تماسك الاسرة والثوابت التربوية
باسم حسين الزيدي
كاتب
العائلة هي أجمل ما يملك الانسان في هذه الدنيا، الاب والام يشكلون لبناتها الأساسية الى جانب الأبناء، يتشاركون فيها صعاب الحياة وحلوها، ويتقاسمون معاً أصعب الظروف الى الأوقات الرائعة والمميزة، ويعتمد فيها تماسك الاسرة على طبيعة الثوابت التربوية التي أنشئت عليها، ومدى صلاحها واعتدالها وديمومتها، وهل هناك مقومات حقيقية لاستمرارها كأسرة سعيدة لا تعاني من العقد الاجتماعية او التخلف والجهل او التفرد في السلطة الذي يؤدي الى انفراط عقدها وضياع جهد السنين في لحظات. احد الافراد وهو اب لأسرة، يقول انه فقد التواصل تماماً مع جميع افراد اسرته، وأصبح عاجزاً عن لم شملها او إيجاد الحل المناسب للمشاكل التي تعصف بها، وهو يشعر بان كل شخص من افراد اسرته غريب عن الآخر رغم وجودهم تحت سقف بيت واحد، او كما يصف الله تعالى التفرق والضياع لدى البعض في محكم كتابه بقوله: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ).
"إن لكل عمل مقدمات يعتمد عليها، فإذا كانت المقدمات صحيحة وسليمة، كانت النتائج سليمة أيضاً ومثمرة، كالأساس الذي نضعه لقاعدة البناء، فكلما كان متيناً كان البناء الفوقي ثابتاً ورصيناً، وكذلك الأسرة، فهي بمثابة البناء الفوقي، وإن لـها مقدمات إذا صلحت صلحت بها الأسرة، ونحن كلما كان اختيارنا للمقدمات السليمة والمتينة والعقلائية كانت الأسرة صالحة ونظيفة ومؤمنة، وبعيدة عن أجواء الفساد والتخلف".
والحقيقة التي يعرض عن الاعتراف بها اغلب الأزواج تتجلى في أهمية وضرورة البناء السليم، سيما وان الركون الى العشوائية في الاختيار وانعدام التفاهم بين الأزواج، وعدم المعرفة في طرق التربية الصحيحة، والقرارات المتسرعة او الفردية، وانعدام الأجواء المثالية لتكوين الاسرة الصالحة، هي مثل المعاول التي تسرع في عملية هدم هذا البناء الأهم في الحياة، وبالتالي تحول الاسرة ومن فيها الى مستنقع للمشاكل والخلافات والتناحر، لتنعكس سلباً على الأبناء وتحملهم المزيد من العقد الاجتماعية والنفسية التي ستنعكس بدورها على اسرهم في المستقبل.
وتبقى الخطوات التي يلزم أن يقومان بها معاً، وهي تربية الأولاد على النهج الإسلامي القويم، وتدبير المنزل، وخلق الأجواء الإيمانية فيه، وإبراز الحب والود والحنان للأطفال، وأن تسود المنزل ظاهرة الأبوة السمحة والأمومة العاطفية، وتغذية الأولاد بالأفكار والمفاهيم الإسلامية الرفيعة، لكي تكون بمثابة الأساس والمنطلق القويم لـهم في الغد، والابتعاد عن الأجواء الفاسدة والعلاقات المضطربة بين الأبوين وإبعاد الأطفال عنها، وإبداء الاحترام للجيران وتعليم الأطفال ذلك، وغير ذلك من البرامج الإسلامية التي وضعها الإسلام للمحافظة على الأسرة بصورة عامة، والحياة الزوجية بصورة خاصة".
ان صلاح أي مجتمع يعتمد على صلاح الاسرة، لذلك وجب الاهتمام بتكوين الاسرة باعتبارها النواة الأولى لبناء المجتمع، فهي (الاسرة) الأساس في تنشئة أبنائها على التربية الصالحة، وهي الرافد المهم لتغذية الافراد بالإخلاف الحسنة والقيم والعادات السليمة، وهي القادرة على خلق جيل معافى من الامراض النفسية والاجتماعية، وهي الحصن والجامع لمنع التفكك الاسري واوهام الثقافة المادية.