سلاح الجبهة الثقافية لمواجهة العدو
بالكاميرا والصوت والصورة.. الإعلام المقاوم ومهمة التوثيق
موناسادات خواسته
كثر الحديث عن المقاومة في السنوات الأخيرة، بعد الصحوة التي حدثت في كثير من دول محور المقاومة وازدادت إرادة الشعوب في مواجهة الغطرسة الأمريكية والأمبريالية والدفاع عن حقوقهم، وفي هذا المجال حصلت المقاومة على إنجازات كبيرة كما كان الحال في ساحات النضال ومواجهة العدوان.
وفي هذا الإطار ونظراً لأهمية وتأثير الإعلام المقاوم في تبيين الحقائق وفضح جرائم الإحتلال والعدوان التي يقوم بها العدو، في مختلف المجالات وبكل إمكانياته، من شبكات التواصل الإجتماعي والسوشال ميديا وشاشات التلفزيون وصناعة الأفلام والمسلسلات وغيرها، قامت دول محور المقاومة باتخاذ منهج المقاومة كنقطة مشتركة لجميع بلدانهم وتعزيز العلاقات فيما بينهم وتبادل الخبرات من خلال الزيارات وتوقيع المذكرات، وإقامة ورشات عمل تدريبية، وإنتاج أعمال مشتركة.
اليوم لم تقتصر الحرب فقط في ساحات القتال، بل توسّعت بأساليب وإمكانيات مختلفة والحرب الناعمة التي تقودها الدول المتغطرسة هي أكثر خطورة على الأجيال وعلى العالم، من تضليل وقلب الحقائق التي تقوم بها، أي كما ذكر سابقاً قائد الثورة الإسلامية: اليوم قد تبدل مكان الجلاد والضحية في وسائل الإعلام الغربية، وتقوم هذه الوسائل بعرض الضحية كجلاد وبالعكس، ففي هذه الأجواء ماهي رسالة الإعلام المقاوم؟ إضافة إلى أن هناك كثيرا من الأدباء قاموا بالجهاد بأقلامهم وكتاباتهم وأشعارهم ولن يتركوا الساحة، أما مهمة ساحة الإعلام بقيت على عاتقنا، وبما أن للإذاعة والتلفزيون دورا أساسيا وهاما في هذا المجال، شهدنا أخيراً رئيس الإذاعة والتلفزيون الإيراني بيمان جبلي قام بزيارة لبنان على رأس وفد إعلامي وكان ذلك في أجواء عيد المقاومة في إيران ودول محور المقاومة.
جبلي في بيروت
جبلي في سبتمبر 2005، تولى إدارة مكتب قناة العالم في بيروت، بعد 3 سنوات من الخبرة كمدير عام لأخباره، وتُعد حرب الـ 33 يوماً بين الكيان الصهيوني وحزب الله للبنان من أهم الأحداث التي حدثت خلال حضور جبلي في بيروت، ومكث في بيروت حتى عام 2008، وكان افتتاح قناة "العالم" في سوريا من الإجراءات الأخرى التي اتخذها جبلي، عمل قد يكون تحية لجبهة المقاومة.
وفي هذا الصدد، قال: "إن أحد الأسباب الرئيسية لإنطلاق قناة العالم في سوريا ومن العوامل التي ضاعفت دافعنا لإطلاق هذه القناة كان تركيز الشهيد سليماني للحفاظ على إنجازات جبهة المقاومة.
وكان تفسيره أن دماء أبنائنا ومجاهدي جبهة المقاومة التي أريقت لتثبيت هذه الجبهة والإنجازات في سوريا والعراق ومناطق أخرى ينبغي أن لا تضيع، أو في تفسير ذلك الشهيد الكريم، نحن هزمنا الجماعات الإرهابية وأعداء محور المقاومة والآن في مجال الرأي العام لا يجب على الآخرين الركوب على هذه الموجة ويريدون تحريك المنطقة في الإتجاه المعاكس لأهداف المقاومة".
هذه كانت نبذة عن سوابق رئيس مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الايرانية الدكتور بيمان جبلي الذي زار لبنان، والتقى خلال زيارته بأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وخلال اللقاء تم استعراض المسؤوليات والمهام التي يتحملها محور المقاومة على الصعيد الإعلامي والتحديات الإعلامية والسياسية التي تواجهه وكيفية التعاطي معها كجزء من المقاومة الشاملة في مواجهة الإحتلال والهيمنة.
من جهة اخرى استقبله رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري وقدم جبلي للرئيس بري التهنئة بعيد المقاومة والتحرير كما كانت مناسبة جرى خلالها عرض للاوضاع في لبنان والمنطقة .
وأكد جبلي على تعزيز ودعم وحماية المقاومة والشعب المقاوم وقال: نحن في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية بدورنا نعتبر أن دور الإعلام في هذه الظروف وفي هذا التغيير الإستراتيجي في الخارطة السياسية في المنطقة وفي العالم صار مهماً أكثر ونحتاج الى تكاتف قوانا مع الإعلام في جبهة المقاومة ومحور المقاومة كي تتزايد يوماً
بعد يوم . وفي نفس السياق التقى جبلي مع وزير الثقافة والإعلام اللبناني القاضي محمد وسام المرتضى وأكد خلال مؤتمر صحفي على أهمية تحصيل الثقافة والتحصن بالوعي لمواجهة الإحتلال الصهيوني وإفشال مخططاته الرامية للنيل من محور المقاومة.
كما واستهل جبلي جولته وفي اليوم الثاني من زيارته للبنان بزيارة عوائل الشهداء فكانت المحطة الاولى في منزل الشهيد مصطفى بدر الدين ذو الفقار حيث التقى بعائلته واثنى على مسيرة الشهيد القائد الجهادية وما قدمه في طريق المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني من انتصارات وخاصة في معركة فجر الجرود ضد العصابات التكفيرية.
وزار منزل عائلة الشهيد الحاج عماد مغنية، وكان في استقبالهم زوجة الشهيد مرحبة بالوفد ومؤكدة على استمرار تمسك العائلة بخط المقاومة بقيادة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
زار جبلي ايضاً النصب التذكاري للشهيد "قاسم سليماني" الواقع امام مخيم برج البراجنة.
كماالتقى رئيس الإذاعة والتلفزيون الإيراني بممثلين عن وسائل الإعلام اللبنانية المؤثرة، واستعرض جبلي في هذا اللقاء وضع الإعلام الإيراني لاسيما الاذاعة والتلفزيون وأكد على ضرورة تطوير التفاعل بين الإعلامين الإيراني واللبناني وذلك في أجواء سادتها الودية والصميمية.
ورداً على سؤال حول القوة الإعلامية للعدو ضد إيران ومحور المقاومة أكد ان وسائل الإعلام المعادية، رغم أنها أقوى من أعلامنا من الناحية الفنية والتجهيزات وتتمتع بإمكانيات أكثر منّا، إلا أنها ما زالت توسع نطاق حربها الاعلامية بشكل سلبي ضد الثورة الإسلامية .
ولقد تمّ في هذا اللقاء تكريم الإعلاميين البارزين.
ضرورة تطوير خطاب الإعلام المقاوم
هذا وقد نرى ضرورة تطوير خطاب الإعلام المقاوم بمختلف الوسائل، وفي مواجهة الخطط التي تقوم بها وسائل الإعلام وماكينات الإعلام الغربية من بث الفرقة والفتن وعدم إظهار إنجازات وقدرات المقاومة.
دول محور المقاومة ومنها ايران التي تهتم بعلاقاتها الودية مع هذه الدول التي لديها معهم قواسم مشتركة ومنها فلسطين التي هي البوصلة للجميع، قاموا بعروض مشتركة للأفلام والمسلسلات إضافة إلى النشاطات الثقافية التي تقام على مستوى دول المنطقة، بما فيها معارض الكتاب الدولية وترجمة كتب سير شهداء المقاومة وإنتاج أفلام المقاومة وأناشيد المقاومة التي تجتاح المنطقة، وهي كثيرة لا تُعد ولا يمكن عدّها في هذا المقال، وتحدثنا عنها سابقاً، كما شهدنا عرض أفلام إيرانية مدبلجة أو بترجمة مكتوبة للأفلام في لبنان، منها فيلم "هناس"، وفيلم "دون موعد مسبق" وغيرها.
ان المقاومة إستطاعت من خلال الوحدة والتعاون الثقافي والإعلامي المشترك ان تفشل مخططات العدو في كثير من الأمور، كما اننا شهدنا أن "جبهة الإعلام المقاوم في بيروت أقامت لقاءات تضامنية مع القنوات والمؤسسات المستهدفة، وذلك رفضاً للقرصنة الأميركية للمواقع الإلكترونية التابعة لمؤسسات وقنوات محور المقاومة واستنكاراً لفرض الهيمنة الأميركية ودعماً لحرية الرأي والتعبير ودفاعاً عن قضايا الأمّة.
وأكد المشاركون فيها على أن الحجب الأمريكي ضد المواقع الإعلامية للمقاومة يدل على ان تأثيرها القوي على الرأي العام بات كبيرا، وأن الخطوة الأمريكية بقرصنة المواقع الكترونية التابعة لمحور المقاومة كشفت زيف شعار حرية التعبير، ونظام التفرقة والعنصرية لم يعد قادرا على تحمل مصداقية وقوة قنوات اعلام محور المقاومة.
الإعلام المقاوم ركن أساسي من أركان الإنتصار
من جهة أخرى نرى أن الإعلام المقاوم ركن أساسي من أركان الإنتصار، وثقافة المقاومة التي يمكن بثها ونشرها عن طريق وسائل الإعلام يُعزز روح المقاومة بين المجاهدين ويؤثر في وحدة محور المقاومة، ومواجهة العدوان والإحتلال الصهيوني، في الحقيقة المقاومة هي التي تعطي لدول محور المقاومة الأهمية في مختلف الساحات السياسية والعسكرية والثقافية والإجتماعية وغيرها، ليتمكنوا من حمل مشعل الثقافة والحضارة، فنجاح المقاومة يشكل حافزاً للانتفاضة الفلسطينية، كما أن الكاميرا التي كانت ترافق المقاومين كشفت بالملموس عنصر التفوق الذي يمتلكه المقاوم على ترسانة الأسلحة الصهيونية.
الإعلام المقاوم الذي صاحب اجتياح المواقع الصهيونية والمواجهات وجهاً إلى وجه كان ركناً أساسياً من أركان الانتصار وكان عنصر جذب لتسليط الضوء من جانب المؤسسات المرئية والمسموعة والمكتوبة على ما كان يجري في جبهات الحرب مع العدو. كما أن انتفاضة القدس وغزة خلقت معادلات جديدة لا بد ان تفضي إلى الدولة الفلسطينية شاء الاحتلال أم أبى.
الإعلام المقاوم ومواجهة الغزو الثقافي
الإعلام المقاوم وثقافته هو المستهدف الأول من حرب القوة الناعمة الأمريكية، من خلال ما شهدناه من وقف طباعة صحف ومنع بث محطات وحجب مواقع وصفحات وحسابات، وغيره التي ذكرناها سابقاً، أما الإعلام المقاوم يستطيع بقوة أن يواجه الغزو الثقافي الذي يتبعه إعلام العدو في غزو ثقافة دول محور المقاومة، فالدور الإعلامي في مواكبة طريق الشهداء وتبيين الحقائق لا يمكن إخفاؤه، كما قال الدكتور بيمان جبلي: الاعلام الملتزم والمقاوم يستمر في ايصال صوت الشهداء والمقاومة، صوت الحق الى العالم وخاصة في هذا الزمان الذي يلتبس به الحق والباطل بوجود وسائل اعلام تعمل دوما على تشويه الحقيقة وبالتالي يكون دورنا اليوم أقوى وأهم من السابق في ايصال الحقيقة.