الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وسبعون - ٠٢ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وسبعون - ٠٢ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

ذوو الإحتياجات الخاصة في العالم العربي بين الشفقة والعزل المجتمعي

 

الوفاق
تختلف تسميات ذوي الإحتياجات الخاصة من بلدٍ لآخر، كما وتختلف نسبة الإعاقة ونوعها من شخصٍ لآخر، إلا أن ما يجمعهم هو معاناتهم في المجتمعات والدول العربية.
فتتضامن عوامل عدة في "صنع" معاناتهم، من جهل فئة كبيرة من العائلات في كيفية التعامل معهم، وتنمّر المجتمع عليهم، وحرمانهم من أبسط حقوق التعلم والتنقل والعمل، وصولاً إلى القوانين المثالية التي تبقى حبراً على ورق ولا يطبّق من موادها إلا القليل.
البعض من ذوي الاحتياجات الخاصة، يستسلم لواقعه، في حين تعمد فئة بمساعدة ذويها أو بعض الجمعيات العاملة في هذا المجال إلى الانطلاق صوب الحياة والتعلم ومراكمة الخبرات، وبرهنة أن الإعاقة الجسدية لا تقف أمام تطوّر العقل وتنميته بالعلم والكفاح والإرادة الصلبة. لكن الإرادة وحدها لا تكفي إذا لم تؤمّن الدولة أبسط الحقوق لهؤلاء، ومراعاة المواصفات اللازمة عند بناء المؤسسات والشركات، وتأمين فرص العمل لاحقاً لهم لنيل حياة شريفة وعدم الاعتماد على المساعدات الاجتماعية، إن وُجدت أصلاً لهم.
في هذه المقالة سوف نتعرف على واقع ذوي الإحتياجات الخاصة في بعض الدول العربية، ومحاولات دمجهم ضمن مجتمعاتهم عبر طرقٍ مختلفة، وإبراز مساعي المجتمع الأهلي لاحتضانهم في ظل وضع اقتصادي معيشي ضاغط تعيشه أغلب هذه البلدان.
 مشروع إنساني وصعوبات اجتماعية في لبنان
ينصّ القانون اللبناني على حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة تفصيلاً بما يضمن حصولهم على حقوقهم كاملة ويؤمّن لهم حياةً مثلى. لكن وللأسف، تظهر في الواقع صورة مغايرة، بعيدة كل البعد من مضمونه. فقد تناول بالفعل مختلف الجوانب الحياتية، إنما كثرت التحديات التي منعت التطبيق في بلاد يفتقر فيها أي مواطن أصلاً إلى أبسط حقوقه.
فلم يسلم ذوو الاحتياجات الخاصة من عاصفة الغلاء والتدهور الاقتصادي المستمرّ في لبنان. كثيرٌ من المؤسّسات التي تُعنى برعاية أكثر الفئات ضعفاً في المجتمع أقفلت أو مهددة بالإقفال  بعد عجزها عن تلبية مُطلبّات هذه الحالات وعلاجها وتعليمها. مما دفع هذه الجمعيات عبر الإتحاد الوطني لذوي الإعاقة لتنفيذ إعتصام أمام مصرف لبنان لمطالبة الدولة بتأمين الرعاية والدعم لهذه الفئة الضعيفة في المجتمع.
هذا ويوجد في لبنان 102 جمعية، تُعنى برعاية المعوّقين وتأهيلهم، متعاقدة مع وزارة الشؤون الاجتماعية. هذه الجمعيات تقدّم الرعاية لـ10 آلاف معوّق (90% منهم دون الـ21 عاماً)، موزّعين بين إعاقة عقلية، حركية، بصرية، وسمعية، 8 آلاف و500 منهم تجري رعايتهم على نفقة وزارة الشؤون الاجتماعية. تعيش الجمعيات اليوم خطراً وجودياً جرّاء الأزمة المالية والمصرفية التي تعصف بالبلاد. فالمصارف تحتجز أموالها الخاصة وتمنعها من سحب أكثر من 8 ملايين ليرة شهرياً من حوالات وزارة المالية. هذا الوضع  السيئ انعكس بشكلٍ كبير على عمل الجمعيات، صحيح أنه ما من جمعية إلى الآن أقفلت أبوابها، رغم تلويح البعض بذلك، واقتصر الأمر على إغلاق أقسام داخل المراكز، إلا أن صمود هذه الجمعيات هو مسألة وقت إذا ما استمرّ الوضع على ما هو عليه. وكما استهلكت الجمعيات ما تملكه من مال خاص وتبرّعات، استنزف الموظفون طاقتهم ولم يعد بإمكانهم التضحية من دون رواتب توفر لهم العيش الكريم.
نافذة الأمل
أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية، الشهر الماضي، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي واليونيسف ومنظمة العمل الدولية "برنامج البدل النقدي للأشخاص ذوي الإعاقة"، وبموجبه سيستفيد بحسب ما أوردت الأمم المتحدة "ما لا يقل عن 20,000 شخص يحملون بطاقة المعوّق، من بدل شهريّ قدره 40 دولاراً لفترة أولية مدّتها 12 شهراً، وستمنح الأولوية خلال المرحلة الأولى من تنفيذ البرنامج للشباب والشابات من مواليد الأعوام بين 1995 حتى 2005".
سعي سوري بدمج  ذوي الهمم مع عجلة الحياة  
دمج "ذوي الهمم" كما يسمونهم في سوريا ليكونوا فاعلين هو حق إنساني لشريحة مهمة في المجتمع وليس عملاً خيرياً كما يظنه البعض، وذلك عبر الدمج في التعليم والنشاط الرياضي والثقافي وإيجاد فرص عمل مناسبة ومشجعة وتنظيم الطرق والمسارات في الأماكن العامة، من هنا جاءت أهمية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في دفع العملية التنموية وتطويرها، وجعلهم جزءاً لا يتجزأ من سيرورة الحياة اليومية في قطاعاتها كافة.
يأتي دور الأهل وإرادتهم  الأساس في الدعم لأبنائهم والبحث عن حقوقهم بالدرجة الأولى لإيصالهم إلى بر الأمان في المراحل التعليمية ودمجهم مع أقران جيلهم، ومن ثم يأتي دور المشرفين والمجتمع والجمعيات ليكون متمماً لدور الأهل عبر التنمية الفكرية لتعديل سلوك معين، وتوجيههم في بعض المهام التي تتناسب مع إمكانياتهم.
تتحدث والدة طفل من ذوي الهمم عن تجربتها مع الدمج :" طفلي يبلغ عمره 15 سنة، كان يعاني من مشكلة التواصل. بمجرد أن اكتشفت صعوبة في التواصل لديه، حاولت أن أعرف ماذا يمكنه أن يفعل، وما هي اهتماماته، وأصبحت أبحث عن هواياته ورغباته كي أنمّي له قدراته. لا أنكر أن الأمر كان صعباً في بداياته وفي الوقت نفسه، كنت أعاني من المجتمع بسبب قلة الوعي في محيطي، لكن بالإصرار استطعت أن التمس الفرق الكبير عندما بدأت بالأنشطة المختلفة والتواصل لأنه أصبح  يتفاعل ويحب المبادرة تجاه الآخر".
لهذا يُعد الدمج مهماً من أجل تطوير مهارات هؤلاء الأفراد وتحسين اندماجهم  في المدارس وفي المجتمع كله، لذا يجب نشر الوعي بالنسبة إلى المجتمعات والأماكن غير المهيأة للدمج، إذ تجب المطالبة بالخدمات اللازمة، كممرات المشاة ومفارق الطرق الانسيابية ومداخل الأبنية، ولفت الانتباه للأشياء الممكن تغييرها ليصبح المكان آمناً وجاهزاً لاستقبالهم في المستقبل.
صعوبات الدمج
 شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة هي شريحة كبيرة وواسعة من الأطفال الذين تختلف احتياجاتهم فمنهم من يعاني أمراضاً مزمنة أو شللاً نصفياً أو شلل أطفال، ومنهم من كان سليماً وتعرض لحادثة تسببت بشلله وآخرون يعانون مشكلة في النظر أو السمع. هذا التنوع في الحاجات يصعّب المهمة وخاصة في بداية الدمج.
الدمج التربوي في المدارس في سوريا لم يثبت نجاحه المرجو على الأرض بسبب عدم اكتمال الحلقة ونقص الوعي تجاههم، لذا من واجب المجتمع تربية الأبناء وتوعية الكبار على تقبل الآخر عن طريق تنمية قيمة المساعدة، هناك فئة واسعة لا تزال إلى يومنا هذا لا تتقبل فكرة الدمج رافضة أن ترى إنساناً من ذوي الحاجات في مدرسة أو مؤسسة ما، وهم لايعرفون طريقة التعامل معه، وهناك فئة تصل إلى مرحلة الاستهتار والتنمر من هؤلاء الأشخاص، ومنهم أطفال لا يتقبلون الجلوس بجانب طالب لديه عجز خَلقي، أو أقل سوية علمية أو لديه ضعف في تحصيله العلمي نجد أنه يواجه رفضاً فإذا أجاب بطريقة خاطئة تجد معظم الطلاب يضحكون عليه.
كذلك يجب أن تكون المدرسة التي تحوي دمجاً مهيأة لاستقبال طلاب الاحتياجات الخاصة من أجل أن يكون التقبل سهلاً وسلساً، وأن تضمّ مرشدين ومساعدين للمعلمات في داخل الصف كي يتم ضبط الطالب حسب حاجته من جهة، أو استيعاب الآخرين لوجود طالب مختلف معهم.
يُعد دمج ذوي الهمم ليكونوا فاعلين هو حق إنساني لشريحة مهمة في المجتمع وليس عملاً خيرياً كما يظنه البعض، وذلك عبر الدمج في التعليم والنشاط الرياضي والثقافي، وإيجاد فرص عمل مناسبة ومشجعة وتنظيم الطرق والمسارات في الأماكن العامة، وكل هذا يعود بالفائدة عليهم وعلى ذويهم وعلى المجتمع ككل.
ذوو الاحتياجات الخاصة في تونس.. محاولات فردية دون تأطير
تنصّ المادة الـ 47 من الدستور التونسي على أنّ "حقوق الطفل على أبوَيه وعلى الدولة ضمان الكرامة والصحة والرعاية والتربية والتعليم. وعلى الدولة توفير جميع أنواع الحماية لكل الأطفال دون تمييز ووفق المصالح الفضلى للطفل". وفي المادة الـ 48 من الدستور "تحمي الدولة الأشخاص ذوي الإعاقة من كلّ تمييز.
 لكلّ مواطن ذي إعاقة الحقّ في الانتفاع، وفق طبيعة إعاقته، بكل التدابير التي تضمن له الاندماج الكامل في المجتمع، وعلى الدولة اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لضمان ذلك".وتنصّ المادة الـ 47 من الدستور التونسي على أنّ "حقوق الطفل على أبوَيه وعلى الدولة ضمان الكرامة والصحة والرعاية والتربية والتعليم. وعلى الدولة توفير جميع أنواع الحماية لكل الأطفال دون تمييز ووفق المصالح الفضلى للطفل".
وفي المادة الـ 48 من الدستور "تحمي الدولة الأشخاص ذوي الإعاقة من كلّ تمييز. لكلّ مواطن ذي إعاقة الحقّ في الانتفاع، حسب طبيعة إعاقته، بكل التدابير التي تضمن له الاندماج الكامل في المجتمع، وعلى الدولة اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لضمان ذلك".
لا تكشف أيّ بيانات رسمية عن عدد الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الإعاقة المدمجين في التعليم الحكومي، غير أنّ تقريراً للأمم المتحدة يشير إلى أنّ عدد المدارس الدامجة هو 327 مدرسة يقصدها 1497 تلميذاً يحملون إعاقات خفيفة ومتوسطة، من دون احتساب هؤلاء المدمجين تلقائياً والبالغ عددهم ستة آلاف تلميذ. لكنّ نتائج الإحصاء الوطني لعام 2014 تشير إلى أنّ 2.3 في المائة من الشعب التونسي (نحو 252 ألف شخص) مصابون بإعاقة ما، و37 في المائة منهم أطفال، علماً أنّ 16 في المائة من بينهم مصابون بإعاقات سمعية.
حقوق المعوّق في المناهج التربوية التونسية
هذا ومنذ عام 2005، بادرت وزارة التربية في إطار الإصلاح الشامل للنظام التربوي بإدراج مواد أساسية حول حقوق الإنسان والحريات الأساسية وقبول الآخر في مناهجها. كذلك أُدرجت بمقتضى ذلك محاور تتعلّق بالإعاقة وخصوصيات الأشخاص ذوي الإعاقة ومتطلبات دمجهم من ضمن برامج التعليم والتكوين في الشعب والاختصاصات الجامعية والمهنية.
لكن الواقع يختلف عمّا تنصّ عليه القوانين، إذ يجد المدرّسون صعوبات كبيرة في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في الفصول، لأنّ ذلك يحتاج إلى جهد مضاعف وعناية خاصة، فيما يواجهون في الوقت ذاته اكتظاظ الصفوف وعدم القدرة على الملاءمة ما بين متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة ومتطلبات باقي التلاميذ.
وعلى الرغم من محاولات دمجهم بمقتضى القانون التوجيهي للتعليم في تونس إلا أنه الملاحظ أنّ ذوي الاحتياجات الخاصة يعانون من الإقصاء في المدارس، بالرغم من وجود مبادرات فردية لمدرّسين والتي قد تكون محدودة النتائج إذا لم تأتِ في إطار مجهود وطني يخفف من الإقصاء التعليمي لتلك الفئة من التلاميذ.
ختاماً وبينما أصبحت العديد من الدول تمنح الأولوية في الخدمات وغيرها من الحقوق لذوي الاحتياجات الخاصة، وتساويهم مع الأشخاص العاديين، لا يزال ذوي الإحتياجات الخاصة في البلاد العربية يرزحون في معاناتهم بين مطرقة الإعاقة وسندان النظرة السلبية من المجتمع المحيط بهم.

 

البحث
الأرشيف التاريخي