الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وواحد وسبعون - ٠١ يوليو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وواحد وسبعون - ٠١ يوليو ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

قصيدة «نزار قبّاني» التي أشعلت الحرائق (1)

ساهم العديد من الكتّاب المعاصرين في تأريخ النكسة أدباً، في رواياتهم وأشعارهم ونصوصهم المسرحيّة؛ فشكّلوا سجلّاً لغويّاً نضاليّاً وثّقوا فيه واقع الحرب، وسطّروا لكفاح الكلمة معنًى ثائراً، وُظِّف به الأدب في ميدان الخطاب السياسيّ، المتمثّلة غايته في ضرورة تشكيل الوعي وتمجيد المقاومة.
يُعَدّ نزار قبّاني (1923 - 1998) الشاعر الأوّل - عربيّاً - الذي صاغ أسباب نكسة الخامس من حزيران وتداعياتها، بأسلوب شعريّ عالي النقد في قصيدته "هوامش على دفتر النكسة"، التي جسّدت انبعاث القصيدة المعارضة والمقاومة من رحم الهزيمة والفجيعة، وأخرجت اللغة القبّانيّة من أنوثة فضائها ورومانسيّته إلى صرامته، ومن دائرة الحبّ والغزل إلى دائرة الثورة والغضب؛ فصارت الأرض والمقاومة محور قصيدة نزار، الذي يرى أنّ "الوطن قد يصبح في مرحلة من المراحل عشيقة أجمل من كلّ العشيقات، وأغلى من كلّ العشيقات".
بهذا أصبحت نصوصه الشعريّة والنثريّة جزءاً من المعارك الأيديولوجيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، التي يجب أن تكون وتتكاثف وتُقْرَأ كوحدة صفّ؛ وعليه ينطلق هذا المقال من أهمّيّة التفسير الاجتماعيّ للعمل الأدبيّ، ويتساءل كيف نقرأ نصّ «الهوامش» بوصفه خطاباً فكريّاً ناتجاً عن تماهي الأدب مع الوقائع السياسيّة والأحداث التاريخيّة والقضايا الإنسانيّة، لا سيّما أنّ النكسة، وما سبقها من نكبة، وما تلاها من انتفاضات وهبّات، هي أحداث
سوسيوتاريخيّة.
«الهوامش»
كتب نزار قبّاني قصيدته "الهوامش" في أعقاب هزيمة حزيران في عام 1967، التي سلبت العرب والفلسطينيّين الضفّة الغربيّة بما فيها القدس الشرقيّة، وقطاع غزّة، وشبه جزيرة سيناء، وهضبة الجولان، في حرب مقدارها ستّة أيّام، هجّرت الفلسطينيّين، ووطّنت الكيان الصهيونيّ، وهوّدت الأرض العربيّة؛ وهو ما دفع نزاراً إلى أن يمتطي حصان الغضب - وفق تعبيره - ويكتب "الهوامش" التي كانت الصوت الذي أسمع صداه في كلّ بقاع الأراضي العربيّة حتّى زلزل العقل الجمعيّ والذات العربيّة، ذلك الصوت الذي لا يمكننا أن نختزله بِـنزار، ونسمعه على أنّه صوته الشخصيّ فقط؛ لأنّ نزاراً في تلك اللحظة التاريخيّة الفارقة عربيّاً، جسّد الصوت الاجتماعي لجماعة عربيّة وفلسطينيّة ثارت كما هو.
إذ يذكر لنا في كتابه "قصّتي مع الشعر" (1970) - الذي يراه نوعاً من السيرة الذاتيّة - أنّ "حزيران كان ثمرة شديدة المرارة. بعضنا أكلها... وبعضنا اعتاد تدريجيّاً مذاقها... وبعضنا تقيّأها فوراً"؛ فكان هو من الجماعة التي "أضربت عن الطعام... ورفضت الاعتراف بالجنين المشوّه الذي طرحه رحم حزيران".
نُشِرت القصيدة أوّل مرّة في "مجلّة الآداب" اللبنانيّة، على يدَي صديق نزار، سهيل إدريس، بعد أن قرأها له نزار في مكتبه، فقرّر نشرها على الفور، رغم تحذير الآخر له من تداعيات ذلك على مجلّته؛ باعتبارها تمثّل نوعاً من العبوّات الناسفة التي تُسْقِط "مفهوم الوطنيّة بمعناه الديماغوجيّ والعشائريّ"، إلّا أنّ سهيلاً ردّ بقوله: "إذا كان حزيران قد دمّر كلّ أحلامنا الجميلة... وأحرق الأخضر واليابس، فلماذا تبقى "الآداب" خارج منطقة الدمار والحرائق؟".
ما إن شاعت "الهوامش" بين الناس حتّى صارت توقّعاتهما واقعاً، وأُحْرِقَتْ أعداد المجلّة، وفُرِضَ الحصار على شعر نزار في صحافة مصر، وإذاعاتها التي توقّفت عن إذاعة قصائده المغنّاة؛ إذ لم يتقبّل الكثيرون لغته بعد حزيران، وعبّر نزار عن هذه الحالة بقوله: "الناس يعرفونني عاشقاً كبيراً... ولا يريدون أن يعرفوني غاضباً كبيراً".
يتبع...

البحث
الأرشيف التاريخي