حلمت بالفضاء منذ الطفولة

رواية للدكتورة وفا صدقي، طالبة الهندسة الكهربائية،والمتخصصة في أنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية من جامعة أمير كبير للتكنولوجيا،وخبيرة في تكنولوجيا الفضاء ومديرة ضمان انتاج القمر الصناعي «بيام امير كبير»

ليلى بارسافر
بقلم
" بيام امير كبير" بدأت أنشطتي الفضائية في عام 2007 وكان مشروعي الأول هو القمر الصناعي، وكانت مهمة هذا القمر الصناعي تصوير سطح الأرض بدقة تصل إلى حوالي 40 مترًا وإرسال واستقبال رسائل المستخدمين، والمهمة العلمية لقياس الإشعاع الفضائي في الغلاف الجوي الخارجي. اليوم،عندما أنظر إلى هذا المشروع،أعتبره أحد الفصول الناجحة في حياتي،خاصة وأنني حلمت أن أصبح رائدة فضاء وأختبر الفضاء اللامتناهي. بدأنا مشروع " بيام" بعملية توطينه لأن الدول الأجنبية لم تكن على استعداد لإطلاق أقمارنا الصناعية بسبب الحظر. لهذا السبب،اتخذنا خطوة نحو إضفاء الطابع المحلي على بيئة تصنيع الأقمار الصناعية،بحيث تكون جميع المعدات والأنظمة الفرعية للقمر الصناعي نتيجة جهود الشركات القائمة على المعرفة في البلاد. لقد تعلمت الكثير في هذا المشروع، كان الأهم هو روح التعاون والعمل الجماعي. لقد أدركت في هذا المشروع أنه يمكننا متابعة أحلامنا الطموحة وتحقيقها،والآن أتمنى حقًا ألا يشعر أي شاب في بلدنا أنه لا يستطيع تحقيق أحلامه ومعتقداته.
في عام 2007،كنت واحدة من 65 شخصًا لديهم حلم. كنا 65 صديقًا وشريكًا وزميلًا في الدراسة وكان لدينا جميعًا حلم مشترك ؛ على الرغم من أنني في تلك اللحظة السحرية من الإطلاق،ذهبت إلى موقع الإطلاق مع فريق مكون من 15 شخصًا،لكنني شعرت ان جميع اعضاء الفريق بجانبي . ان قمر " بيام" بدأ عمله في العام 2006 . مع ثقة منظمة الفضاء في الفرق الجامعية لتحريك العجلة الثقيلة لهذه الصناعة في إيران.ان نسبة 20٪ من مجموعة فريق قمر" بيام" كانوا من النساء. لقد عملن في 9 أنظمة فرعية في المشروع ومن الحق القول أنه في كل قسم كن يعملن فيه،كان لديهن أيضًا دور قيادة الفريق. كانت الخبيرات المتواجدات في مشروع القمر الصناعي "بيام أمير كبير" بغض النظر عن العدد لهن تأثير كبير في رفع جودة وكفاءة المؤشرات واستطعن تحقيق نتائج جيدة في سلسلة التعاون مع الرجال.
بعد عامين، تم الانتهاء من التصميم المبدئي والأولي والتفصيلي وبدأنا في بناء النموذج الهندسي، وأخيرًا، في عام 2010، تم بناء النموذج الهندسي واختباره وإثبات وظيفته. لقد قطعنا منعطفا كبيرا في هذا المجال، وأصبحت صورة المستقبل أكثر وضوحًا ويمكننا ان نتصور وجودنا بالقرب من القمة ؛ على الرغم من أن فريقنا المكون من 65 عضوًا قد تغير واختار الكثير منا مسارات جديدة لحياته،إلا أن آمالنا وأحلامنا نمت أكبر وأكبر،وأولئك الذين بقوا حملوا عبء الآخرين بلا كلل. أصبح " بيام" احد اطفالنا جميعًا. طفل نما أكبر وأكبر أمام أعيننا وتركناه يرحل ببطء ؛ لكن كل شيء كان يسير بصعوبة بالغة. لقد مررنا بالعديد من المطبات في مسيرتنا العملية وعندما فشل صاروخ الاطلاق الاجنبي في عمله . بدأنا بانتاج صاروخ " سيمرغ".  أنشأنا فريقًا مرة أخرى في عام 2014. وبدأنا وضع تصاميم حديثة لنموذج هندسة مراقبة الجودة بناءً على متطلبات القمر "سيمرغ"، وانتجنا هياكل وقطعات جديدة في العام 2016 واجرينا العديد من الاختبارات والتعديلات،حتى تم تسليمه للجهات المعنية في العام 2018.
كان من المفترض أن نبني قمرًا صناعيًا لربط جزء من وجودنا بالفضاء. في اللحظة التي فصلنا فيها الموصل كأننا فصلنا الحبل السري. كانت لحظة صعبة. نظرت الى القمر من خلال تلك النافذة الصغيرة للمرة الأخيرة. كانت آخر مرة رأيته فيها. كان الأمر كما لو أننا وضعنا كل رغباتنا في صندوق وتركناه لمصيره. الآن كنا نقف في الاسفل ونشاهد ما يحدث على الشاشة، نستمع الى هدير القاذف( صاروخ الاطلاق) و نشاهد نقطة اللاعودة لنا وله. ارسلنا رسالتنا إلى الفضاء.
احساسي بتلك اللحظة لا يمكن وصفه، وكنت اتمنى ان تشاركوني ذلك الاحساس ولكنه مستحيل. انطلق القمر "بيام" فجر يوم 15 كانون الثاني / يناير 2019 وحدث ماحدث ولم تصل "بيام" إلى وجهتها. ولكن عندما ارسل بيام اولى اشاراته من محطة قشم،شعرنا بسعادة وحزن شديدين في نفس الوقت. حيث  أظهر  تحليل بيانات القمر ومسار  التتبع،بان القمر الصناعي قد سقط . لكن هذه لم تكن نهاية القصة. فقد جربنا 3 دقائق ذهبية بقي فيه القمر في المدار. في تلك اللحظات،كان من الصعب الحكم على طبيعة الفشل. كنا في وضع غريب،كنا قد نجحنا وفشلنا في آن واحد. كل ما عرفناه تلك اللحظة هو .. انها ليست النهاية.
أنا لست منزعجًا من ذلك. لقد حققنا العديد من الإنجازات في هذه السنوات من خلال الاعتماد على الخبرة والمعرفة التي اكتسبناها من "بيام". فقد دخلنا مجال التعاون الفني الدولي للفضاء. واصبح لدينا حضور نشط ورائع في منظومة (ابسكو) الدولية للاقمار الصناعية.
بعد كل شيء،يجب أن ندرك أن المعرفة التي أضيفت إلى البيئة العلمية والبحثية لبلدنا بسبب هذا الحادث كانت أكثر أهمية بكثير من وضع القمر الصناعي في المدار. المعرفة التي أثرت أيضًا على المجالات الصناعية
وحياة الناس اليومية.
بدأنا في بناء هذا القمر الصناعي بينما كانت مهمة صعبة لبناء فريق من المتخصصين،لكننا تمكنا من القيام بذلك. بدأنا العمل من الصفر،لأننا نعتقد أننا قادرون،حتى نتمكن من المضي قدمًا في بناء الأقمار الصناعية،والآن يوجد أكثر من 200 متخصص مدرب في الأقمار الصناعية،ومع الخبرة التي اكتسبناها،وصلنا إلى نقطة حيث يمكن أن نواصل عملنا. أنا متأكد من أن اقمار صناعية جديدة مثل " بيام" ستولد قريبًا ؛ وقريبا جدا. قصتنا لم تنته وهذه مجرد البداية فقط
في رحلتنا.

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي