاح والمقاومة
الوفاق/ الرواية سرد الحياة اليومية او الأحداث الهامة التي ترتبط بموضوع خاص او فترة تاريخية او ما يحدث الآن، إن الرواية هي تشکيل للحياة ويعتمد هذا التشکيل علی تحرك الإنسان من خلال شخصيات متفاعلة مع الأحداث والوسط الذي تدور فيه هذه الأحداث لكي تصل في النهاية إلی النتيجة التي يقصدها المؤلف. نشأة الرواية في الأدب العربي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأوضاع السياسية والإجتماعية والثقافية في العالم العربي، وخاصة الرواية بموضوع ومفهوم المقاومة، الذي تجلّى بأحسن صوره في الروايات التي تتطرق في الغالب إلى موضوع فلسطين.
تربع اسم "غسان كنفاني" على عرش كتابة الأدب الروائي الفلسطيني، ويعد من أهم الأدباء الفلسطينيين الذين أسسوا للأدب الفلسطيني فيما بعد النكبة، وأعادوا الوعي له، وقد عرف كصحفي ومناضل حمل القضية الفلسطينية وهمومها في كل ما كتب، مستلهما كتاباته من نبض الشارع الفلسطيني وواقعه، ولتكتمل فصول ملحمته الكفاحية دفع كنفاني حياته ثمنا لما تناوله قلمه، ففي الأسبوع الماضي وبمناسبة ذكرى إغتياله أقيم ملتقى فلسطين للرواية العربية، فنقدّم لكم نبذة عمّا جرى فيه.
ملتقى فلسطين للرواية العربية
أقيم ملتقى فلسطين السادس للرواية العربية الأسبوع الماضي في متحف ياسر عرفات بمدينة رام الله في الضفة الغربية، الذي شمل إعلان أسماء الفائزين بالجائزة ودرع الكاتب والصحفي الراحل غسان كنفاني.
وتضمن برنامج الملتقى الذي نظمته وزارة الثقافة الفلسطينية خلال الفترة من 10 حتى 13 يوليو/تموز، ندوات في رام الله ونابلس وبيرزيت وبيت لحم وجنين، بمشاركة ضيوف من اليمن والمغرب ومصر وتشاد والأردن وتونس وسلطنة عمان.
وقال وزير الثقافة عاطف أبو سيف "للمرة السادسة يتم تنظيم ملتقى الرواية العربية في فلسطين، وخلال السنوات الخمس الماضية وبشكل دوري ودون انقطاع يتم تنظيم هذا الملتقى بعد أن تم تحديد تاريخه بشكل دائم في ذكرى استشهاد غسان كنفاني رائد الرواية الفلسطينية وأحد أركان الكتابة السردية العربية في القرن العشرين".
وأشار أبو سيف إلى أن الملتقى يحتفي هذا العام بالكاتب والمترجم الفلسطيني الراحل أحمد عمر شاهين، ابن مدينة يافا، حيث جرى تخصيص ندوة لمناقشة أعماله وكتاباته وفكره مثل "توائم الخوف"، "الآخرون"، "المندل".
فوز "الديناصور" لعمرو حسين
من جانبه، أعلن الأديب الفلسطيني إبراهيم السعافين رئيس لجنة تحكيم جائزة غسان كنفاني للرواية العربية فوز الكاتب المصري عمرو حسين بالجائزة في دورتها الثانية عن رواية "الديناصور" الصادرة عن دار دون للنشر والتوزيع.
وقال السعافين إن "اللجنة ارتأت أن هذه الرواية تنهض على حركة محسوبة بين أصوات الرواة من خلال حبكة محكمة، وتعكس هموم العصر وقضاياه بنقلات سردية بسيطة وسلسة، ولغة مشبعة باستخداماتها الحية المتدفقة في عالم التلاقي والتباعد بين الأجيال المتعددة".
وأضاف: "هي رواية متماسكة ممتعة، تقوم على تقابل بين عالمين قديم وجديد وجيلين وطريقتين في الرؤية، ونطل منها على ماض وحاضر، وعلى قضايا التغيير والتحول والتحقق وعدم التحقق في تجربة الحب التي لم تكتمل وربما لن تكتمل أبدا".
درع كنفاني ليحيى يخلف
وفي ختام الفعالية، أعلن رئيس اللجنة المنظمة للملتقى عبد السلام عطاري منح درع غسان كنفاني لعام 2023 للكاتب والروائي الفلسطيني يحيى يخلف.
وقال عطاري عن يحيى يخلف: إنه "رجل كتب فعشق فاستحق منذ أن امتطى المهرة حكاية للريح، وكانت جديلة الصبايا كنخل البحيرة تطير، وعاصفة الغور غبار السنين ومتن اللغة، منذ أن شرع رمح القول في وجه المحتل، وسار بين أزقة الكفاح الشائكة المعتمة، ورمى خلف ظهره حلكة الليل، ورفع معاني الكلام من عمق أودية القهر والظلم والجهل والاستغلال، ليعطي قدحة تشعل الدرب نورا ونارا ومسارات للباحثين عن الحرية والخلاص".
من جانبه، قال الروائي يحيى يخلف: إن "هذه القامات تضيء مواضيع حول الأجناس الأدبية، وتنوع آليات السرد ومستقبل الرواية في ظل التحولات والمتغيرات، ومن خلال شهادات وتجارب روائية، وتداول الرواية التاريخية، وأدب المعتقلات بين الواقع والمتخيل، وعادات الكتابة الجديدة بما في ذلك مفهوم الهوية في الرواية العربية، وأنماط الكتابة الكلاسيكية، والأجناس الأدبية في الرواية العربية بين النقد والتجربة، وتنوع السرد في الرواية العربية في ظل التحولات الحياتية".
البيان الختامي للملتقى
اختتم الملتقى فعالياته يوم الخميس، بقراءة البيان الختامي للملتقى، وبمشاركة روائيين عرب وفلسطينيين، وأكد المشاركون في الملتقى، في البيان الختامي على أن هذا الملتقى الجامع للكل العربي والفلسطيني يستمد فكرته من تاريخ فلسطين وحضارتها الضاربة في عمق تاريخها المعرفي والحضاري، وأنَّ الثقافة الفلسطينية هي جزءٌ لا يتجزأُ من الثقافة العربية، وتستمد خصوصيتها الإبداعية من كونها ثقافة رافضة ومقاومة للإحتلال وللظلم وللقهر، ومن تراثها الفكري والعلمي والمعرفي والثقافي ومن حضارتها الإنسانية، وخصوصية قدسيتها.
ووجه المشاركون تحية إجلال واعتزاز وإكبار للشهداءِ الذين مضَوْا من أجل فلسطين وكرامة الأمة وخلاصها، كما حيوا بتحية النَّضال والكفاح صمود الأسرى والمعتقلين الذين يسطرون أروع آيات الصبر والجلد والتحدي في باستيلات الاحتلال، حيث قرأوا عن إبداعاتهم الأدبية التي سجّلوها كواقع من وقائع الإبداع الفلسطيني الكفاحي، وعلى رأسهم الأسير الروائي "وليد دقة" الذي كان لتجربته الإبداعية حصةٌ خاصةٌ ضمن فعاليات الملتقى كنموذج لأدب المعتقلات والسجون.
وعقدت الندوة الختامية، في متحف ياسر عرفات، تحت عنوان:"مستقبل الرواية في ظل التحولات والتغيرات الحياتية، شارك فيها كل من الروائي إبراهيم نصر الله، والروائي أحمد حرب، بإدارة وتقديم الكاتب طارق عسراوي.
وتحدث نصر الله عن أهمية مشروع الملهاة الفلسطينية ومشروع الشرفات، وكيف أصيب هذا المشروع بالتحولات الحياتية، التي مرت عليه، وأنه لم يتوقع عندما كتب الرواية الأولى أنه سيكتب أكثر من ثلاث روايات، واليوم لديه 24 رواية متنوعة.
بدوره، تحدث حرب عن تجربته الذاتية مع كتابه الأخير "مواقد الذكرى" الذي صدر حديثاً عن دار الناشر والأهلية، متطرقا إلى مستقبل الرواية وما يحمله من إيحاءات تاريخية وأدبية في سياق تطور الرواية كجنس أدبي، في ظل التحولات والتغيرات المختلفة.
من جانب آخر، عقدت ندوة أدبية في محافظة جنين تحت عنوان "تنوّع آليات السرد في الرواية العربية" في قاعة المحافظة،
وقال الروائي القاضي، من تونس، إن الرواية تختلف عن الأجناس وتتميز بقدرتها على دخولها في الأجناس السردية المختلفة وإخراجها بشكل جيد، وهذه هي خصوصية الرواية، فهي جنس حواري يستضيف كل أجناس الخطاب ويخرجها إخراجا جديدا.
كما تحدثت الكاتبة شمعون، من غزة، عن روايتها الأولى التي تحدثت فيها عن العدوان الإسرائيلي على رفح في عام 2014 والتي ارتقى فيها أكثر من 200 شهيد خلال ثلاثة أيام، وهذه اللحظات عاشتها الكاتبة كفتاة فلسطينية.
من جانبه، استعرض محمد عبد القادر نماذج من أعمال الأديب الشهيد غسان كنفاني، متحدثا حول آليات السرد، كما أجاب عن تساؤل حول تأثير العامل المكاني على التجربة القصصية والروائية في أدب غسان كنفاني، وفي نهاية الندوة وقع كتابه "غسان كنفاني جذور العبقرية وتجلياتها الإبداعية".
وأقيمت خلال الفعالية ندوات مختلفة أخرى منها: "مفهوم الهوية في الرواية العربية"، "الرواية العربية بين أنماط الكتابة الكلاسيكية والتجديد"، و"الأجناس الأدبية في الرواية العربية بين النقد والتجربة"، وتطرق المشاركون إلى تجاربهم الشخصية في الرواية، وأهمية رواية السيرة الذاتية والأجناس الأدبية في الرواية العربية وعلاقتها بالشخصية العربية، حيث تناولوا أدب الطريق لنجيب محفوظ وغسان كنفاني.
كما تحدث المشاركون عن الرواية في الأرض المحتلة مستعرضين تاريخ ونشأة الرواية العربية واحتكام الرواية الفلسطينية في كثير من الأحيان الى محددات الواقع الفلسطيني المشروط بوجود الاحتلال وتداعياته.