العیش مع الشجرة المقدسة
الوفاق/ خاص
نرجس بني اسد
تخيل معي شجرة! نعم شجرة بسيطة! وايضاً تخيل نفسك تعيش في بيئة معظم أناسها يشيرون اليها كشجرة تحقق آمال الناس! أكيد تبتسم وتضحك وتقول مع نفسك أن هولاء الناس أغبياء!
ولكن اذا كان مَن حولك يتكلم عنها وتسمع منهم مذكراتهم من تلك الشجرة، التي غيرت حياتهم واستجابت دعاءهم وشافت مرضاتهم، يدخل الشك في عقيدتك الراسخة لما تسمع أنهم يتكلمون عنها بكل تأكيد ويقين!
ويزيد شكك لما تعرف أن بعض الناس یرون حركتها الغريبة، ودمها الساري لما أرادوا قطعها، ومن بعدها عرفت الشجرة بشجرة تحقق الأماني.
رواية "شجرة أنجير المعابد"
يمكن أن يكون الأمر مُضحكا لك لكن مع رواية " احمد محمود"، وعندما تقرأ فكر أشخاص الرواية وتسير في روحهم وتعيش معهم حول الشجرة، لاتسمح لنفسك أن تحكم عليهم بسرعة وتقول أنهم اغبياء واعمالهم خرافة.
الشخصیات التي یقول عنها في احدی مقابلاته: انا اظنُ علی الکاتب أن یعرف شخصیات روایته. یُقال الکاتب خالق و شارح شخصیات روایته في نفس الوقت. انا أفکر اذا الکاتب لا یعرف شخصیات روایته سیواجه مشکلة في کتابة الروایة؛ تتوقف الشخصیات عن الحرکة وفي تلک اللحظة یجب علی الکاتب تزویر الکلام و الحرکات! و لما دخل التزویر لم یعد الشخص هو نفسه، وسیکون شخصا اخر لایعرفه الکاتب ولا یصدقه القارئ.ممکن کل کاتب یتعامل مع هذه المشکلة بطریقته الخاصة ولکن انا کان لدي مثال حقیقي لهذه الشخصیات في حیاتي.
"احمد محمود" الاسم المستعار للکاتب والروائي الأهوازي "احمد اعطا" (١٣١٠-١٣٨١) كتب رواية "شجرة أنجير المعابد"، التي تصف لنا البیئة جنوب ایران وبالاخص حیاة عائلة "آذرباد" التي کانت الشجرة المذکورة مزروعة في باحة بیتهم. الروایة تذکر لنا لحظات من حیاتهم في الماضي والحال، وهذا الأمر هو من أحد أسباب نجاح هذه الروایة التي کسبت جائزة "هوشنک گلشیری" في الدور الأول کأفضل
روایة.
واحمد محمود بذكاءه الفريد استطاع أن يشرح سلوك الشخصيات بشكل جميل ويسمح لك أن تكشف تفكيرهم وتصل الى الفكرة التي وراء هذا الاعتقاد
العجيب.
في هذه الروایة خلق ٢٤٠ شخصية بکل التفاصیل، ولکن الشخصیة الرئیسیة في الروایة هي "فرامرز"، ولد العائلة الکبیر وهو الشخص الوحید الذي یختلف اعتقاده ونوع تفکیره عن موضوع الشجرة مع باقي الشخصیات، ولکن لا یمکن له أن یُعبر عن تفکیره لأسباب ودواعٍ مختلفة و منها أنه لا یحب أن یحدث نزاعا بینه وبین عمته الکبیرة التي تعتقد بقداسة شجرة أنجیر المعابد. هذه الرواية إحدی روايات أحمد محمود، التي حين تقرأها تتمتع بلعبة الرواية مع عقائدك القديمة التي ما كنت تفكر أن تشك بها في يوم ما.
اذن أنت أيضاً من الأشخاص الذین لما قرأت عن تحقق الأماني عن طريق الشجرة، تضحك من شدة إستغراب الأمر؛ فاقترح لك أن تقرأ هذه الرواية ومصير مختلف الأشخاص الذين يعيشون مع هذه الشجرة، وتتمتع من قلم هذا الكاتب الرهيب الذي یقول عن نفسه:"مع أن کنت غیر مستقر في المشاغل الضروریة لتأمین تکالیف الحیاة، لکنّي کنت مستقرا وحتی ملحاً في التأمل للکتابة. مع ذلک الآن أخجل من 63 سنة من العمر وهذا الحجم الصغیر
من العمل!