بمناسبة يومه الوطني
التبرع بالاعضاء مقياس التضحية والخلود
الوفاق/ عاماً بعد عام، تنتشر ثقافة التبرع بالأعضاء في إيران، وإن كان بعض العائلات ترفض الرضوخ للأمر، علماً أن السلطات في البلاد تجيز التبرع بالأعضاء في حال الموت الدماغي، فإن التبرع بالأعضاء هو ذروة تضحية الإنسان، الشخص الذي يقرر، في أصعب لحظة في حياته، التبرع بأجزاء من جسد أحد أحبائه الذي عانى من الموت الدماغي؛وقد خصصت له ايران يوم سمي باليوم الوطني للتبرع بالأعضاء في التقويم الإيراني واعتبر مقياس للتضحية والخلود.
يوم التبرع بالأعضاء في التقويم الإيراني
تم تحديد يوم 21 مايو باعتباره اليوم الوطني للتبرع بالأعضاء ويعني التبرع بالحياة. مع ذكرى فتوى الإمام الخميني(قدس) التاريخية بشأن السماح بالتبرع بالأعضاء،و بجهود مسؤولي وحدة التبرع بالأعضاء في جامعة الشهيد بهشتي للعلوم الطبية ووحدة التبرع بالأعضاء في مستشفى الدكتور مسيح دانشوري. وموافقة المجلس الأعلى للثورة الثقافية، تم تسجيله في التقويم الوطني للبلاد باعتباره اليوم الوطني للتبرع بالأعضاء.
ماذا يعني التبرع بالأعضاء
يُقصد بالتبرع بالأعضاء أن يمنح الشخص أو ولي أمره الإذن بالتبرع باحد أعضائه الصحيحة إلى شخص آخر لزرعها، والتي يمكن إجراؤها أثناء وجود الشخص على قيد الحياة أو بعد وفاته. تشمل عمليات الزرع الشائعة: الكلى والقلب والكبد والبنكرياس والأمعاء والرئتين والعظام ونخاع العظام والجلد والقرنية. يمكن زرع بعض الأعضاء والأنسجة لشخص آخر عندما يكون المتبرع على قيد الحياة، مثل إحدى الكليتين أو جزء من الكبد، ولكن في معظم الحالات يتم التبرع بالأعضاء عندما يكون المتبرع ميتاً دماغياً.
الغرض من التبرع بالأعضاء
الطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة للمرضى الذين يعانون من قصور القلب والكبد المتقدم وأفضل علاج لمن يعانون من الفشل الكلوي هو زرع الأعضاء. كل عام يموت عدد كبير من المرضى المحتاجين لزراعة الأعضاء في قائمة الانتظار، بينما تموت أعضاء الأشخاص الأصحاء المصابين بموت دماغي اثناء دفن الميت.
يمكن لأي شخص في أي عمر أن يكون متبرعاً بأعضاء أو أنسجة في حالة الموت الدماغي وبموافقة الأهل، وستحدد الحالة الطبية للشخص وقت الموت الدماغي قدرته على التبرع.
الأعضاء التي يمكن التبرع بها هي الكلى والكبد والقلب والرئتين والبنكرياس والأمعاء والأنسجة التي يمكن التبرع بها وتشمل القرنية والعظام والوريد والغضاريف وصمامات القلب والجلد والأوتار.
وتستخدم هذه الاعضاء على سبيل المثال من خلال التبرع بالقرنية، يمكن إعادة البصر إلى الشخص الذي أصيب بضرر شديد في العين. الوتر والغضاريف بتجديد الأعضاء التالفة.حيث يمنع ترقيع العظام البتر في سرطان العظام. تُستخدم صمامات القلب في الأطفال المصابين بأمراض الصمامات الخلقية والبالغين الذين يعانون من تلف الصمامات. ينقذ ترقيع الجلد المرضى الذين يعانون من الحروق الشديدة، زرع نخاع العظام هو العلاج الوحيد الممكن لبعض أنواع سرطان الدم وغيرها من الاستخدامات.
عادة ما يكون المتبرعون بالأعضاء ميتين دماغياً في وقت التبرع، ولكن من الممكن أن يكون المتبرع على قيد الحياة في وقت التبرع. بالنسبة للمتبرعين الأحياء، يخضعون لاختبارات مكثفة قبل التبرع بالعضو. كما يخضعون للتقييمات النفسية حتى يتمكن الأطباء من معرفة ما إذا كان المتبرع لديه حقاً موافقة كاملة على التبرع بالأعضاء أم لا. أخيراً، في يوم التبرع، المتبرع والشخص الذي سيتم زرع العضو أو الأنسجة له في المستشفى، وبات التبرّع بالأعضاء أكثر انتشاراً في البلاد. ويحرص البعض على كتابة وصية بالتبرع بالأعضاء في حال موتهم دماغياً. ويراجعون مستشفيات لتسجيل أسمائهم والحصول على بطاقة واهب أعضاء، وهو ما يعتبره البعض موتاً مثالياً. فإذا حان أجل الإنسان، الأفضل أن «يمنح الحياة لغيره». ويقول بعض المتبرعين إن أجسادهم بعد الموت ستكون طعاماً لكائنات تحت الأرض. لذلك، الأفضل أن تُهدى أعضاؤهم إلى الغير في حال الموت الدماغي، ليعيشوا أياماً أجمل . وقد اولى الدين الإسلامي أهمية كبيرة لإنقاذ أرواح البشر.
اصدار بطاقة لواهبي الأعضاء
وبحسب بيانات إيرانية رسمية، استحصل نحو 10 في المائة من الإيرانيين على بطاقة واهب أعضاء، أي ما يقارب 8 ملايين شخص، لنقل أعضائهم في حال الموت الدماغي إلى مرضى يحتاجون إليها. وبسبب زيادة الاهتمام بالأمر في البلاد، اختارت إيران يوم 21 من مايو/ أيار من كل عام ليكون يوماً وطنياً للتبرع بالأعضاء.
من جانب آخر، يواجه المتبرعون تحديات بسبب عدم إدراك البعض لمعنى الموت الدماغي، أو التفرقة بين الموت والغيبوبة. وعليه، ترفض بعض الأسر الإيرانية التبرع بأعضاء موتاها دماغياً. وعلى الرغم من التزام العائلات وصية الميت، إلا أن القرار النهائي يعود للعائلة بعد الموت.
المرجعيات الدينية في إيران تجيز التبرع بالاعضاء
وطُرح التبرع بالأعضاء لأول مرة من قبل الفيلسوف والطبيب ابن سينا، مؤلف كتاب «القانون في الطب». وشهدت إيران أول عملية زرع للأعضاء قبل 80 عاماً من خلال زرع قرنية. إلا أن التبرع بأعضاء الموتى دماغياً ظل أمراً شائكاً، إلى أن أصدرت المرجعيات الدينية في إيران فتاوى أجازت فيها الأمر، ليُطرح بشكل جاد في البلاد عام ألفين بعد سنّ قانون في هذا الخصوص في مجلس الشورى الإسلامي في إبريل/ نيسان من هذا العام.
وبحسب تقارير رسمية، يموت ما بين 6 إلى 8 آلاف شخص دماغياً سنوياً، 50 في المائة منهم بسبب حوادث السير، نصف هؤلاء يمكنهم التبرع بأعضائهم بعد الموت، أي نحو 3 إلى 4 آلاف حالة في السنة. ويجري التبرع بـ 25 في المائة من هذا الرقم، أي نحو
الربع.
وفي وقت سابق، قال رئيس قسم توفير الأعضاء في جامعة بهشتي في طهران، فرحناز صادق بيغي، إن 25 ألف إيراني في قائمة الانتظار للحصول على أعضاء، معظمهم مرضى كلى، يليهم مرضى الكبد والقلب والرئة، مشيراً إلى وفاة 12 إيرانياً يومياً بسبب عدم حصولهم على أعضاء، وهم في قائمة الانتظار.
واحتلت إيران الموقع الأول في آسيا لجهة التبرع بالأعضاء، والموقع الـ 38 في العالم خلال عام 2018. وتشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع عدد المتبرعين باطّراد خلال السنوات الأخيرة، في وقت ارتفع فيه مؤشر عدد الأعضاء المتبرع بها لكل ملیون نسمة في البلاد من 0.2 في المائة عام 2000 إلى 11.26 عام 2018، أي إنه سجل نمواً بنسبة 60 في المائة.
ازدياد عدد المتبرعين بالاعضاء في ايران
وتشير مواقع إيرانية إلى أنّ الحالات التي بات الأفراد يقرّرون فيها وهب أعضائهم بأنفسهم بعد وفاتهم، إلى ارتفاع، وتراوح أعمار هؤلاء ما بين 20 و30 عاماً. وفي البلاد اليوم، نحو ثلاثة ملايين واهب مستعدّون للتبرّع بأعضائهم في حال تعرّضهم للوفاة في أي لحظة، وهو ما يعني إنقاذ كلّ واحد منهم نحو سبعة أو ثمانية أشخاص.
تجدر الإشارة إلى أنّ عدد واهبي الأعضاء أخذ يتزايد منذ عام 2012. وتفيد مواقع رسمية بأنّ 96.3 في المائة من العائلات التي يُقترح عليها وهب أعضاء مريضها المتوفى بسبب الموت الدماغي، باتت توافق على الأمر، خصوصاً أنّ التبرّع يكون ببعض الأعضاء ليدفن جثمانه بعدها.