رئيس الجمهورية: إتفاقية سكة حديد «رشت - آستارا» خطوة مهمة واستراتيجية
مشروع سكة حديد منافس لقناة السويس
الوفاق/ خاص
أقدمت إيران وروسيا، الطرفان الأساسيان في ممر "الشمال - الجنوب" الاستراتيجي، أمس الأربعاء، على خطوة مهمة أخرى باتجاه تفعيل الممر من خلال إنشاء خط حديدي يربط روسيا بالخليج الفارسي عبر شبكة سكك حديد تمر من داخل جمهورية أذربيجان وإيران.
وبمشاركة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عبر خدمة "الفيديو كنفرانس"، وقّع وزير المواصلات الإيراني مهرداد بذرباش ونظيره الروسي فيتالي سافيليف على وثيقة إنشاء الطريق السككي بين مدينتي رشت وآستارا الإيرانيتين.
وقال رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مراسم التوقيع على إتفاقية: إن توقيع إتفاقية سكة حديد رشت - آستارا خطوة مهمة واستراتيجية في إطار التعاون بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا. وأضاف آية الله إبراهيم رئيسي: إن هذه الإتفاقية تعتبر خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون بين البلدين الذي يجري في مختلف المجالات، وهذه الاتفاقية تمثل أحد مؤشرات التعاون بينهما.
وتابع آية الله رئيسي: إن هذه الإتفاقية لا تنحصر في التعاون بين ايران وروسيا، بل إنها تصب أيضاً لصالح دول المنطقة، وإن ممر "الشمال - الجنوب" سيكون مفيداً لجميع دول المنطقة وهو يمتد من آسيا الشرقية الى جنوبها ويصل الى القوقاز وشمال أوروبا، ويجسد الصداقة والتناغم والتعاون التجاري والاقتصادي بين كافة هذه الدول، مؤكداً إن هذا التعاون سيعزز أكثر مما مضى.
وصرح رئيس الجمهورية: إن المحادثات المبدئية لهذه الإتفاقية بدأت قبل عقدين، إلا أنها توقفت لأسباب مختلفة، واليوم هذه الإتفاقية تحققت بفضل إرادة المسؤولين في ايران وروسيا باعتبارها مشروع كبير يصب لصلاح التجارة والاقتصاد والترانزيت في المنطقة. وأضاف: إن الحكومة الحالية تعمل على إستثمار طاقاتها لتبوأ مكانة مرموقة في النظام الدولي اعتماداً على سياساتها المتمثلة في حسن الجوار وإحياء الإمكانيات التي تتمتع بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
إلغاء التعريفات الجمركية خطوة كبيرة
ولفت آية الله رئيسي الى أن روسيا الصديقة تعرف أن ايران تتمتع بأقرب طرق وأرخصها للنشاط الاقتصادي والترانزيت، ويعرف الجميع أن موقع ايران في المنطقة يفتح المجال أمام توفير إمكانيات كبيرة في شرق آسيا وربط هذه الإمكانيات بأوروبا، واليوم نشهد التوقيع على هذه الاتفاقية التي جاءت في إطار الاهتمام بممر "الشمال – الجنوب".
وقدم رئيس الجمهورية شكره لتوجيهات سماحة قائد الثورة الإسلامية لإحياء الطاقات الاقتصادية وإمكانيات المنطقة في مجال الترانزيت، معرباً عن أمله أن تترك هذه الخطوة تأثيراً كبيراً على إحياء العلاقات بين دول المنطقة وتوظيف إمكانياتها الاقتصادية. وأضاف: إن الخطة التالية ستكون إلغاء التعريفة الجمركية بين ست دول باعتباره خطوة كبيرة بين ايران وروسيا ودول منطقة أوراسيا.
وتابع آية الله رئيسي: إن ممر "الشمال – الجنوب" يشمل روسيا وقرغيزيا وتركمانستان وايران، واليوم تم تدشينه بفضل المساعي التي بذلت في هذا المجال، وإن الجزء المركزي لهذا الممر يشمل بحر قزوين، ويجب أن نعمل بجدية على تعزيز الموانئ والملاحة البحرية في هذا الجزء.
تعزيز مكانة إيران في إقتصاد المنطقة
وفي جانب آخر من تصريحاته، أشار رئيس الجمهورية الى المشاريع التي تبنتها الحكومة للاضطلاع بدور أكبر في اقتصاد المنطقة، وقال: إن مكانة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في اقتصاد المنطقة والنظام الدولي ستعزز من خلال الإجراءت التي اتخذتها الحكومة وكذلك الاتفاقية التي تم توقيعها. وتابع قائلاً: إننا نعمل على تعزيز مشروع سكك حديد شلمجة – البصرة، وكذلك سكك حديد تشابهار – زاهدان، وبحر عمان والخليج الفارسي وربطه بأوروبا، مؤكداً ان هذه المشاريع تهدف الى تعزيز موقع ايران في مجال الترانزيت والحكومة تتابعها بجدية.
وأعرب آية الله رئيسي عن أمله بأن تسهم هذه المشاريع في تعزيز مكانة ايران في المنطقة وفي العلاقات الاقتصادية الثنائية ومتعددة الجوانب وكذلك في النظام الدولي. وشدد بالقول: إن ايران وروسيا تتمتعان بإمكانيات اقتصادية كبيرة للتعاون. وأضاف: إن البلدين عاقدان العزم لتبادل هذه الإمكانيات وتطويرها.
وأعرب رئيس الجمهورية عن أمله بأن تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في أقرب فرصة ممكنة من خلال التعاون الثنائي بين طهران وموسكو ومتابعة الرئيس والمسؤولين الروس وكذلك المسؤولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
تنويع مسارات النقل العالمية
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حفل التوقيع على الاتفاقية: إن هذه الفكرة (الخط الحديدي بين رشت وآستارا) التي تعود إلى ما قبل عشرين عاماً دخلت حيز التنفيذ بعد مفاوضات تمت.
ودعا بوتين إلى تنويع مسارات النقل العالمية، مؤكداً أن ممر "الشمال - الجنوب" سيكون له "دور كبير" في الأمن الغذائي بين إيران ودول الخليج الفارسي، مؤكداً إن تدشين هذا الممر سيمكن الجميع من تبادل السلع والمواد الغذائية بين دول بحر قزوين ودول الخليج الفارسي. وأضاف: إن إنشاء خط "رشت - آستارا" سيوصل موانئ روسيا على بحر البلطيق بالموانئ الإيرانية على الخليج الفارسي، مشيراً إلى أن افتتاح هذا الطريق السككي يشكل "فرصة جذابة" للاستثمار والتصدير بين المحافظات الروسية والإيرانية.
وأكد بوتين أن نقل السلع عبر هذا المسار التجاري يستغرق فقط 10 أيام؛ لكن اليوم عبر مسارات أخرى يستغرق 30 إلى 45 يوماً.
يتكون هذا الممر من شبكة خطوط بحرية وبرية وسكك حديدية يبلغ طولها 7200 كيلومتر، ويبدأ من بومباي في الهند ليربط المحيط الهندي ومنطقة الخليج الفارسي ببحر قزوين مروراً بإيران، ثم منها يتوجه إلى سان بطرسبرغ الروسية، ومنها إلى شمال أوروبا، وصولاً إلى العاصمة الفنلندية.
ويشكل ممر "الشمال - الجنوب" منافساً قوياً لقناة السويس المصرية، لكونه إحدى أرخص الطرق الرابطة بين قارتي آسيا وأوروبا، حيث تتقلص تكاليف النقل عبر مسار "الشمال – الجنوب" بمقدار 2500 دولار مقابل كل 15 طناً، فضلاً عن أن ذلك يستغرق 14 يوماً فقط، في مقابل 40 يوماً عبر طريق قناة السويس.