معلّمات غزة الصمود يرثين الشهداء الأطفال
في العادة عندما يحدث العدوان على قطاع غزة، يتسابق الصحافيون على إعداد قصص إنسانية تبرز حجم ضحايا المعركة، ودوما يكون أبطال الحكايات رجالا كادحين هزموا العدو مرارا، أو أمهات صابرات، لكن مؤخرا اختلف الأبطال وحتى الرواية فالشهيد وشاهد العيان أطفال.
ولم تعد مناقب الشهداء التي يتم تداولها في المجالس وعبر منصات التواصل الاجتماعي حكرا على الكبار، بل يسابق الصغار أقرانهم ومعلميهم لنعيهم بألم وغصة كبيرة على فراقهم، فعصافير الفصل سيقيدون في سجلات الغياب الحصة المقبلة.
بعد انتهاء معركة (ثأر الأحرار) سيعود صغار مدرسة أوائل وقادة وهم يفتقدون زملائهم الشهداء خاصة (ميار وعلي عز الدين) فخبر استشهادهما كان صدمة لزملائهما ومدرسيهما، فحتى اللحظة لا يعرف أسامة الزبدة كيف سيدخل إلى مدرسته وهو يعلم أنه لن يجد رفيقه (علي) ينتظره في الساحة كما العادة، وحتى الطفلة رنيس المينا ستدخل فصلها تبحث عن (ميار).
وكما وقع الحزن على زملاء الفصل شديدا وعبرت عنه الأمهات عبر صفحاتهن الخاصة على الفيسبوك، بكت المعلمات الصغار وأعلنّ الحداد على أرواحهم.
ورحل الصغيران برفقة والدهما الأسير المحرر طارق عز الدين، حين استهدفت طائرات الاحتلال منزلهما فجر الثلاثاء الماضي.
للشهيدة ميار حكاية
المعلمة مها الريفي قالت (للرسالة نت): "لم أستوعب حتى هذه اللحظة استشهاد طالبتي ميار، أغلق هاتفي مرارا وأحاول فتحه مجددا فقد يكون فايروس اخترق ونشر خبر استشهاد مدللتي الصغيرة.
تصف المعلمة الريفي طالبتها الشهيدة أنها "روح وفراشة الصف"، وكانت تتميز بأدبها وطاعتها الشديدة لمعلماتها، حريصة جداً لتكون متفوقة وتحصل على علامة كاملة، وتسعى لتكون الأولى على صفها.
وتحكي أن ميار كانت خدومة لزميلاتها ومطيعة حتى أن لها بصمتها خارج الفصل، وتشارك في أنشطة وفعاليات المدرسة، كما تتميز بخفة الظل وجمالها، فكان شعرها طويلا ناعما تلعب به زميلاتها ويسرحنه لها كما يحلو لهن.
وتعلق الريفي بغصة: "رحلت ميار ورحل شعرها وكل شيء جميل تملكه، لكن تبقت أمها وأختها وأخوها وسيرتها القصيرة الطيبة".
وتحكي موقفا حصل معها بداية العام حين كانت تخبر زميلاتها في غرفة المعلمات "ما يصبرني على صف خامس إلا وجود ميار"، مشيرة إلى أنها تعيش صدمة بعد استشهادها ولديها رهبة شديدة من الدوام أول يوم.
تقول: "لا أعرف كيف سأدخل المدرسة وخاصة صف ميار ولا أجدها كيف سأتحمل الموقف".
الحروف التي تعري الاحتلال وتكشف عنجهيته وضربه عرض الحائط بالقوانين الدولية التي تمنع قتل الأطفال الأبرياء.