الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وثمانون - ١٣ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وثمانون - ١٣ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

حرب الشائعات ... محاولات لكسر الثقة بالمقاومة

 

الانتصار في المعارك ليس هو النجاح التام... النجاح التام هو أن تكسر مقاومة العدو بدون قتال" تلك مقولة الجنرال والخبير الاستراتيجي الصيني صن تزو. ولعل هذه المقولة هي أحد تعريفات حروب الجيل الرابع، أي كسر مقاومة الدول عبر إفشال الدولة وزعزعة استقرارها عبر  الشائعات.
فمع التطور الملفت في تكنولوجيا الإتصالات والإنتشار الواسع والشامل لوسائل التواصل على إمتداد العالم، برز سلاح فتاك يمكن عبره الإستعاضة عن النار والبارود والوصول إلى الأهداف بأقل التكاليف والأعباء، ألا وهو سلاح الشائعات. الإشاعة قنبلة موقوتة قابلة للإنفجار وإحداث الأذى ما لم نتعامل معها كخبراء متفجرات قادرين على إبطال مفعولها، يمكن بواسطة هذا السلاح تدمير أفراد وعائلات وكذلك مجتمعات وحتى تدمير دول، وهذا لا يحتاج لعدة وعديد أو جيوش، بل يحتاج لأفراد يخططون ويصدرون وينشرون ليصطادوا الضحايا الأبرياء وبعض المغفلين.

ولا يكاد يمرّ وقت طويل، دون أن يقع كثير منّا في فخ خبر كاذب تناقلناه ولم نعرف مصدره ولا مدى صحّته، ونصبح في حالة المتلقي غير الواعي، الجاهز لاستيراد شائعات تتناسب مع توجّهاته في ظل الحروب القائمة في المنطقة العربية. هذا التحقيق محاولة للتعرف على الإشاعة، وأهداف الحرب النفسية التي يلعب فيها الخبر الكاذب دور البطولة، ونستعرض كيفية استخدام الشائعة من قبل العدو الصهيوني ضد مجتمعاتنا.
ما هي الشائعة؟
يمكن تعريف الشائعة بأنها "صيغة منظمة لنشر أخبار ومعلومات يراد منها الحصول على نتائج تتناسب مع الأهداف المرسومة لها". ورغم وجود فن صناعة الشائعة منذ سنوات طويلة، فإنها ازدادت انتشاراً، في ظل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، وسهولة تداول المعلومات عبر شبكة الأنترنت.
أنّ الشائعة هي الترويج لخبر مختلق لا أساس له في الواقع، أو تعمد المبالغة، أو التهويل أو التشويه في سرد خبر فيه جانب ضئيل من الحقيقة، أو إضافة معلومة كاذبة لخبر معظمه صحيح، أو تفسير خبر صحيح والتعليق عليه بأسلوب مغاير للحقيقة بهدف التأثير النفسي في الرأي العام المحلي أو الإقليمي أو العالمي، تحقيقاً لأهداف سياسية أو اقتصادية أو عسكرية على نطاق دولة واحدة أو عدة دول بعينها أو على النطاق العالمي بأسره.
الحرب النفسية... أداة لتدمير معنويات الشعوب
تطورت عملية صنع الشائعات، واستخدامها لتحقيق أهداف الحرب النفسية؛ لذلك قامت وزارات الدفاع في الكثير من دول العالم بإنشاء إدارات للحرب النفسية تضم خبراء في صنع الشائعات، وتحديد مواعيد ترويجها، واستخدامها لتدمير معنويات جيوش العدو، وتفكيك الشعوب، وإشعال الحروب الأهلية.
هناك الكثير من الأحداث التي توضح أن الشعوب يمكن أن تتعرض للهزائم العسكرية، لكنها تقوم بإعادة بناء قوتها، والاستمرار في المقاومة حتى تحقق الانتصارات، لكن الشعوب التي تتعرض للهزائم النفسية تفقد ثقتها في نفسها، وتشعر بالإحباط والاكتئاب واليأس، وتفقد الحلم، والقدرة على تحقيق الإنجازات الحضارية.
وتُعتبر الشائعات من أهم الأسلحة التي يتم استخدامها في هزيمة العدو نفسياً، والتأثير على الشعوب بحيث تفقد قدرتها على الصمود والمقاومة، لذلك عمل خبراء الحرب النفسية لتطوير عملية صنع الشائعات، ففي مذكرة قدمتها إدارة الحرب النفسية في وزارة الدفاع الأميركية عام 1990، حددت هذه الإدارة مواصفات الشائعة الناجحة فيما يلي:
1.أن يكون من السهل أن يتذكرها الجمهور المستهدَف، لأن هذا الجمهور يمكن أن يقوم بترويجها عن طريق الاتصال الشخصي.
2.أن تكون الشائعة بسيطة وغير معقدة، وتتضمن معلومة محددة، ولا تشمل الكثير من التفاصيل.
3.أن تتوافق الشائعة مع مصالح الجمهور، وتشبع احتياجاته، وتتم فيها مراعاة الظروف التي يمر بها الجمهور.
4.أن تنجح في استغلال مشاعر الجمهور وعواطفه، وتعمل على إثارتها.
5.أن تتناسب الشائعة مع السوابق التاريخية.
6.أن تلبي الشائعة توقعات الجمهور.
7.من الأفضل أن تتم نسبة الشائعة إلى مصدر موثوق به.
8.أن يتم تجنب المبالغة في صياغة الشائعة.
الشائعات سلاح المهزوم فاحذروا أن تكونوا الأداة
تتعدد وتتنوع الأدوات والوسائل التي تساهم في ترويج الشائعات، وأبرزها: أولاً وسائل إعلام العدو بكافة أقسامها (مرئية – مسموعة وغيرها من الوسائل)، ثانياً بعض وسائل الإعلام غير المسؤولة والتي تعتمد في معظم أخبارها مبدأ السبق الصحفي دون تدقيق مصدر الخبر أو متابعته مع المعنيين، ثالثاً وسائل التواصل الإجتماعي التي برزت كوسيلة إعلامية رئيسية بسبب سهولة توفرها في متناول أيدي الجميع، إذ يتم تسريب أي خبر كاذب من المصادر المذكورة أعلاه مع ضمان إنتشاره بالسرعة المطلوبة لأكبر شريحة ممكنة من الناس، رابعاً العميل المباشر الذي يعمل لبث الإشاعات المطلوبة منه في أي تجمع للناس كالمقاهي والسهرات وغيرها، وأخيراً بعض الأشخاص البسطاء وذلك عبر إستغلال ثقافتهم الضعيفة ووعيهم المحدود وعدم قدرتهم على تحليل الأخبار مما يجعلهم يصدقونها ويساهمون في نشرها.
الحرب النفسية ضد المقاومة... الشائعات سلاح  العدو
يستهدف جيش الاحتلال الجبهة الداخلية للمجتمع المقاوم نفسياً، عبر أساليب تتكامل مع الضربات العسكرية، من بينها بثّ عملائه للشائعات، ويستخدم أيضاً إعلامه ضمن أدوات الصراع، مستغلاً أزمات المجتمع، لإرباك أداء الأجهزة الحكومية.
ففي قطاع غزة ومع كل عدوان على القطاع يستخدم الاحتلال وسائل متعددة للحرب النفسية، ومن هذه الوسائل وفق مصدر في الأمن الداخلي، الاتصالات بهواتف المواطنين الغزيين، واختراق صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لبثّ دعايته، إضافةً لرسائل نصية موجهة، وأخبار مدسوسة في الإعلام العبري، وإلقاء منشورات تحريضية ضد المقاومة عبر الطائرات. 
فقد رصد المختصون اتصالات ورسائل نصية لمنتحلي صفة ترد لهواتف المواطنين في القطاع من حسابات مؤسسات وجهات فلسطينية اختُرِقَت، بهدف إرباك الجبهة الداخلية وتطلب من المواطنين إخلاء منازلهم بذريعة أنها تشكل خطراً عليهم، وقد تتعرض للاستهداف، وقد اوقفت قوات الأمن العديد من مروجي هذه الإشاعات، والذين عملوا على المساس باستقرار الجبهة الداخلية، ووجّهوا اتصالات إلى بعض المنازل والأبراج السكنية تتضمن تهديدات كاذبة بالقصف، لبثّ الذعر في نفوس المواطنين.
أمّا في لبنان تحتل الشائعات حيزاً مركزياً في الحرب الإعلامية - النفسية التي تشن على المقاومة في لبنان حالياً، وتشارك فيها أطراف مختلفة داخلية وخارجية، ومن الأمثلة على ذلك تبني أحد المواقع الالكترونية اللبنانية المعادية للمقاومة، رواية قيام المقاومة بإطلاق الصواريخ من داخل بلدة شويا رغم اتضاح عدم صحتها بعد نشر المقاومة لفيلم يظهر إطلاق الصواريخ من منطقة حرجيّة بعيدة عن البلدة.
وكذلك حاول العدو العزف على أوتار الفتنة وخصوصاً المذهبية عبر ترويج تهم مزورة ومفبركة بحق بيئة المقاومة عبر نشر الأكاذيب للرأي العام، وآخر مثال على ذلك انفجار مرفأ بيروت الذي أياً كانت الأسباب الفعلية لحدوثه، إهمالاً إجرامياً أو عملية تفجير متعمّدة، فإنّ القوى السياسية المعادية للمقاومة التي تضم التشكيلات المافياوية الطائفية وجماعات الارتزاق «المدني»، رأت فيه فرصةً لرفع سقف هجومها على المقاومة وسلاحها، واتهامها بالمسؤولية المباشرة عنه، وعن الأزمة العامة التي تعصف بلبنان. فشنت هذه القوى حرب شائعات انطلقت عبر أثير شبكة القنوات الفضائية ووسائل التواصل الرقمي، وروّجت لفرضيّاتٍ يتناساها البعض اليوم بفعل تفاهتها. 
وكذلك على مر تاريخ الصراع بين المقاومة والعدو بمختلف مكوناته، حاول هذ الأخير   التأثير على معنويات بيئة المقاومة بهدف إضعافها، فنشر الشائعات  التي تتحدث عن أعداد كبيرة من شهداء وأسرى وحصار في جبهة ما ليتضح لاحقاً زيف الخبر وعدم صحته.
وكذلك حاول  إختبار ردة فعل هذه البيئة ومدى تأثرها بالشائعات، كالتهديد الذي أطلقه العدو الصهيوني في أيلول 2006 بقصف ساحة مهرجان الإنتصار في الضاحية الجنوبية.
أخيراً حاول خلق شرخ بين القيادة والقاعدة الشعبية عبر التشهير بالمقاومة عبر ترويج أخبار كاذبة تمس أركانها، ولعل التهم الجاهزة التي تلصق  بالمقاومة من وقتٍ لآخر خير دليل على ذلك.
ارتداد رصاص الشائعات نحو مطلقها
يمكن أن تصيب العدو ارتدادات استخدام الإشاعة إذ يمكن أن يرتد رصاص الشائعات إلى صدره.  وخير دليل على ذلك ما أعلنته إذاعة جيش العدو عن شائعات تعصف بالإسرائيليين بعد تفجير "مجدو"، إذ عصفت خلافات حادة بالمستوى السياسي والعسكري بشأن رفع ستار الرقابة العسكرية، وأمر حظر النشر بشأن التطورات الأمنية، بعد انتشار واسع للشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي في صفوف الصهاينة، يشير بعضها لنجاح مجموعات مسلحة من "حزب الله" أو مجموعات إيرانية بالتسلل من الحدود الشمالية،  وأنها من نفذت عملية التفجير في مجدو."
وحاول قائد العمليات السابق في الجيش  الصهيوني يسرائيل زيف، في حديثٍ مباشر أجرته معه الإذاعة الاسرائيلية العامة، تبرير فرض الرقابة العسكرية أمر حظر نشر حول التطورات الأمنية، بالقول إنّ "نشر المعلومات يفيد العدو"، معتبرًا أن "سريان الشائعات قد يكون ضررًا جانبيًا لا بد منه من أجل التعاطي الناجع مع الحدث المتدحرج، دون أن يكشف المزيد من التفاصيل".
وكتب المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت": "كمية هائلة من الأخبار المزيفة المتدفقة من وسائل التواصل الاجتماعي تغرق الإسرائيليين وتثير حالة من الهلع".
وأفاد موقع "واللا" العبري، بأن "رؤساء البلديات والمجالس المحلية في الشمال(شمال فلسطين المحتلة)  غاضبون جدًا ومحبطون بعد منعهم من جانب الجيش من تهدئة جمهورهم المصاب بالرعب جراء الأخبار المزيفة والشائعات على حد تعبيره"، وأضاف أنه "بعد التطورات الأمنية عقب تفجير مجدو، الإشاعات منعت الإسرائيليين من إرسال أطفالهم إلى المدارس ورياض الأطفال، وتعرضت المتاجر والشركات لخسائر تجارية بسبب امتناع الناس عن الحركة".
كيفية مواجهة الشائعات وإبطالها 
يتضح لنا من خلال ما سبق يتضح أنّ معظم الأخبار التي يتناقلها المجتمع تحتاج إلى وقفة قبل الحكم عليها بالصدق؛ لأنّ الشائعات ليست سوى معول هدم للمجتمع والوطن، وهنا يبقى السؤال الأهم هو كيفية مواجهة الشائعات والمساهمة في وقف إنتشارها، يكون ذلك بإتباع الخطوات التالية، أولاً الإعتماد في أي خبر يصلنا على المصادر الرسمية والموثوقة فقط، ثانياً عدم المساهمة في إرسال أو التداول بالأخبار التي تفتقد المصداقية وغير المتبناة من قبل أي جهة رسمية موثوقة، ثالثاً إبلاغ الجهات المعنية بأي خبر يصلكم من جهات غير موثوقة مع ذكر إسم الجهة المرسلة ليتم تتبع أثره، رابعاً بعد الحصول على الخبر الصحيح من الجهات الموثوقة يجب تعميمه وذلك كخطوة لوقف إنتشار الشائعة والرد عليها لإبطال مفعولها.
 

البحث
الأرشيف التاريخي