مخاوف من تداعيات الصراع بين يريفان وباكو
أدلت حكومتا أرمينيا وجمهورية أذربيجان بتصريحات متكررة إنهما تعترفان بوحدة أراضي بعضهما البعض، بما في ذلك فيما يتعلق بـناغورنو كاراباخ والمناطق المجاورة، والتي هي جزء من جمهورية أذربيجان بموجب القانون الدولي.في الوقت نفسه، تريد أرمينيا ضمانات مفصلة لحماية حقوق الأرمن.
الحدود: الحدود بين البلدين ، والتي تمتد لمسافة (600) ميل على الأقل، غير محددة، وفي بعض النقاط، تتمركز القوات على مسافة قريبة من بعضها البعض. جمهورية أذربيجان تريد الترسيم بشروطها. تريد حكومة أرمينيا ضمانات أمنية يمكن أن تمهد الطريق لباكو لسحب القوات التي كانت متمركزة داخل أرمينيا وتقليل الحوادث الحدودية.
فتح جميع الطرق
وأغلقت جمهورية أذربيجان وتركيا حدودهما مع أرمينيا لمدة ثلاثة عقود بسبب الصراع، ولكن منذ وقف إطلاق النار في عام 2020، كانت هناك محادثات حول كيفية استئناف النقل. تسعى باكو إلى بناء طريق وممر للسكك الحديدية يسيطر عليه جهاز الأمن الروسي يربطها بـناخيشيفان ومن هناك إلى تركيا. تريد أرمينيا إعادة فتح جميع الطرق والسيطرة عليها من قبل مسؤوليها.
اختبار لقدرة روسيا
تتمتع روسيا بنفوذ على أرمينيا وجمهورية أذربيجان بصفتها قوة نووية عظمى مجاورة، كما أن لديها اتفاقية دفاع مع أرمينيا لا تشمل ناغورنو كاراباخ. تعتمد أرمينيا أكثر من أي وقت مضى على الضمان النهائي الذي توفره القاعدة الروسية. تعد روسيا حليف لأرمينيا، لكنها تسعى جاهدة أيضا لإقامة علاقات جيدة مع جمهورية أذربيجان، في حين يُنظر إلى المأزق على أنه اختبار لقدرة روسيا على تهدئة الصراع في فنائها الخلفي. وتزايد غضب مسؤولين في أرمينيا من رفض موسكو استخدام قوتها لحفظ السلام في المنطقة لإنهاء إغلاق ممر "لاتشين" بالتزامن مع انتقاد موسكو محاولات أرمينيا لجعل الاتحاد الأوروبي يتوسط في تسوية.
وسمحت ثروة باكو من النفط والغاز منذ سنة 1994 بزيادة إنفاقها العسكري بشكل كبير، وذهب الكثير منه إلى شراء الأسلحة من روسيا، التي تسلح كلاً من طرفي الصراع.
التدخل الامريكي
وتمتلك أمريكا نفوذاً كبيراً باعتبارها مضيفة لنسبة كبيرة من الجالية الأرمينية الثرية من ذوي النشاط السياسي، وكذلك بصفتها الداعم الرئيسي لخطوط أنابيب النفط والغاز التي تحوّط وتنافس شبكة النقل الروسية. انحسر اهتمام أمريكا بالمنطقة في السنوات الأخيرة، إذ اتصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بالقادة الأرمن والأذريين لحثهم على إنهاء الصراع، في حين كل ما تريده أمريكا من هذه المنطقة هو زرع قواعد عسكرية جديدة لها في هذه الدول لزيادة الضغط على كل من روسيا وايران في اطار الصراع على تغيير النظام الدولي الأحادي القطب.
حرب أوروبا مع روسيا في القوقاز
وقّع الاتحاد الأوروبي اتفاقا لمضاعفة واردات الغاز الطبيعي من جمهورية أذربيجان، حيث يسعى لمواجهة موسكو بشأن إمدادات الطاقة وسط مواجهات بشأن الحرب الروسية في أوكرانيا. والتقى رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في أغسطس وأكتوبر 2022 في اجتماعات رتبها الاتحاد الأوروبي واجتمع وزيرا خارجية البلدين في واشنطن في نوفمبر 2022، ولكن هذه الجهود الاوروبية لم تثمر عن التوصل الى اتفاق حاسم بين البلدين المتصارعين.
تعد مسارات التفاوض المزدوجة بأنها غير عادية أحدهما بقيادة روسيا والآخر بقيادة الاتحاد الأوروبي، في وقت تخوض فيه موسكو والغرب أشد صراع بينهما منذ عقود.
ولكن الغريب في هذا هو أن أمريكا تسعى إلى توسيع النفوذ في جنوب القوقاز، ويمكن أن يُنظر إلى انخراط الولايات المتحدة في الصراع على أنه تحدٍ لنفوذ روسيا في منطقة تعتبرها ضمن مجال نفوذها.